الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشروبات الروحية بين دكتاتورية صدام وظلم الموامنه.

وليد عبدالله حسن

2016 / 4 / 7
كتابات ساخرة


في زمن حكم صدام حسين كنا معارضة، ونهاية كل اسبوع نجلس ليلا في شقة احد الشيوخ المجاهديين في مدنية النجف الاشرف، نتباحث حول الاوضاع والدروس، والمشاكل ونسهر مرات للصباح، وكانت شقة صديقي مقابل كراج النجف.
وفي يوم رأيت صديقنا الشيخ المجاهد مرتعب وخائف ويرتجف.
-قال وصلتني معلومات اننا مراقبين من قبل امن النجف ، وكان امن مرعب حقا.
-قلت له كيف؟
قال:- تعال معي وقادني الى بلكونه شقته واشار الى عربة يتجمع حولها ناس يشترون لبلبي( حمص مطبوخ ونومي حامض مع دجاحة مطبوخة)، وبقينا نقف نراقب فترة طويلة،وكانت تقف بجانب العربة سيارات فقيرة وفارهة،وكانت بعضها سيارت حكومية متنوعة، وسيارات شرطة النجدة، وشخصيات مختلفة ومتنوعة منهم يلبس الكشيدة والعمامة والعقال واليشماغ الابيض والاحمر والاسود والاخضر، والدشداشة والقاط الافندي، كان كل شي يثير الريبة والقلق، وكنا نحن مسكونون بالخوف من الامن والمخابرات، كوننا معارضة وفي مدنية دينية مقدسة ومراقبة بشكل دقيق.
-انا تطوعت الى معرفة سر هذه العربانة، وقمت ارقبها عند بعد واثناء خروجي من الدرس ومجيئ الى بيت الشيخ ،وفي احد المرات توقفت لاشتري منهم لبلبي سئلني البائع تريد لبلبي ابيض احمر لو تريد اجنبي محلي، وهو ويضحك مافتهمت عليه، بس انطاني كيس لبلبي، ووقف بجانب العربة اتابعهم- وكانت تقف وراء العربة سيارة بيك اب حديثة تثير الشكوك جالس فيها شخص يسمع سعدي الحلي باعلى صوته .
- كانت عربة البلبي قديمة ومكتوب على مقدمة العربة فوق بخط رقعة اسود جميل (هذا من فضل ربي)، و كانت يتوسط العربة رسم على شكل مثلث بالاحمر مكتوب (يالله) في راس المثلت وعلى الجانبين (يامحمد وياعلي) وفي وسط المثلث عين رزقاء وسهم للحسد. وكانت العربة تقف بجانب كراج النجف بغداد القديم قريب من ساحة ثورة العشرين. كان بائع لبلبي رجل ملفت للانتباه، وهو غليط الوجه شديد السمرة وكبير الراس والجسد، وعوينه صفر حادة كعيون الصقر، وهو يلف على راسه يشماغ جنوبي على طريقة الشقاوات ويتلتفت على كل الجهات،ويتحدث كثيرا ،وبين فترة واخرى يمسك اعضاءه التناسلية مع الدشداشة معا وبطريقة معروفة لدى الشقاوات في حينها.
-حسب شكوكنا المستمرة بكل شي رشحنا انه يعمل وكيل في الامن العامة ،ومهته المراقبة وبيع البلبي من وراء صلاة المغرب، ويبقى ساعات مختلفة، وفي ليلة الخميس على الجمعة يبقى الى حد منتصف الليل، والازدحام عليه مو طبيعي، لكن الملفت للانتباه ان زبائنه منظمين وهادئين ،ويأخذون لبلبي في كيس نايلون شفاف مع كيس ورقي يضعونه تحت ابطهم او سترهم او في علاليك قماش او نايلون سوداء كانت محل شكنا.
-سئلت احد الزبائن في يوم ازاد فضولي مع خوفي.
- السلام عليكم اخويه
- قال وعليك السلام هله ومرحبا
-قلت له ماهو سر عربه لبلبي، وهذا الازدحام كل هذا على لبلبي معقولة .
- قال انته مو نجفي زاير لو ساكن بالنجف.
- قلت له لا زاير.
التفت وقال:- هذا الرجل- واشار الى بائع البلبي ابن اوادم معروف عدنه وثقة كلش ثقة ،يبيع احسن لبلبي بالعالم كله ،التفت الى الوراء، وقال:- يبيع همين شراب الجنة وقهقهههههه
-وهمس في اذني انت بين غشيم يعني مشروبات روحية - تنفست الصعداء وركضت الي بيت صديقي الشيخ ، وفتح الباب وهو خائف وقلق -قال:- ها عرفت شي؟
-قلت له هذه عربة لبلبي الي دمرتنا كل هذه الاسابيع وتثير الشكوك ، طلعوا يبيعون الخمور اجلكم الله ،وتعرف بيع المشروبات الكحولية في النحف وكربلاء ممنوع.
- تنفس معي الشيخ الصعداء وبفرح غامر وبعدها -نذرنا عشاء لأم البنين- وقال الشيخ الحمد لله( سبحان الله!!!! ) والحمد لله على الذين يشربون الخمر ، احسن ولا على أمن صدام) قال السيد الموسوي:- الناس من الظيم تشرب عرك حقها. كان صدام يضطهد الموامنة على طول حكمة وعمل حملة ايمانية في اخر حكمه اضطهد بها شاربي المشروبات الروحية، لكن مع هذا بقى شي اسمه قانون وسلطة ونظام ودولة.
- اليوم قرأت خبر من شرطة الناصرية وهم يفتخرون بالقبض على مجموعة من الشباب مو مجرمين وليسوا انتحاريين وليسوا حراميه، بل هم يتاجرون في المشروبات الكحولية والغريب ملبسيهم لباس برتقالي كانهم ارهابيين- لاعرف من هو يمنع المشروبات الكحولية ، وماهو السند القانوني او الدستوري او الاخلاقي او الاجتماعي او النفسي لمنع التجارة في المدن الجنوبية التي هي مدن مدنية وليست دينية .
- الجميع عرف ويعرف ان هذه الاحزاب الدينية ليست حرامية وقتله فقط، لكن جهلاء بابسط القواعد الاقتصادية- منع المشروبات الكحولية سيشجع التجارة بها بطرق مختلفة وتستنزف العملة الصعبة( الدولار وملحقاته) لارتفاع اسعارها ، وتفتح طرق جديدة تقودها مفايات منظمة للتهريب ،وهذ الطرق تصبح امنه للارهاب ولكل شي خارج القانون، وتكثر الجريمة والمشاكل النفسية والعائلية، وكما هو معروف عالميا ان اكثر المدن والدول استهلاك للمشربات الكحولية هي المدن التي تحرمها خاصة لاسباب دينية،مع العلم ان اكثرية العراقين يشربون الكحول المحلي والاجنبي بشكل سري او علني، وحتى بعض الموامنة المعتدليين يحتسون الخمر و باخبار متواترة.
-اقول للسادة ولشيوخ المجاهدين في مدن الجنوب والوسط خاصة، هناك من هو في المعارضة ، كما كنتم يوما في المعارضة سيقول لكم (الحمد لله على شاربي الخمر، ولا لظلم الاحزاب الدينية ،والارهاب الديني الذي دمر العباد والبلاد) ، وكما يعرف الاخوة المجاهدين في بدايات اقامة دولة ايران الدينية كانوا يبادلون بطل عرك مسيح بكتاب فلسفتنا واقتصادنا وكتب الامام الخميني وكذلك كتاب مفاتيح الجنان وبقايا الادعية.
- خلاصة الكلام -لم نرى شارب خمر فجر نفسه او قتل احد او دمر الحياة ربما هو يؤذي نفسه ، الأذية اليوم هي لمن ينتمي للاحزاب الدينية الذين ابتعلوا الدولة واستولوا على خمر الدنيا والاخرة على طيب خاطر وبظلم عجيب غريب ، والداني والقاصي يعرف ان في زمن الاحزاب الاسلامية طاح حظ الموامنة اكثر، والدولة انتهت، وتضاعف شاربي الخمر وتضاعف عليهم الظلم ايضا.
واخيرا- اتركوا الناس تمارس حريتها الشخصية في مجتمع عراقي متنوع والمفروض والمعروف هو مجتمع متعدد الاديان والطوائف والعقائد والثقافات والانتماءات، والحياة ليست حكرا للمتدينين فقط بل للجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي