الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإصلاح الذي ولد ميتا

جعفر المظفر

2016 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الإصلاح الذي ولد ميتا
جعفر المظفر
إتضحت هذا اليوم مواقف مختلف القوى المشاركة في العملية السياسية لتكشف في محصلتها موقفا موحدا تمثل برفض ما سمي بالعملية الإصلاحية التي بدأ العبادي تنفيذه لأولى خطواتها وهي تلك التي تمثلت بقائمة التغيير الوزاري المقترحة والمهيئة لأغراض التصويت عليها من قبل مجلس النواب في الأيام القليلة القادمة.
إتحاد القوى, الذي يدعي تمثيل السنة, والذي غالبا ما قدم نفسه كفصيل مناهض لطائفية الأحزاب الشيعية, وليس للطائفية بشكل مبدئي, ظهر اكثر ميلا للدفاع عن النظام الطائفي المحاصاصاتي, بما أكد على أن رفض هؤلاء للمحاصصة لم يتأسس على رفضهم لطائفيتها من ناحية المبدأ, وذلك بما تلحقه من ضرر عام للعراق والعراقيين, وإنما لظنهم أن عدالة المحاصصة مفقودة من كونها لا تمنح (السنة) ومن منطلق الطائفية ذاتها, إستحقاقاتهم الحقيقية, لذلك كان هجومهم عليها ينصب على إصلاح هذا المشهد وليس على غيره. وإن ما لديهم بالتالي لا يتعدى كونه موقفا طائفيا ضد الطائفية.
وهؤلاء الذين إدعوا, منذ بداية مشاركتهم في العملية السياسية, تمثيلهم لسنة العراق, ظلوا على بدلاتهم الأنيقة ومخصصاتهم الوزارية والنيابية وتصاعد ثرواتهم الخاصة في حين تحول السنة الذين يدعون تمثيلهم إلى مجرد ملايين مهجرة أو موتى من الجوع يتحركون بين مطرقة داعش وسندان الحكومة ومنشار بيعهم وشرائهم من قبل النواب الذين إنتخبوهم.
كتلة المواطن ومجلسها الأعلى الإسلامي لعب قائدها عمار الحكيم دور الحكيم فأمطر العبادي بكم من النصائح والمواعظ التي تستهدف بالنتيجة تعليمه قواعد الإلتزام بما أسماه فلسفة النظام التي تقدس حقوق المكونات وتراعي صيغ تمثيلها وإستهان من جانبه بالتغيير الوزاري الذي إقترحه الأخير, وكالعادة ظهر الحكيم وكأنه قديس عملية سياسية لم تعطِ الشعب العراقي سوى الجوع والموت والتهجير والتقسيم والفاقة, وهي ما زالت مفتوحة على كثير من هذه الإسقاطات.
القوى السياسية الكردية ما زالت تأكل من سمك النظام لكنها تتنكر لزُفْرَتِه, وهي, على رغم من إعلانها التمسك بالدستور, إلا أنها تنأى بنفسها عن كل تداعيات العملية السياسية مبتدعة لنفسها مظلومية تاريخية تجعلها مدللة للعملية السياسية, فالمكاسب لها والخسائر لغيرها.
التجمع التركماني في البرلمان هاجم التغيير بشدة وإعتبر تجاوز حق التركمان وعدم إستيزار ممثل لهم تعديا ليس على حقوقهم في العراق وإنما على حقوق الإنسان بشكل عام مما يتطلب تدخلا دوليا بهذا الشان. ومما زاد في حلاوة الخطاب الذي القاه الصالحي رئيس التجمع وجود عباس البياتي النائب الصنديد عن دولة القانون وصاحب دعوة إستنساخ المالكي إضافة إلى صاحبه في العزف على نفس الآلة في تخت العملية السياسية وهو النائب الحالي ووزير الشباب السابق جاسم محمد جعفر, وبهذا ظهر النائبان كالمنشار الذي ياكل في الصعود ويأكل في النزول.
دولة القانون لم أرها تقف صفا واحدا كالبنيان المرصوص مثلما فعلت جماعة الحكيم أو الجماعة التي تدعي تمثيل التركمان, بل تركت لبعض أعضائها أن يصرحوا بما يؤكد إختلافها, من ناحية التفاصيل وليس من ناحية المبدأ, على خطوات العبادي الإصلاحية, بعد أن أعلنت طيلة الأيام الماضية عن ميل متشدد نحو عملية الإصلاح وتبنيا لها, على الرغم من أنها الفصيل المهيمن على الدولة. وبينما يحاول هؤلاء التدليس على هذه الحقيقة بإدعائهم أنهم على خلاف كل القوى لا يملكون وزيرا واحدا كما كان حالهم مع مختلف الوزارات السابقة, إلا أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن النسبة الأعظم من وكلاء الوزارات (ما يفوق الخمسة وثمانين في المائة) وكذلك المدراء العامين ورؤساء الهيائات هم من أعضاء هذا التجمع ومن الضاربين على تخته. هذه الحقيقة تجعلهم المسؤول الأول عن الإنهيارات والتراجعات والمحن والمآسي التي شهدها العراق لأنهم كانوا قد ترأسوا العملية السياسية منذ أن تيسر لحزب الدعوة وقياداته إستلام رئاسة الوزارة في عام (2005) ثم تفصيلهم للدولة العراقية على مقاييسهم الخاصة.
وسط معمعة فساد النظام وتآكله وإفتضاح عورته كاملا بعد أن إنهيار أسعار النفط بدا العبادي وكأنه الرجل الذي جاءت به الأقدار. في مصر بعد وفاة عبالناصر قيل ذلك في وصف السادات الذي لعب مع أقداره لعبة رابحة بدأها بالخلاص من مراكز القوى التي تمثل أخطرها بمجموعة علي صبري رئيس وزراء العهد الناصري.
وكالعالدة الأقدار لا تشابه بعضها فظهر العبادي وكأنه النسخة الكاريكترية من السادات المصري, ومعه صرنا نحن في مواجهة فلم أراد مخرجه من حسين رياض أن يلعب دور فريد شوقي فلعبه على طريقة إسماعيل ياسين (مع الإعتذار للمرحوم إسماعيل ياسين).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تشخيص صائب
محمد سعيد العضب ( 2016 / 4 / 3 - 19:19 )
تشخيص صائب اريد منه تعريه عمليه سياسيه بائسه ابتلي بها العراق من قبل طغمه همها الاول والاخير تحقيق منافعها الشخصيه والذاتيه وغاب الوطن من اجندتها ,كما تمكنت من تسخير جموع شعب جاهل تحت شعارات موهومه ... المظلوميه التاريخيه- , الدين والطائفيه والاثنيه المقيته.
لقد اخفقت وفشلت وظلت تساوم علي شعارات -ديمقراطيه عرجاء - فرضها المحتل وهي اساسا لا تؤمن بها او تفقه ابعادها الحقيقه , وهكذا ظل الجميع يدور في دوامه الاصلاح والتغيير وحكومه تكنوقراط او ما شابه ذلك من توليفات كلاميه لا غير


2 - شكرا
جعفر المظفر ( 2016 / 4 / 4 - 10:41 )
شكرا لتوقفك أستاذ محمد ولمداخلتك الغنية كالمعتاد

اخر الافلام

.. عزوف واسع عن التصويت في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية ال


.. من وراء تسريب بيانات ملايين السوريين في تركيا؟




.. وزارة الداخلية الإيرانية: نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاس


.. نافذة خاصة من إيران ترصد جولة الحسم من الانتخابات الرئاسية




.. تسريب بيانات 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا.. والمتورط في الواق