الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعلم : محمد بوكرين

منعم وحتي

2016 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



كنا صغارا، حين كنا نتداول بصوت خافت، حكايات، السي بوكرين، أيقونة تهابها كل أعين السلطة، يغيب لمدة طويلة عن أعيننا، و نحن صبية، ليظهر بعد ذلك ببرنوسه الأمازيغي الأنيق، و قامته الفارعة، لنعلم أنه خرج لتوه من زنزانة نفس الأعين التي تتحسس مشيته عن بعد، ذهابا و إيابا من أمام منزلنا.

و نحن نكبر، و المعلم يلقننا الدروس الأولى، في هندسة الفعل السياسي، و أصول الثورة الفرنسية، والفكر الاشتراكي، و عصب الصراع، لكن ليست وحدها.

بل علمنا أيضا جغرافية المغرب، منابع الأنهار و مسار اختراقها الدقيق للمدن و القرى، فجاج الجبال و قممها، بمسمياتها القديمة و المستحدثة.

علمنا قراءة الخرائط و إحداثيات خطوط الطول و العرض، علمنا تاريخ قبائل المغرب مرورا بالشاوية، الأطلس و الريف، تنوع الصحراء و الشرق.

علمنا فن الخطابة، كان تلقائيا و مقنعا جدا، إلى درجة أنك تحس أن دواخله من تتكلم، بفيض حب الأرض و الإنسان.

علمنا أن نكون كتلة من المشاعر الفياضة، حين تغرورق عيناه، وقد وصل إلى علمه أن أحد رفاقه القدامى، أصحاب العمائم التي ضحت سنوات الرصاص، قد سقط صريع فراش المرض، و تعتمل ذاكرته بمرويات بطولات حقيقية، فتتقد محكياته بدقائق تفاصيل الأحداث كأنها وقعت البارحة.

علمنا كيف نحب الأرض، وأن الذي يفرط في أرضه، كمن يفرط في شرفه، و هو يدرس لنا حقائق تاريخ الحدود الشرقية و الجنوبية، و دسائس الداخل و الخارج و الحاكم.

علمنا كيف نمتلك جرأة أن نقف كالنخل أمام العواصف، و أن لا ننحني لأي كان حين نكون في صف الجماهير، و أن نكون مستعدين لأداء ضرائب خياراتنا الصائبة، مهما كلف الأمر، و هو من رفض بالمطلق أن يتقاضى تعويضا عن تضحياته.

علمنا، أن نحب الفرح و الحياة، و هو يغني لنا مرويات أمازيغية، بصوت شجي يختلج بآمال و أحلام القبائل و أنفتها، عزتها و عنفوانها.

5 أبريل الذكرى السادسة لرحيل المناضل و الرمز، المعلم بوكرين محمد، غادرنا الجسد، لكن لن تغادرنا دروسه و أفكاره، فالبوصلة لا تسقط أبدا.

منعم وحتي / المغرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف التنظيمات المسلحة الموالية لإيران من التصعيد في رفح| ال


.. إسرائيل - حماس: هل ما زالت الهدنة ممكنة في غزة؟




.. احتفال في قصر الإليزيه بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الف


.. بانتظار الحلم الأوروبي.. المهاجرون يعيشون -الكوابيس- في تونس




.. حقنة تخلصكم من ألم الظهر نهائيا | #برنامج_التشخيص