الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعلان مابعد إعلان دمشق ...

جان كورد

2005 / 11 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يبدو أن الذين وقعوا على "إعلان دمشق" ، سواء أكانوا مثقفين مستقلين أم أحزابا ومنظمات، باتوا يدركون الآن حراجة موقفهم الذي أبدوه تجاه الحاكمين في دمشق، لكثافة ما يبثه الإعلام السوري الرسمي والمرتبط به بشكل غير مباشر مما يمكن اعتباره "استخفافا بالشرعية الدولية والقرارات الصادرة من قبل مجلس الأمن"... فقد أكد إعلان دمشق بصورة علنية بأنه غير معني بتغيير النظام وانما يريد دفع العجلة لاخراجها من حفرة الوحل اللزج، وتصليحها وتقديم النصيحة لسائقها وترتيب أثاثها الداخلي دون الاعتماد على أحد من خارج البلاد، لأن العربة سورية وهم سوريون والأفضل حل الموضوع السوري بأسره سوريا... من باب " أنا وابن عمي حتى ولو جنوا علي..."

والحقيقة تبدو غير المنشور علنا في إعلان دمشق وغيره، فالمعارضة السورية ليست قادرة حاليا على مواجهة النظام شارعيا أو برلمانيا أو عسكريا أو دوليا ، وهي عاجزة عن أداء مهامها كمعارضة حقيقية، بدليل أن النظام لايزال يعتقل من يريد، وإسكات من يريد، وتمزيق أي تنظيم يشاء أو تقزيم دوره في المعارضة، وآخر ما قام به النظام هو إلقاء القبض على الدكتور كمال اللبواني في هذا الوقت بالذات دون أن يلقى مقاومة حقيقية في الشارع السوري، فإما أن المعارضة عاجزة عن منع النظام عن اتخاذ مثل هذه القرارات الخطيرة في هذه الأيام العصيبة أو أنها متفقة مع النظام الحاكم ضمنا على لجم أي حركة باتجاه الاتصال بالمحيط العالمي الخارجي.... وفي كلا الحالتين هي مقصرة وضعيفة تماما... إذ أن النظام ما كان ليقدر على إظهار اتصال سياسي اعتيادي للدكتور كمال اللبواني بسياسيين أمريكان وكأنه ارتكب "خيانة عظمى" في ذات الوقت الذي يتصل فيه أعضاء من النظام ليس فقط بالسياسيين الأمريكان وإنما باسرائيليين أيضا... فهل قبض الدكتور اللبواني من الأمريكان مالا على ذلك اللقاء، وهل طلب منهم القيام بانقلاب عسكري في دمشق، أم أنه وعدهم بالقيام بالتجسس لصالحهم في سورية؟... هذا هراء ولايمكن الاقتناع به أبدا... فلقد أبدى الرجل رأيه في مختلف المسائل السورية ومنها موضوع النظام، وهذا حق من حقوق الإنسان مضمون في اللائحة العالمية لهذه الحقوق، وأمر طبيعي وديموقراطي في عصرنا هذا، فالحوار لغة ممتازة لانهاء الجفاء والخلاف وتقريب وجهات النظر وفك النزاعات، وسوريا النظام بنفسها راغبة جدا في اقامة علاقات ممتازة مع أمريكا التي يتم تصويرها إعلاميا على أنها فرانكشتاين لايهمه سوى إلتهام ضحيته السورية... ففي أمريكا أناس كثيرون من السياسيين والديبلوماسيين لاينظرون إلى النظام البعثي القائم في سوريا على أنه من دول "محور الشر" الخطيرة، بل مجرد خارج على الخط ، يجب اعادته إلى حظيرة المصالح الاستراتيجية والاقتصادية الأمريكية، ليس إلآ... وماذا ستفعل سوريا وحدها في محيط متفق مع أمريكا في كل شيء؟ هل من مصلحتها الالتحاف بلحاف إيراني؟ لا أعتقد أن هذا في مصلحة الشعب السوري اليوم...

فلماذا لم تستثمر المعارضة السورية مسألة اعتقال الدكتور اللبواني لصالح إعلان دمشق مثلما استثمرت المعارضة من قبل مسألة الأساتذة أكثم نعيسة ورياض سيف ورياض الترك؟... فهل فقدت الرغبة في تتبع ملف حقوق الإنسان؟ كلا.. ولكن يبدو أن هناك من يسير في خط مواز لخط النظام تجاه العالم الخارجي... وبخاصة هناك حساسية بالغة في المعارضة السورية تجاه أمريكا ...

ولقد صرح أحد الكوادر المتقدمين في الحركة الكردية السياسية المنضمة إلى "إعلان دمشق" بأنهم في هذه الحركة على الخط الموازي لخط النظام ، وأضاف " الخطان المتوازيان لايلتقيان!".. إلا أنه نسي أو تناسى أن "الخطين يسيران متوازيين في اتجاه واحد".

الموقعون على "إعلان دمشق" يؤولون ما اتفقوا عليه من وجهات نظر مختلفة، ومنهم من شرع يتملص فيما تم الاتفاق عليه، وبخاصة فيما يتعلق بالحق القومي الدستوري للشعب الكوردي في سورية...أو يتملل من إلحاح الحركة الوطنية الكوردية السورية، بعد أن تلقت هذه الحركة كثيرا من النقد، ليس من الجماهير الكوردية فحسب وانما من طرف منظماتها الحزبية والأقلام المثقفة ضمن وحول الحركة، وبخاصة من الذين يعيشون في الخارج، وهم كثر، ويقولون ما يرونه صحيحا دون مواربة ودون رقابة...

الموقعون على "إعلان دمشق" أتوا من زوايا فكرية ونقاط ارتكاز سياسية مختلفة أيضا، والسر الذي لم يتم توضيحه حتى الآن هو: كيف التقت كل هذه الأطراف ، الإسلامية والشيوعية والديموقراطية، الكوردية والعربية وغيرها، المهادنة للنظام وللمعارضة بقوة له حول هكذا "إعلان!" ولماذا "إعلان دمشق!" ؟ هل المقصود به أن المعارضة في أقوى مراكزها في دمشق أم أن المطبخ دمشقي؟...

طبعا... ستثير المواقف الأخيرة للنظام من مطالب ميليس زوبعة كبيرة في حلقة الموقعين على "إعلان دمشق"، وبخاصة بسبب أسلوب المساومة والمناورة والمماطلة، بذرائع عروبية الرداء، دون اهتمام بما قد يتعرض له الشعب السوري نتيجة هذه السياسة التي لن تأتي بخير وسيتم التراجع عنها بالتأكيد... ولكن بعض الأطراف ستطلب من الأخرى التقدم خطوة أخرى نحو درجة أعلى من درجات المعارضة، ومنها "إعلان القطيعة مع النظام ورفض مشاركة البعث في المسيرة المشتركة والتجرأ على اقامة علاقات متوازنة داخليا وخارجيا..." وما إلى هنالك من نقاط لم تكن موجودة في الإعلان قبل الآن....

إذا ، نحن أمام مرحلة يمكن وصفها ب" مرحلة مابعد إعلان دمشق" ، وهذه ستكون مرحلة أخطر مما كانت عليه المراحل الماضية في تاريخ المعارضة السورية.. إنها مرحلة "المواجهة مع النظام ومع الذات" ، ولكن ليس كل الموقعين على "الإعلان الدمشقي" قادرون على تجاوز الخطوط الحمراء والانتقال إلى ساحة المواجهة، وهذا أمر لايمكن تجاهله.. ويعني في نفس الوقت أن الحاجة إلى "إعلان لما بعد إعلان دمشق" باتت ملحة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل سيؤدي تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل للضغط على نتن


.. الشرطة الهولندية تفض اعتصام طلاب مؤيدين لغزة بجامعة أمستردام




.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا


.. طالبة تلاحق رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق وتطالبها بالاستقا




.. بايدن يقول إنه لن يزود إسرائيل بأسلحة لاجتياح رفح.. ما دلالة