الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وصية الشعراء

فتحي المسكيني

2016 / 4 / 6
الادب والفن



وصية الشعراء
أو الصغير أولاد أحمد...يودّع الوداع

...."حين أموت سأعلمكم بموتي
وربما أعلمكم بعد موتي..."
- هكذا قال مكذّبا خبر موته ذات إشاعة..
لكنّ وصية الشعراء
لا تأتي في أوانها دائما
كان يراقبنا مثل إلهٍ فانٍ
قبل خراب العالم..
وفي إجاباته يخفي في كل مرة
المكان الذي يتحدّث منه
تماما
مثل عشّ جديد على غصن القلب
فجأة
يتفرّسك كأنّك ناحية من الوطن
لم يراها من قبل...
أيّها الطفل الذي حُمّل وراثة كلّ "أولاد أحمد"
بعد موت الإله الحديث
وتعثّر اللغات
واعتذار الأصدقاء..
ليس وحيدا
من يبذّر إنسانيته على العابرين
ولا يدّخر..
لم يكن مشاكساً لأحد
بل كان يحفر المستحيل القليل الذي تبقّي لديه
من ذاكرة تخجل كلّ يوم
من مستقبلها..
فجأة شعر أنّه مكلّف بإعادة الشمس إلى مكانها
لأنّ قريش عادت إلى الغزو
وإلى وأد البنات
قبل وصول الوطن..
فجأة وجد أنّ الربّ معركة تستحقّ العناء
وأنّ تذكير الجرح بألمه
قد يُنبت ألف زهرة جديدة
في مكان ما..
كان يوصي بالوطن
كأنّ يتماً كوكبيّا يداهم قريته
ويسرق حجر الوادي
كي يرجمنا من المستقبل..
الموت هو المستقبل الوحيد الذي يستحقّ العناء
لكنّ "غدا ليس يوماً أكيدا"- قال
وأخذ يدرّبنا على وداعه
من دون أيّ تخلّ عن اللقاء..
كان يحمل الشابي أباً له
ولده في حياة أخرى..
الشعراء يلدون آباءهم
كأقصى تمرين على الخلود
بأجسام فانية..
لكنّ الأبديّة أكرم من كلّ أنواع المستقبل..
إنّها تخفي مودّتها في أيّ زهرة
قد يقطفها شاعر
ويُلقي بها خارج العالم..
لامرأة من العنب.. لا يعرفها
أيّها الشاعر
ما أخفّ العالم بين كلماتك
وما أصعب ابتسامات الإنسان
في صوتك..
كأنّك باقة من آلام وثنيّة
معلّقة على معبد إله شرقي..
فاته القدر
بليلتين
فطفق يُنزل الكتب على أنبياء نيام..
لماذا بقيت صاحياً
أيّها الموت؟
وماذا تنتظر من أجسام الشعراء؟
منهكٌ هو الوقت في عينيك
أيّها القليل
كبتلة من الزنبق
في كتف الأفق..
أراك
ترنو إلى جهة لا تجيء
وتنتظر
كأنّ انتظار الوطن
فنّ لا يتقنه إلاّ المجازفون بموتهم
ضدّ مجرّد الحياة...
تحاور الذين لا نراهم
وتسكت عن الكفن...
ليس أجمل من شاعر
يموت بين قصائده
ولا يعتذر...
.................










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب