الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(حلمة الهذيان) في (تميمة قلب) للشاعر تحسين عباس

وجدان عبدالعزيز

2016 / 4 / 3
الادب والفن


كان المساء هادئا وجميلا ، يغري أي عاشق لجمال اللقاء ان يختبئ بين اغصان الحب ، ليمارس طقوس صوفية روحية تتعلق كما هي قصيدة (تميمة قلب) للشاعر تحسين عباس والتي تلوذ بهدوء المساء وتبقى تتدلى في دروب الاياب .. ليكون الشعر بوابة للدخول الى عالم واسع الافاق يتطلب اجنحة هلامية للتحليق بعيدا عن مكان اللقاء ، ثم يصاب بدوار التيه وسعي الوصول نحو اكتمال اللهاث يقول الشاعر تحسين عباس :

(المساءُ المُدَّثِرُ بلهاثِ قصَّتنا
اوحى الى الدروبِ أن تُدَوِّنَ في عَــينيَّ
ثباتَ النجومِ ،
في البالِ لم تَخفُقْ إلا هَمَساتُ
اختبائِنا،
حيثُ الشتاءُ المحتشدُ بين احْضانِنا
يختلسُ من مُقلةِ اللقاءِ
رَبيعَ القُبُلاتِ
فيشتعلُ الوقتُ بفوضى الذوبان)

الثبات كمحور تدور حوله كلمات تدل على الحركة مثل الدروب ، (الاختباء ، الاحتشاد ، والوقت) وغيرها هذه كونت حالة من الفوضى حول ثبات النجوم رغم تباعد الافاق بالحركة .. اعطت دلالة واضحة من ان الشاعر يبحث عن جمال الحب من خلال بريق النجوم وثباتها ، أي انه يدور في فضاءات الحركة ظنا منه بالوصول الى اثبات رؤية حياتية خاصة به ، قد تتبلور عن فلسفة علاقة الحركة بالمكان وعلاقة الثبوت بالمكان وتقريب وجوه التضاد بينهما .. هذا المسار اعطى للاخرين في ظنون الشاعر لتبرير حالة الجنون او اطلاقها في فضاء المعنى استنادا لقول الشاعر:

(المنقِّبون عن سريرة حالي كان يراودهم اليقين
اني على شفا غمرةٍ من الجنون
لكنهم لم يصرحوا بذلك
لأنهم ......
الغناءُ هو من افردَ اجنِحَتهُ،
يَسْتنْشِقُ النَغماتِ من أنْفاسِكِ
سيمفونيةً
من تنهداتِكِ يتَنغَّمُ
ولعي
ارتوي الهاماً ، ارسمُ شبقي)

لكن بارقة الامل المبرر لجنونه في اذهان الاخرين هو (الغناء) المنطلق من تنهدات الحبيبة باتجاه تثبيت الحان العشق الحقيقي للشاعر نفسه ، لانه المشكلة الحقيقة في العلاقة الانسانية لاتتخذ سياقا واحدا في الحلم ، انما هناك صناعة ذهنية تحلق حول صورة الواقع كما هي (حلمة الهذيان) و(قرقعة سرير شطره الغياب) أي استبدال صورة واقعية بصورة هلامية تبتعد هاربة عن الواقع كما هو ذهن الجنون ، أي صورة عقلية واخرى تصارع بعيدا ، وهكذا كما في صورتي الحركة والثبات ، هذا التعاقب في الصور خلق لوحة (تميمة قلب) التي جعلت تحسين عباس يذهب (الى حيث تحتفل الحياة) ، أي (ان الشاعر يسخر كل مايملك من طاقات فنية في سبيل خلق الصورة ونقلها الينا بكامل صفاتها وخصائصها ، وبما يتلاءم وواقع تجربته في القصيدة ، فهو "يصور الاشياء كما يراها ، يلتقط ظلالها الهاربة واشكالها المتغيرة لكي يجعلنا نحس بها كما يحس هو بها" بثباتها وحركتها وفعالياتها المتنوعة والمتعددة ، وهي تخضع لطبيعة التجربة وكيفية حضورها الشعري في القصيدة.)، وهنا لابد من الالتفات الى مسألة الادراك (فوظيفة الادراك والفهم هي التمييز بين محتويات الوعي وتصنيفها واللذات التي تصاحب عمليات التمييز والتصنيف هذه هي التي يتكون منها جمال العالم المحسوس) ، وجمال العالم اللاحسي في صورة حلمة النهد كعالم محسوس وصورة حلمة الهذيان كعالم لامحسوس ....


كتاب (عضوية الأداة الشعرية) أ.د.محمد صابر عبيد سلسلة كتاب جريدة الصباح الثقافي رقم 14 2008م ص98

كتاب (الاحساس بالجمال) تأليف الدكتور سانتبتيانا ، ت/الدكتور مصطفى بدوي ، مراجعة الدكتور زكي نجيب محمود / الناشر مكتبة الانجلو المصرية القاهرة ص211

قصيدة (تميمة قلب) للشاعر تحسين عباس المنشورة في جريدة الزمان بتاريخ 14 /8/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة