الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سر صغير بيني و بين زها حديد

رفقة رعد

2016 / 4 / 6
سيرة ذاتية


من قبل اربع سنوات و اكثر كنت قد قررت الهجرة من العراق ، و كنت قد بدأت محاولاتي الفردية الخاصة لتحقيق الحلم ، فطرقت ابواب كثيرة و اجريت الكثير من البحوث و قدمت على الكثير من المنح الدراسية و المؤتمرات العلمية في محاولة لايجاد فرصة تجعل من قدمي تسير خارج حدود العراق . و خلال محاولاتي و مجاهدتي تعرفت على صديق عراقي يعيش في المانيا كان يحاول معي ان يجد سبيلاً لخروجي من العراق فمدني بالكثير من الاقتراحات ، و احدها ما سأفشيه لكم اليوم ، هو سري الصغير الذي انتهى مفعوله و كنت انتظر نتيجته حتى اخر لحظة من خبر وفاة المعمارية زها حديد ، لم اخبر عنه احد و بقي إلى وقت كتابتي المقال بيني و بين صديقي المغترب الذي لم اتحدث معه من اكثر من ثلاث سنوات وارجو ان يكون بخير و عافية .
اقترح صديقي ان ابعث برسالة بريدية إلى زها حديد اطلب منها مساعدتها في تحصيلها لي على منحة دراسية في لندن ، قال لي ان الشركات الكبرى الاوربية يتبعون طرق معينة لتخفيف الضرائب ، و من ضمن هذه الطرق كان دفع رسوم دراسية لأحد الطلاب الراغبين بإكمال دراستهم . في البداية و لكثرة محاولاتي الفاشلة لم احب الفكرة خصوصاً واني اكره ان اضع نفسي في هكذا موقف فلست من النوع الذي يطلب المساعدة من احد ، لكن صديقي اصر على المحاولة بعد ان اقنعني ان هذه المصاريف التي ستدفع لك هي بالمقابل ضرائب ستأخذها الدول فليس هناك من داعي للخجل في مقابل الغاية و التي هي انهاء دراستي في الخارج . و فعلاً هيأت نفسي لكتابة الرسالة ، و كتبت مسودة بعدها بيضتها بخط يدي دون الاستعانة بألة الحاسبة ، وتقصدت ان اكتبها باللغة العربية حتى اذا ما وصلت إلى يد احد موظفيها سيكون لهم دافع لاعطائها ليدها بالتحديد.
كتبتها و تحدثت عن نفسي في بدايتها وعن رغبتي في مواصلة دراستي في لندن ، و عن امكانية مساعدتي ، تحدثت بلغة بسيطة و متعالية قليلاً رغم عدم امتلاكي لسبب للتعالي غير اني فتاة طموحة تسعى لتكون افضل مما هي عليه الان في بلد الحرب ، و ختمتها بقولي ان في حالة عدم الرد لن يمنعني هذا من مواصلة تحقيق حلمي بل على العكس سيكون اصراري اكبر من ذي قبل ، و لن تكون هذه الرسالة إلا محاولة من امرأة تحاول ان يكون لها صوت و حرية ... بحثت عن عنوان شركة زها حديد عبر الانترنيت و عبر الويب سايت الخاص بالشركة وجدت العنوان البريدي ، الذي كتبته على ظرف الرسالة و بلغة انكليزية طلبت ان تسلم الرسالة إلى يد زها حديد بالتحديد.
ذهبت في اليوم التالي إلى جامعتي و إلى مكتب البريد حيث كنت امتلك صندوق بريد خاص بي هناك و لربما سأخبركم يوماً عن سري الصغير الاخر لفتحي صندوق بريد ، لكن عندما يحين الوقت . اعطيت رسالتي للموظفة المختصة وأنا أبتسم و كنت اتخيل وجه زها حديد وهي تفتح الظرف و تقرأ ما فيه ، ادرك انها سوف تبتسم مثلي لكني لم ادرك ما بعد الابتسامة ماذا سيحدث ، هل سيكون مكان الرسالة سلة المهملات ام في جرار مكتبها ام ستخبر سكرتيرتها عن تذكيرها لاحقاً بها ، أو انها ستأخذها إلى بيتها تتمعن بها سذاجتي طول طرق العودة إلى المنزل أو ليلاً على العشاء ، أو ربما تعتبرها انتيك تحتفظ به مع جوائزها كهدية من موطنها ومن لغتها الام أو من عراقية من دمها لا تطمح بالكثير منها ، أو لربما لن تصلها اصلاً .
اخبرت صديقي المغترب اني قمت بما اقترحه لي ، فهنأني و قال الان ليس علينا غير الأنتظار ، و اخذت انتظر و انتظر ، كلما مررت بكليتي و مكتب البريد سألت موظفة المكتب هل من جديد لي ، فترد بـ لا ، كررت محاولاتي لعدة اشهر وأنا ابحث عن رسالة تنتظرني وان كانت برد سلبي ، حتى اني اخذت مفتاح الصندوق و فتحت الباب مددت يدي قبل وجهي عسى ان يلمسني ورق مختبئ في احد جدران الصندوق دون ان يدري احد ، فتُأكد لي عيني ان الصندوق فارغ و اتذكر في لحظتها كل محاولاتي الفاشلة وكل سعيي لفرصة واحدة تخرجني من غرفتي و تضعني امام العالم .
راح صديقي المغترب ، و غابت الكثير من المحاولات ، رحل الكثير من حولي و هاجر البشر و بقيت أنا اصر على ما اريد إلى ان تحقق الحلم دون ان ادري بسهولة لم اكن اتوقعها ، بقيت قلقة على الرسالة و على الرد وكيف ستتواصل معي وأنا خارج العراق و صندوقي البريدي مغلق ، قلقت وان مر على الانتظار ثلاث سنوات ، إلى ان سمعت بخبر وفاة زها حديد ، فسقطت الرسالة بين لندن و بغداد ، سقطت من رأسي بعد ان كانت تطير في الفضاء لسنوات ، لكني لم احزن لا من زها ولا من الرسالة و لا من ساعي البريد ، و لم ازعل من نفسي لاني حاولت ، بل على العكس ، اسعدني اني احب نفسي لهذه الدرجة و خلقت من هذا الحب ارادة لاجرب كل شيء جميل و غريب في هذه الحياة ، و الأجمل ان نجربها مع من يستحق التجربة ، فتكون كاملة جداً ، مثالية وان كانت قصيرة الأجل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م