الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم أفاجأ أبدا!

طلال ابو شاويش

2016 / 4 / 8
الادب والفن



تعليقا على مسرحية (الإستتابة) لأطفال قريش في تكايا تسمى جزافا بالمدارس!
لم أفاجأ مطلقا بما رأيت في هذا المشهد البدائي الممسرح في مدرسة النيل في غزة...فهو مجرد حلقة من حلقات برنامج التجهيل الغيبي المستمر بأنشطته الكهنوتية الظلامية في مجتمعنا منذ فترة طويلة...فمشايخ الأوقاف الذين احتكروا دور البطولة كممثلين لله في هذا المشهد الأسود هم أنفسهم الذين يجلدون وعي الناس كل صلاة جمعة وفي دروس التجهيل بعد صلاة المغرب في مساجد غزة...و رجالات الحقل التربوي من المدير و المعلمين هم أبناء الحركات الربانية التي يخططون و يديرون الأنشطة الدعوية من ظلام كواليس المسرح البغيض..أما الأطفال/الضحايا الذين ظهروا مجتمعين في دور شبيبة قريش الفاسقين المارقين على الدين وصحابته فهم أنفسهم الأطفال الذين يتوزعون على المساجد و حولها ليتجرعوا فقها حزبيا إقصائيا مقيتا يدمر عقولهم الناشئة و يغلق أي أفق للرقي و الإبداع.
لم أفاجأ أبدا و بدا لي المشهد سخيفا كفصل من مسرحية حملت عنوان (توبة) بنهاية مفتوحة أفاقها مظلمة وجوهرها الإنغلاق و التطرف ولاحقا التكفير و الإرهاب!
مشهد لم ينقص ديكوره سوى لوحة الكترونية ديجيتال مضيئة تحصي الثواب والنقاط لهؤلاء الأطفال الذي عادوا من كفرهم و غيهم و معاصيهم إلى حضن الإسلام الكريم عبر بحر من الخوف و الرهبة و الدموع!
لم أفاجأ أيضا لأن ما رأيته هو استنساخ منمق لسيناريوهات داعشية جرى مسرحتها في المناطق التي غزتها داعش وسيطرت عليها بفكرها الظلامي الأسود و إن تم تجميلها بديكورات و مؤثرات صوتية و ضوئية خداعة فشلت في تزييف جوهر الصورة القاسية أو في التقليل من خطورتها .فهناك في أرض الدولة اللقيطة هيأت الشروط بفائض القوة و الإرهاب لتفعيل السوط التربوي وسيوف الله المسلولة لفرض الفكرة و تكريسها... أما في غزة الجاحدة فمازلنا في بدايات درب الهدى المنشود ولهذا توجب التنميق والخداع والمواربة والتجميل الفاشل !
كما لم أفاجأ من هذا العرض المسرحي لأني أرى وسط جمهور المسرحية دعاة الفكر المستنير سواء في التشكيلات السياسية الوطنية اليسارية العلمانية أو مؤسسات المجتمع المدني أو الليبراليين يتناغمون في سلوكهم اليومي مع هذا الفكر الظلامي...فمعظم هؤلاء الذين عبروا عن رفضهم لفيلم الإستتابة وشنوا غاراتهم اللغوية المضادة في فضاءات الفيس بوك يتسمرون طويلا وفي مناسبات عدة أمام أبطال مشهد المجزرة الفكرية بحق أطفالنا من الدراويش بعممهم المتسخة ليتلقوا مواعظهم و توجيهاتهم وأرائهم صامتين مستسلمين ثم ينطلقوا من تكياتهم مستنكرين شاجبين شاتمين !
إن هذا السلوك المنفصم والإنهزامي لدعاة الفكر المستنير لا يمكن أن يواجه و ينتصر
بل ربما يمثل عاملا مساندا لهؤلاء و غطاء لتمرير مخططاتهم التدميرية فالضعف و الميوعة والمزاوجة غيرالعلمية واللاعقلانية تنتج حالة من الفراغ الموضوعي سيملؤها أصحاب العمائم الذين لا يكلون ولا يملون !
وأخيرا لن أفاجأ أيضا حين يقرأني شبه عقل خاو مغيب فيتهمني فورا بالمساس بالدين أو يبالغ فيدرج حديثي تحت عنوان ازدراء الدين !
و برأيي هنا (تكية القصيد) !
الخلط بين الفكرة الإصلاحية المستنيرة التي ترى في الأديان مكونا بنيويا عقليا وجدانيا انسانيا وجد ليخدم الإنسان و ييسر حياته ويساعده على التحرر من الظلم و العبودية وترفض كل أشكال القداسة المزيفة و الدخيلة والمتناقضة مع جوهر الأديان ...و ما بين الأستسلام التام لكل التراث الديني بحابله ونابله و غثه وسمينه كمسلمات يقينية غير خاضعة للتفكير والمراجعة و النقد و التطوير ....
نعم ...فأرخص أدوات ووسائل الهجوم اليوم هي توظيف الدين في تكفير صاحب الرأي الأخر وعزله بتأليب البسطاء عليه و ربما الدفع بفرسان الظلام المغيبين للمساس به معنويا و ماديا كطريق مختصر لدخول الجنة من أوسع أبوابها !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا