الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا..للعقائد التي تقتل التنوع والأطفال - فيلم السقوط

ناهد بدوي

2005 / 11 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


"فيلم السقوط"
في فيلم السقوط الذي يحكي عن آخر أسبوع في حياة هتلر والنازية في ألمانيا، يسأل بعض رجال هتلر قائدهم: ماذا عن المدنيين في المدينة؟؟ لقد انهزمنا ويمكن أن نستسلم لننقذهم. فيجيب هتلر بكل حماس وقناعة بما معناه: لا.. إن هذا الشعب غير جدير بالحياة لأنه لم يعرف كيف يدافع عن الاشتراكية القومية!!!.
وعندما سئلت السيدة غوبلز، زوجة السيد غوبلز مساعد هتلر، لماذا تريد قتل أطفالها الخمسة في لحظة الهزيمة؟ قالت بكل حماس وقناعة: لا أتحمل أن يعيش أولادي في عالم انهزمت فيه الاشتراكية القومية!!! وفعلا وضعت السم في فم أطفالها واحدا تلو الآخر وكان هذا المشهد أقسى مشهد في الفيلم. ثم انتحرت هي وزوجها. وتتالت الانتحارات بعدها بين صفوف العسكر النازي المنهزم بكل جرأة وقسوة.
رغم قسوة الفيلم الذي يعبر عن قسوة النازية، ورغم الموقف الواضح ضد النازية الذي يمكن أن نخرج به، شعرت، في بعض زوايا الفيلم بأن هناك مديحاً ما للنازية، لا أعرف لماذا! ربما لأن المستبدين في بلادنا ينهزمون ألف مرة ولا يفكرون بالانتحار ولا حتى بالاستقالة.
أو ربما لأن العرض الدقيق والقريب لشكل من أشكال الإيمان الشديد بمشروع ما، وبالتالي انهيار الإيمان بالحياة نفسها عند انهياره، جعله يشبه إلى حد ما إيمان ألفته فيما مضى، يتعلق بالإيمان الشديد بعدالة المشروع الشيوعي، طبعاً مع فارق نوعي في الأهداف والنتائج، والاستعداد الكبير للتضحية من أجله، كما الميل الشديد إلى تبرير الكثير من الجرائم بحق البشرية إذا كان هدفها تحقيق هذا الحلم الشيوعي. لا أعرف لماذا رأيت في هذا الفيلم تحذيراً من أن يتحول الحلم المشروع من أجل حياة أفضل للإنسان، إلى عداء للحياة نفسها، وقمع للإنسان في سبيل تحقيق الحلم، ومحاولة فرضه حتى على الأطفال الصغار، وعدم القدرة على تصور حياة أفضل لهم خارج قناعات محددة، مصادرين بذلك فرصة أن يبني أطفالنا مستقبلهم بالطريقة التي يختارونها بأنفسهم.
ويبدو أن البشرية لا تتعلم كثيرا من دروسها، إذ نشهد في هذه الأيام أن المأساة تتكرر. ويتكرر هذا الحلم بشكل جديد. حيث يقود شكل من أشكال الإيمان الشديد بضرورة الإسلام لحياة البشر إلى قتل البشر أنفسهم. ويقود هذا الشكل من التفكير الناتج عن تفسير خاص ومتشدد للدين إلى الانتحار والقتل العشوائي للأبرياء، تحت عنوان الإيمان بمشروع فيه خير للأمة وللناس أجمعين.
هناك أيضا المشروع الأمريكي المزعوم ومريديه الذين يبررون وبأعصاب باردة استخدام الدبابات واليورانيوم المنضب والفوسفور ضد الناس في سبيل بناء المشروع الإنساني، المتناقض مع مجرد ذكر هذه الوسائل، في سبيل تحقيق المشروع الديمقراطي!.
كما نشهد في هذه الأيام ممارسات جديدة بدأت تطل برأسها في بلادنا، تذكر بالعقيدة التي تناولها الفيلم، مثل التعبئة العامة، واعتبار أن الشعب غير جدير بالحياة عندما لا يكرر ما يقوله القائد. والأخطر من كل ذلك أن علم البلاد لم يعد رمزاً يعبر عن ثقافة وتاريخ ورغبة بالعيش المشترك والسلمي بين سكان البلد الواحد، بل رسالة عداء ضد العالم كله، بما فيه العالم العربي، وضد الداخل وضد المختلف وضد الحياة نفسها. كما نشهد عودة إلى تكريس الأساطير لحماية البلاد بدلا من التفكير المنطقي والتخطيط العقلاني وتكافل أهل البلاد من أجل حمايتها.
نعم سنظل نحلم بمشروع من أجل حياة أفضل للبشر. وليحلم كل منا حسب ميوله، ولكن لا وألف لا لمشروع يدوس على الحياة والناس والأزهار والتنوع والأطفال، مهما كان عنوانه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا