الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع يواجه السيبة بالتسيب والدولة تبرر الوضع ب « الجمهور عايز كده »

مصطفى المنوزي

2016 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


عندما يستعمل المواطنون « شرع أيديهم » فالسبب يعود لتراخي الدولة في استعمال القوة العمومية بمقاربة انتقائية خالية من الحكامة ومبدأ تكافؤ الفرص وعدم المساواة ، ليكون رد الفعل المجتمعي عنيفا وانتقاما من الافلات من العقاب باعتماد الشحن المذهبي والتحريض الأخلاقي والإرهاب الفكري ، فليس المجتمع وحده المهدد بالاحتقان والحروب الأهلية ، وانما الدولة نفسها مهددة بالتفكك والانحلال بفقدان شرعية احتكار تنفيذ القانون وضبط النظام العام واستعمال القوة العمومية أو ما يسمى بالعنف المشروع المفوض لها من قبل المجتمع وتعبيراته .
حلقة يوم أمس من برنامج « مباشرة معكم » هندس لكي يؤكد خلاصة وحيدة مهيمنة وهي عدم حق المواطنين ممارسة ضبط النظام العام باسم الدولة ، غير أن السيد الوكيل العام أثار مقتضيات المادة 76 من المسطرة الجنائية التي تخول لأي مواطن الحق بل واجب التحفظ على المجرمين إلى حين حضور السلطة العمومية للقيام بالمطلوب ، دون أن يبادر المشاركون إلى توضيح حكمة المشرع في هذا الصدد ، فالمقصود من تلك المقتضيات ليس قيام المواطن بمهمة الاعتقال أو الاحتجاز ، وإنما محاصرة المشتبه فيه لكي لا يفر من مسرح الجريمة ، ويحد دون مواصلة الاعتداء ، وان اقتضى إنقاذ الضحية وإسعافه حتى لا تتفاقم الوضعية .
فنظرية الموظف الفعلي ، في القانون الإداري ، تجيز للمواطنين القيام ببعض الأعمال محل الإدارة والسلطات ، ولكن في المنحى الإيجابي ، لدرء الأضرار . ،جتى قواعد الالتزامات والعقود في باب الفضالة ، تجيز للناس القيام بالإجراءات المدنية محل غيرهم دون تكليف أو توكيل مسبق ، وهذا يدخل ضمن ثقافة الواجب ، وليس الحق . لدلك يسمى المتعاقدون محل غيرهم دون تكليف بالفضولي ، نسبة لقعد الفضالة ، وعندما يحضر المتعاقد لمصلحته ويجيز تصرف الفضولي ، تتحول الفضالة إلى عقد وكالة بأثر رجعي . من هنا فتدخل المواطنين للاعتداء بالضرب والجرح والقذف ، على نظرائهم بدعوى محاربة الجريمة ، فهذا يتنافى مع قاعدة « الخطأ لا يصلحه الخطأ » . فالمواطنون يفترض فيهم أنهم فوضوا تدبير القوة العمومية وتوظيف العنف المشروع ، من قانون وإيقاف وقضاء وتنفيذ العقوبات ، للدولة أو السلطة العامة . ولست أدري لماذا لم يتم التركيز على تراخي الدولة في هذا الصدد ، قد يزكي إرادة دفينة تستهوي وتراود تيارات معينة ، تعتبر أن الحلول محل الدولة ، حق تكفله الشريعة ، انطلاقا من مرجعية دينية ومذهبية ترتكز على « الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر » ، فبغض النظر عن تدمر المواطنين من تقاعس الدولة في ممارسة مهامها كدولة قانون وفي مناهضة الإفلات من العقاب ، فإن المنظومة التربوية وفي ظل انهيار القيم وتصاعد المد المحافظ ، لا يجد الناس مجالا للتنفيس سوى ممارسة العنف ضد بعضهم البعض ، مقابل البحث عن خلاص أو عوض أو جزاء بين ثنايا التفكير الصوري والسحري والديني ، مما يستدعي الانتباه واليقظة ، فالفكر الوهابي الدخيل على قيمنا الحضارية والثقافية المغربية ، يؤجج تمثلات العدالة الانتقامية والوهم بكون « تغيير المنكر » باليد أو اللسان من أقوى الايمان ، وهذا تعززه الأوضاع النفسية والمادية للمواطنين الذين يعانون من هذا التعصب ، ومن تطرف مقتضيات إقتصاد السوق والعولمة المتوحشة ، فهما شراكة المهندسان لكل ما يكنى استعارة بالفوضى الخلاقة المتماهية مع نزعات حقوق الخلافة الإلهية أو القومة الراشدة . والحال أن التنافس جار حثيثا ، بين الشرعيات الاقتصادية والدينية بلبوس أخلاقي
صحيح أن المجتمع لا يتطور بنفس وثيرة التحولات الجارية ، لكن ، مع ذلك ، لا يمكن اضطهاد الحقوق الفردية المتنامية باسم « الجمهور عايز كده » .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل الجزيرة يرصد توافد حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر منى ل


.. مقترح لحظر بيع السجاي?ر للمولودين بعد عام 2009 في تركيا مدى




.. مناسك الحج.. الجزيرة ترصد توافد الحجاج لرمي جمرة العقبة في أ


.. تفاصيل عملية اغتيال القيادي في حزب الله -أبوطالب- في مدينة ج




.. تقرير استخباراتي أميركي يكشف حجم الخسائر المادية بالبحر الأح