الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع عربي في فرنسا..

ماهر عدنان قنديل

2016 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


زيادة على الأزمات الأمنية، والسياسية، والتشريعية التي تمر بها أوروبا عموماً، وفرنسا خصوصاً، ظهرت للسطح مؤخراً مشكلة إجتماعية وعمالية جديدة بخصوص الترتيبات الجديدة لقانون العمل التي تبنتها الحكومة الفرنسية ووزارة العمل، أو ما يسمى في الأوساط الإجتماعية والعمالية بأزمة "قانون العمل"..
أشعل "قانون العمل" الجديد أو "قانون الخمري" (نسبة إلى مريام الخمري وزيرة العمل) النقابات العمالية، وتلاميذ الثانويات، وكثير من أطياف المجتمع المدني، وخرج كل هؤلاء في مظاهرات حاشدة في عدة مدن فرنسية، في مناظر تشبه وتكاد تتطابق مع تلك التي كنا نراها في شوارع بعض الدول العربية مع بداية ما سمي بالربيع العربي.. فالسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل تعيش "فرنسا" ربيعاً عربياً؟
تتمثل أبرز بنود الخلاف في هذا الربيع الفرنسي بين الحكومة والنقابات العمالية في النقاط التالية:
*السماح بطرد العمال مع تحديد سقف التعويضات للعمال من طرف الحكومة وليس من طرف القضاء كما كان معمول به سابقاً؛
*الطرد لأسباب إقتصادية في حال وجود أزمات إقتصادية لأرباب العمل؛
* تحديد ساعات العمل في الشركات الصغيرة (التي لا تتعدى الخمسين عامل) بين أرباب العمل والعمال، وعدم التقيد ب35 ساعة أسبوعياً المنصوص عليها في قانون العمل في فرنسا، ويمكن لساعات العمل أن تصل إلى حدود 60 ساعة في الأسبوع مقابل زيادة بسيطة في المرتبات؛
وإن أردنا عقد مقارنة بسيطة بين أحداث فرنسا الحالية، وأحداث الربيع العربي التي سبقتها، سنجد أن الصور بين الحدثين تكاد تكون متشابهة بصورة غير طبيعية..
* إهتمام الإعلام الفرنسي بالأحداث، فهو يغطي الأحداث بدون كلل ولا ملل؛
* متظاهرون يخرجون كل يوم بأعداد غفيرة في كل التراب الفرنسي صباحاً ومساءً وبعضهم أصبح ينام في الطرقات ليلاً؛
* وجود إضرابات عمالية وطلابية بالجملة في كل التراب الفرنسي؛
* توقف الكثير من القطاعات والمؤسسات الحكومية عن العمل بسبب شلل حركة المواصلات ووسائل النقل (القطارات، الباصات، والسيارات) عن العمل بسبب الأحداث، حيث تم غلق الكثير من الطرقات وسكك الحديد من طرف المتظاهرين، وأيضاً توقف العديد من الموظفين في هذه القطاعات عن العمل، وأبلغ ما يؤكد على ذلك هو تصريح لرئيس جمعية "سائقي أجرة فرنسا" الذي قال أن على الحكومة الفرنسية إنتظار بطولة أوروبا لسائقي الأجرة وليس بطولة أوروبا لكرة القدم؛
* أجهزة الدولة الأمنية تواجه المتظاهرين بشدة وبقساوة بخراطيم المياه والعصي والهراوات؛
* ظهور الصور والفيديوهات المؤثرة التي تزيد من الغليان، كالفيديو الذي يظهر شرطياً يضرب أحد تلاميذ الثانويات، هذا الفيديو أشعل مواقع التواصل الإجتماعي والإعلام في فرنسا، وتأثيره في المجتمع الفرنسي لا نبالغ إن قلنا أنه متشابه إلى حد كبير مع ما فعله تأثير حرق "البوعزيزي" لنفسه بعد أن أهانته شرطية في المجتمع التونسي؛
* طبقة سياسية تواجه الأحداث بتقديم المزيد من التنازلات يوماً بعد يوم.
هذه الشرارات الصغيرة التي ذكرنها سالفاً هي التي أشعلت الشارع الفرنسي، إلا أن الأسباب الحقيقية وراء هذه الإحتجاجات الشعبية أعمق من ذلك، وتكمن في ضعف فرنسي كبير سياسياً، وإجتماعياً، وإقتصادياً، وأمنياً يمكن تلخيصه بما يلي:
على الصعيد الأمني: تواجه فرنسا خطر تنظيم الدولة (داعش) المتزايد داخل فرنسا وتحاول مواجهته من الناحيتين الأمنية والإيديولوجية؛ وعلى الصعيد السياسي: في الداخل، هناك صراع كبير بين مختلف التيارات السياسية في فرنسا، وفي الخارج، تواجه "فرنسا" عدة عداوات بسبب سياساتها المتبعة في الشرق الأوسط وإفريقيا وغيرهما؛ وعلى الصعيد الإجتماعي: شكل "قانون العمل" القطرة التي أفاضت الكأس الذي كان مملوءً بمشاكل الضمانات الإجتماعية، والنقابات العمالية، والمشاكل المدنية والبيئية؛ وعلى الصعيد التشريعي: شكل "قانون سحب الجنسية" المثير للجدل إعتراض كبير من بعض أطياف المجتمع المدني وحتى من بعض أعضاء الحكومة كوزيرة العدل السابقة "تاوبيرا" التي إستقالت إحتجاجاً على ذلك، ما أدى إلى إلغائه لاحقاً..
وبعد هذا، أصبح أفضل ما يمكن أن يلخص كل هذه المشاكل، وهذه الوضعية الصعبة التي تواجهها "فرنسا" اليوم هو أن "فرنسا" تعيش ربيعها لكن بوتيرة أخرى قد تكون أهدأ قليلاً وأبطأ، لأن ظروفها الإجتماعية وتقاليدها التنظيمية وتركيبتها السياسية مختلفة عن الدول العربية، ومع ذلك يبقى الربيع ربيعاً ولو إختلفت النكهة والوتيرة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات