الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثمة فراســـخ عن الغد

عباس الحسيني
شاعر ومترجم وكاتب معرفي

(Abbas Alhusainy)

2003 / 1 / 27
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


قريبا من العراق ، قريبا من الجنة

ثمة فراســـخ  عن الغد

 

في صباح رياحين تنور الفجر ، وعبث فخاتي وقبرات الصباح  ،  كانت المنكوبة صبيحة ، وهي الأخت الوسطـــى  لخمسة اطفال ، لا يدركون الفرق بين حلوى قشور البطيخ الممهورة بدهن الأخشاب ( غير الدهن الحرّي طبعا ) وبين خبز الشعير الإلهي ـ وذلك انه قد يأتي / في حصتهم التمونية ، اي الخبز طبعا ، وذلك اذا شاءت مشيئة القائد وكرمه البعثي ، التكريتي ، العوجي الإسطبلي ، الرئاسي الملكي ، العسكري المدني ،

وقد لا ياتي ذلك الخبز ابدا ، وعليه فما من نتيجة سوى الدعاء والتقدم الى حيث ، شموع المهدي ، ومكاتبة غودو التناص الإرثي ، في مسخ التعاقب والتقادم على بني اليوم في حزن عراق اليوم .

لم اكن في مدينتي الصغيرة ، الديوانية ، سوى طفل قراءة أهرع كل هبة عيد وعطاء عائلي ، الى ضفة نهر الديوانية ،  لأنهل من مبيعات الكتب الرخيصة للبائع - ماجد - نصف الأعمى ـ وهو الأشد إبصارا من بطليموس !!

  كانت المدينة تفتخر بحسينياتها وشيوعيتها وليبراليتها وبكوكب حمزة وكزار حنتوش وكثيرون ، وكان الأحداثي العامودي لهذه المدينة ( قرى الجوار ) وارث شعر الأمس ومجالس حمد آل حمود والرميثة ، الشرارة الأولى لثورة العشرين ،  وكانت بغداد ام الدنيا - احداثي المثول الأفقي -  .

 

وفي يوم مؤتلق الأماني والحياة ، دعت الدولة - ولا ادري الى الآن من هي الدولة في العراق -  كل طلاب المدارس من الاطفال  الى رجال الجامعات ، الى مشاهدة عرض هو العرس الدموي المثير ، حيث كان المشهد ، وهنا الإشارة إلي ، إلينا ، إلى كل العراقيين وعرب اللا تحاور ، لا الى إحصائيات تقارير الأمم المتحدة وسجلات حقوق الإنسان ، أقول ان العرض كان في ملعب الإدارة المحلية والتأريخ عام 1984 ، والمكان الديوانية ، محافظة القادسية ، وقد تمثل العرس الدموي ، بوضع ثمانية رجال ممن آثروا من حرب الثمانينات ، وهم مقتادون بملابسهم المدنية ، ليسمروا على أعمدة الإعدام الجماعي ، فيما إنهالت ، وبعد قترو وجيزة ، على اجسادهم رصاصات اللا رحمة واللا حنو ، وبكثافة كل امطار تشرين ، وشلالات علي كلي بــــــك ، حتى خروا الى الأرض صرعى ، وقد همس احد الطلبة لزميله ، قائلا : فمنهم من قضى نحبه ومن من ينتظر وما بدلوا تبديلا .

 

  لقد ذهل  طلبة المشهد ، وكنـــا قد ادركنا حينها ، هذا الدرس الصدامي ، وحقيقة مغزاه المستقبلي الأسود ، هذا جزاء الخونة الذين يفرون معركة قادسية صدام !!

كانت الجملة الأخيرة ، هي الثيمة المتبقية في خاطـــرة المشهد الدموي ، ولمن لم يسعفه زمن التورية والجناس التقاتلي ، فإننا لأعلم بمقابر اخوتنا الجماعية هناك ، الى القرب من العراق ، وحيث القتيل الأخير من اخوة صبيحة ، تلك المرأة الثكلى بكنوز  ذخائر الأمهات ، ويا ليتهن كن عند صلات الغفيلة ، هناك ، على مقربة من الغسق المطل على شموع خضر الياس وليلة الصعود الى الأســــــــــــى .

 ويا ليت حلاج القبور اطال الوقف عند مدفن هؤلاء الضحايا ، ويا ليت عرب اللسان، كانوا قد أفاقوا ولو لوهلة ، من عجزهم القومي ، والأخلاقي والإنتمائي ومن تعاطفهم مع صدام الشائخ في الجريمة ، وهو الصورة التي لطالما كبرها ، ويكبرها وويحرص على تنظيفها الغرب كل الغرب بأسره ، وذلك لتطل على مسرح الحياة الآمنة ، نقيضا للسؤدد الإنساني ، وللجمال المعرقي ، ونقيضا لإزدهار روح الإنسان على حساب روح الشيطان .

 انها الصورة القرار والأثر الماثل كل يوم  وكل ساعة ، لا لشيء ، إلا لتشير الينا ، الى مأساوية التدنّـــي الإنساني ، والى حقيقة مرض وتقهقر الضمير العروبي الإخلاقي ، من ان يقول كلمة واحدة ، كفاك قتلا وتشريدا وتدميرا واحلاما مهيضة ، ياصدام ، ولو على حسابات الطائفية والأنـــــــــــــا المتعالية ، تحت اقدام الطغــاة من ، نبو خذنصر الى صدام ، وكأن الأكراد والشيعة ، وبقية اهل العراق ، مجرد جراد وهوائم ماء ، وكأن صدامــــا بعدد من صواريخ سكود ومبيعات كوبونات النفط المهرب الة عمان على اكتاف الفقراء ، وقد أصبح ممثلا وبطلا قوميا ، لواحدة من اشرف قضايا الوجود الإنساني – فلسطين الحقيقـه –

ولمن لم يدركه المقتتل ، فإن محاذير ( السياسة و الجنس و الدين ) هذه الخطابات المحظورة ، ولشديد الأسف في البلاد العربية ، وذلك لأن أهلها ، وعلى الرغم منهم ايضا ، انما يؤمنون بدوغمائية واحدة وفكرة ، هي القائد الواحد والدين الواحد والعرض الواحد ، وكأن صبيحة اجنبية والقدس ايرلندية والسياسة ، ملكية إمبراطورية ديكتاتورية شئنا أم أبينا !!!! .

 الى هنا والى ما تبقى من فراسخ زمنية الى عراق الغد ، فإن الجنة هي الوعي ، وان الضمير هو الموقف ، وان العرب امة افلست من كل هذه العوامل ، وكما ذكر ذلك احد الملهمين ، من ان عزل صدام ، سابقة تأريخية خطيرة ، وهو لا يسطيع القول ان مجيئه ومجيء امثاله الى سلطة حكم الشعب كل الشعب ، وإذلاله ، لهي السابقة الاخطر وافدح على مسرح الإنسانية برمتها .

ولأن صبيحة ليست بخليلة لأحد ، سوى دمع الفرات ، ولأنها إبنة الفرات وحده ، فقد رحل اخوتها الى قمر الثوار ، وقد شدوا  العزم على الثورة ، ولا خلاص سوى الثورة ، ولأنهم من بطانة تلك الأرض فإنهم رسموا الجوع كلمات من نار حتــــى إرتجز  احدهم صارخا بإهزوجته الشعبية ( الهوســــــة ) :

 شلون إنعوفك ، وانتـــه إعــــراق ؟؟

 شلون إنعوفك ، وانتـــه إعــــراق ؟؟

 

وللثوار يوم جديد .

 

************************************

عباس الحسيني – أميركا

 

 

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ