الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأوقيد(قصة )

زكرياء قانت

2016 / 4 / 4
الادب والفن


مررت من قرب عمارةجلس أمامها تلك الليلة رجل عجوز لم يتبق من عمره إلا بعض السنوات ،و قد ظهر لي ذلك جليا من تجاعيده و عينيه الغائرتين طلب مني عود ثقاب لم يطلب مني ولاعة أو "شعلة" كما يسميها البعض طلب مني عود ثقاب بدى لي الأمر عجيبا و مضحكا للوهلة الأولى فأعواد الثقاب انقرضت من هذا الوطن لم تعد تباع كثيرا أذكر أننا كنا نملك بعضها في المنزل كانت جميلة الاشتعال يظهر وهج نيرانها بمجرد حكها مع علبة أنيقة رسم عليها أسد يلهب قلوب الأطفال حماسا فترة عاشوراء .
لعل ذلك الرجل الذي خاطبني بصوته المرتجف :
-وليدة شي اوقيدة
لا يعيش في هذا الزمن لعله ما زال يعيش أيام جيله في جيلنا من المحتمل أن بيته مليئ بصور فاتن حمامة و مارلين مونرو و أسطوانات موسيقى من زمن يحكى أنه كان جميلا زمن الهيبي و التجوال زمن الماركسية و التمرد في وجه حرب الفيتنام تمرد الشباب في تلك الفترة مشو عراة في الشوارع يرفعون الشعارات بكل سلمية لا تتحرك أيديهم إلا لترفع شارات النصر و تقدم الورود لكل من لاقته في طريقها .
أمي الجميلة كانت من ذلك الزمن تسرح شعرها و تلبس ملابسها تخرج أنيقة لتعانق أشعة الشمس لم ترهبها نظرات متطرفين ملؤوا الشوارع اليوم بعد أن غزت منازلنا كتب و خطب قذرة قادمة من بلد الرمال و الذهب الأسود .
رقصات أحواش كانت لا تزال ترقص لم تكن في طور الاندثار لأن ملتحيا يتوضؤ ببول البعير يظن أن الاختلاط حرام و أن المرأة عورة .
رغم أن بعض الكتب المعينة أو تفكيرك في الكتابة كان جنحة و سببا كافيا للاعتقال إلا أن شباب ذلك الزمن لم تسحقه السجون و لا ضربات الجلادين .
أعطيت العجوز تلك الليلة ولاعة ليشعل سيجارة الكازا خاصته إلا أنه امتنع عن ذلك كان مصرا على الحصول على عود ثقاب أخبرني أنه لا يثق بالولاعات و أنه يفضل بساطة أعواد الثقاب ودعته لأكمل طريقي تاركا إياه ينتظر عود ثقابه المنتظر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??