الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إرث -يوم الأرض- و-اليسار الصهيوني-!

سليم سلامة
كاتب، صحفي، مترجم وحقوقي

(Saleem Salameh)

2016 / 4 / 2
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


في لجة العمل السياسي:

إرث "يوم الأرض" و"اليسار الصهيوني"!








*نقطة الارتكاز*


نحاول، في سلسلة من المقالات، نفض بعض المصطلحات والمفاهيم المتداولة، السائدة والشائعة، في قاموسنا وعملنا السياسيين لإزالة ما تراكم عليها من غبار وصدأ ـ سياسيين ـ أحدثا فيها، بالضرورة، تشوهات عميقة وخطيرة تضعنا أمام مسؤولية جسيمة (تاريخية!) إزاء الحاجة الماسة إلى إعادة النظر في هذه المفاهيم والمصطلحات ومراجعتها، كخطوة أولى وشرط ضروري للخروج من براثن هذه الحالة المَرَضيّة التي تستبد بنا منذ أكثر من عقدين وتكبّدنا أثمانا باهظة، فردية وجماعية، تفوق قدرتنا على التحمل وعلى "الدفع"، مستقبلا بالأساس. إنها حالة الفوضى واختلاط الأوراق، إمّحاء الحدود وتلاشي الفوارق وكأننا أصبحنا ـ كلنا، أحزاباً وحركات ونشطاء ـ مجرد "مركّبات وعناصر" في العمل السياسي، متساوية ومجبولة من الطينة ذاتها (الفكرية والسياسية و... الأخلاقية!)، تعكس الألوان ذاتها وتـُصدر الأصوات ذاتها! ... وهو ما يشكل تراجعاً خطيرا، في الأقل، عن إرث "يوم الأرض" الذي حلت ذكراه الـ 40 هذا الأسبوع ودروسه، وفي مركزها: الفرز الواضح، حد السكين، بين القوى الوطنية المناوئة لسياسة السلطات الرسمية والمتصدّية لها، من جهة، والقوى الأخرى من المذدنبين بالسلطة، المتملقين لها، الساعين في ركبها والدائرين في فلكها، في العلن وفي الخفاء!
وهي مراجعة لا غنى عنها إذا ما توخينا إعادة العمل السياسي المحلي إلى منهجياته الصحيحة، إلى سياقه الطبيعي ومجاله الحيوي، بما ينبغي أن تقود إليه هذه المراجعة من إعادة فرز ندرك أنها ستكون صعبة وموجعة بلا شك، خاصة وأن كثيرين من نشطاء وقادة العمل السياسي اليوم لم يجربوا في الممارسة شيئا آخر، لا في الواقع الإسرائيلي العام ولا في الواقع العربي المحلي الخاص! والمؤسف، كما يبدو واضحا من رصد الحراك السياسي ومتابعته، أن بعضا من هؤلاء الذين لم يجربوا شيئا آخر لا يكلفون أنفسهم عناء تثقيف الذات، بما في ذلك دراسة التاريخ واستخلاص ما فيه من دروس. وقد يكون هذا ليس ذنبهم هم، بل الواقع الحالي هو الذي لا يحفزهم ولا يشجعهم على القيام بذلك، إذ "لا يرون حاجة" له في واقع "كله ماشي" الذي صارت السياسة في كنفه نوعا من "العلاقات العامة"، بما فيها من فرص النجومية الفردية التي تضع الإطار السياسي برمّته، فكرا وتنظيما، في ظل هذه النجومية، يستمدّ منها حضورا ومشروعية، بدل أن يكون هو مصدر وجودها ومشروعيتها، ثم ركيزتها وسندها!
هل بالإمكان ممارسة العمل السياسي اليوم بما أصبح يبدو في نظر كثيرين أنه أدوات ومنهجيات "متقادمة"، كما يردد بعض الما بعد حداثيين المتحمسين وهم يحاولون إقناعنا بأن المسألة، في مجملها ومحصلتها، ليست سوى "معركة روايات" (تتحدد الغلبة فيها بمدى الاجتهاد في طرحها وتسويقها!) وبأن ليست ثمة حقائق موضوعية، على الإطلاق!
وبالاهتداء بمقولة ماركسية أساسية بشأن البحث عن الحقيقة (يجب أن تكون أدوات البحث وطرقه حقيقية، أيضا وبالضرورة!)، ينبغي لعملية المراجعة هذه، بما فيها إعادة الفرز ـ ولا أقول إعادة التاريخ ولا إعادة العجلات! ـ أن تجري على أرضية الوضوح. لا مفرّ من العودة إلى أصول الأشياء ومنابعها، إلى ما قبل تراكم الغبار والصدأ ـ السياسييّن ـ عليها وإلى ما قبل تحوّلها، بفعل استخدامها المتكرر جرّاء كسل أو قصور (وتشوّه) فكري، أو بدوافع وحسابات انتهازية خالصة، إلى مسلـّمات مفروغ منها نتداولها ونرددها وكأنها طبيعية ومنطقية، بل لا طبيعي ولا منطقيّ سواها!
وتتحمل الأحزاب، ذات الأرصدة الإيديولوجية والتاريخية، ذات القواعد الجماهيرية والقيادات الجماعية، مسؤولية هذه المراجعة، إن توفرت لديها إرادة الحياة ورؤية المستقبل، بما ستفضي إليه (المراجعة) من وجوب التخلي عن بعض تلك القناعات، المفاهيم والمصطلحات، وبما تعنيه من إجراء تعديلات وتغييرات في كثير من المواقف، الارتباطات، الاصطفافات، التحالفات والمنهجيات. وهو تحدّ نفسيّ غير هيّن، قبل أن يكون عقليا، فكريا وتنفيذيا، يحتاج إلى قيادات قادرة على تحمل مسؤولياتها الجماعية في اللحظة الزمنية العينية، مستفيدة من عبرة أساسية: أي إجراء يتم تأجيله وعدم تنفيذه في وقته المناسب، سيحتاج (تنفيذه) لاحقاً إلى وقتٍ أطول، جهدٍ أكبر وتكلفة أبهظ... إن بقي من الممكن تنفيذه، أصلاً!
في مركز المصطلحات والمفاهيم التي أرى حاجة ماسة وملحّة إلى نفضها ومراجعتها، بل أولها وأهمّها في سياق العمل السياسي المحلي، مصطلح "اليسار الصهيوني" وما يحمله من دلالات، على خلفية ما بلغه من هيمنة تكاد تكون مطلقة على عملنا السياسي، لغته وتطبيقاته، حتى صار يتحكّم بأدائنا السياسي إلى حد كبير فأصبح من غير الممكن، بالتالي، إصلاح ما تضرر فيه وتشوّه بغير التخلص، أولاً، من عبء هذا المصطلح الفكريّ والتحرر من قيوده التطبيقية، آثاره وانعكاساته.




*مدخل*


لم نكن في حاجة إلى الفلتان القومجي، عند حدود الفاشية بالممارسة، الذي اجتاح إسرائيل، الرسمية والشعبية، تأييدا ودعما للجندي الذي أعدم الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف في الخليل، كي نفهم مدى عمق الأزمة، الفكرية والسياسية، الجماهيرية والأخلاقية، التي يتخبط فيها جناح من التشكيلة السياسية الإسرائيلية يُطلق على نفسه (ونطلق نحن عليه!!) زورا وبهتانا وتجنياً على كل الحقائق، اسم "اليسار" (و"المركز").
فهل ثمة في إسرائيل يسار حقيقي، فعلاً؟... نعود لمراجعة تعريفات "اليسارية" (الليبرالية والديمقراطية الاشتراكية، فقط!) ومنظوماتها القيميّة وما تصوغه من حقوق وحريات، من جهة، ومراجعة الصهيونية، حركة قومية عنصرية فكراً، استعمارية تطبيقاً، من جهة أخرى، لنجزم بأقصى الموضوعية: لا يمكن لليساري أن يكون صهيونيا، كما لا يمكن للصهيوني أن يكون يساريا. إنها ("يسار صهيوني") توليفة غير طبيعية، غير منطقية، ولذا فهي مستحيلة وعصية حتى على التهجين! فكيف إذا كان هذا "اليسار" يضع صهيونيته في المقدمة والصدارة ويتخلى، بسهولة "طبيعية" فائقة، عن كل ما يصطدم بها ويتعارض معها في أي امتحان تطبيقي؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا


.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2




.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع


.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم




.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.