الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دوليا تسريبات بنما جولة أخرى من جولات الحرب الباردة

محمد ذويب

2016 / 4 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



أثارت التسريبات الأخيرة لما سمي ببنماليكس أو بنما بيبرس الكثير من اللغط والحبر والصراعات والمناكفات ولكنها جاءت لتثير أيضا العديد من التساؤلات لماذا صدرت هذه الوثلءق في دولة بنما بالذات ؟ لماذا وقع تسريب هذه الأوراق الآن في ظرفية دولية اتسمت يتزايد الصراع بين روسيا وأمريكا ؟ لماذا خلت هذه التسريبات من اسم أي سياسي أمريكي أو صحافي أمريكي أو رجل أعمال أمريكي أو أي شركة أمريكية ؟ من المستفيد من هذه التسريبات سياسيا واقتصاديا ؟ من يقف وراء هذه التسريبات في هذا الوقت بالذات ؟
سأحاول الإجابة عن جملة هذه الأسئلة مع ربطها بطبيعة الحال بجملة من المعطيات التاريخية تخص خاصة الدور الأمريكي المباشر في بنما منذ بداية القرن العشرين إلى اليوم ودور الأمريكان في التأثير في المشهد السياسي في بنما.
جمهورية بنما هي إحدى دول وسط أمريكا الجنوبية تبلغ مساحتها 78200 كلم مربع يحدها من الشمال البحر الكراييبي والمحيط الأطلسي ومن الجنوب المحيط الهادئ ومن الجنوب الشرق كولومبيا و من الشمال الغربي كوستاريكا تقع على جزء من اليابسة الذي يربط بين أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية والذي يبلغ طوله 770 كلم على المحيط الأطلنطي و و417 كلم على المحيط الهادئ. تعتبر بنما دولة طولية الشكل حيث أن عرضها يتراوح بين 80 كم و 190 كلم.
تعتبر بنما مركز أعمال دولي مهم، وذلك بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي كنقطة ربط بين المحيطين الاطلسي والهادي والامريكيتين الشمالية والجنوبية بالإضافة ان لبنما أكبر اقتصاد في منطقة أمريكا الوسطى وذلك قبل قواتيمالا كوستاريكا والسلفادور كما أن اقتصاد بنما هو من أسرع اقتصاد من ناحية النمو والأكبر من ناحية دخل الفرد في أمريكا الوسطى كل هذا وخاصة موقعها الاستراتيجي جعلها قبلة للقوى الاستعمارية حيث احتلها الأسبان ثم الفرنسيين فالأمريكان الذين شرعوا في استغلال هذا الموقع المهم وذلك بتهيئة قناة بنما بين 1904 – 1914 وفي مقابل ذلك أمضوا اتفاقية مع الحكومة البنمية تقضي باستغلالهم للقناة لمدة 85 سنة وتشق هذه القناة دولة بنما من الشرق الى الغرب على طول 80 كلم تمر عبرها خمسة بالمائة من التجارة العالمية وتشكل معبرا لسبعين بالمائة من السفن المارة نحو الساحل الشرقي لأمريكا .
في سنة 1977 وقع الرئيس الأمريكي جيمي كارتر والرئيس البنمي عمر توريخوس معاهدة بين البلدين من أجل إنهاء السيطرة الأمريكية على القناة وذلك على مراحل مقابل ضمان السلطات البنمية لإغلاق القناة في وجه الدول المشكلة للقطب المعادي لأمريكا والنظام الرأسمالي بصفة عامة أي إغلاق القناة في وجه الاتحاد السوفياتي وحلفائه خاصة دول أمريكا اللاتينية المعادية لأمريكا وكل ذلك كان يتنزل في إطار الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و المعسكر الشرقي الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي وهو ما تم فعلا .
ثم ومع حلول سنة 1989 إي مرور 85 سنة على انطلاق استغلال القناة من قبل أمريكا ونهاية المعاهدة التي تقضي باستغلالها للقناة أراد رئيس بنما انذاك مانويل نوريقا تقوية سيطرة بلاده على القناة وتقزيم الدور الأمريكي هناك وهذا ما رفضته أمريكا وتزامن هذا الموعد أي 1989 ونهاية سيطرة أمريكا على القناة مع الانتخابات الرأسية في بنما التي تدخلت فيه أمريكا بصورة مباشرة للإطاحة بغريمها امانويل نوريغا وترجيح كفة غريمه الموالي لها غيريرمو أندرادا.
وبعد الانتخابات رفض نوريغا التخلي عن السلطة متعللا بأن أمريكا لعبت دورا كبيرا في إسقاطه .وفي يوم 15 ديسمبر 1989 قام أنصار الرئيس مانويل نوريغا بالاعتداء على بعض المصالح الأمريكية الموجودة في بنما مما أعطى ذريعة لأمريكا للتدخل في بنما بعد خمسة أيام فقامت القوات الأمريكية باسقاط نوريغا ووضع غريمه قريرمو أندرادا في سدة الحكم هذا تاريخيا.
إما سياسيا واقتصاديا وهذا الأهم الآن لماذا تسربت هذه الوثائق وفي هذا الوقت بالذات ؟ من يقف ورائها؟ لماذا حضر فيها السياسيون ورجال الأعمال والشركات من كل دول العالم وغاب عنها الأمريكان؟ جملة هذه الأسئلة تتبادر إلى ذهن القارئ لهذه الوثائق المثيرة للريبة والشك.
الواضح أن تنزيل هذه الوثائق الأن لم تأتي بصفة اعتباطية حيث جاءت في ظرفية عالمية اتسمت بعودة الحرب الباردة بين روسيا وأمريكا خاصة اذا علمنا أن من سرب هذه الوثائق هو مركز الخدمات القانونية الأمريكية " ماساك فونسيكا " هذا المركز الذي أسسه سنة 1997 الصحافي الأمريكي " جاك لويس " وتموله جهات أمريكية متنفذه في الدولة ولها دور كبير في صياغة السياسية الخارجية الأمركية وحتى الاقتصادية وهذا الموقف نفسه هو ما أكده موقع ويكيليكس على لسان رئيسه جوليان أسانغ الذي أكد أيضا أن ماساك فونسيكا تلقى تمويلا من الإدارة الأمريكية ومن الملياردير الأمريكي الموالي للسلطة جورج سوريوس الذي يعرف الجميع دوره داخل البيت الأبيض .
اقتصاديا تكون أمريكا قد تخلصت من غريم يقلقها في المنطقة باعتبار أن بنما قد تحولت إلى قطب لجلب الاستثمارات الأقتصادية في المنطقة على اعتبار أنها جنة ضرائبية مثلت منذ مدة قبلة لجلب المستثمرين وخاصة في القطاع البنكي وتسريب هذه الوثائق من شأنه ان يجعل سمعة بنما في الحضيض وهو ما من شأنه أن يجلب لأمريكا عديد الأدفاق المالية التي قد تضاهي ألاف تريليونات الدولارات قد تساعدها كثيرا في التخلص من أزمتها الاقتصادية التي تتخبط فيها.
أما من الناحية السياسية فهي ضربة للخصم الروسي بوتين الذي هزم الأمريكان في سوريا و أكرانيا وبشار الأسد الذي صار يقض مضاجع الأمريكان ومصالحهم في دول المشرق العربي كما أن تواجد العديد من شيوخ الخليج في هذه الوثائق يمكن الأمريكان من ابتزازهم اقتصاديا وخاصة من ناحية المواقف السياسية.
هذه حلقة جديدة من حلقات الحرب الباردة التي يبدو أنها أخذت أشكالا أخرى جديدة اعلامية واقتصادية واستخباراتية بخلاف الحرب النمطية الكلاسيكية أي حرب الجبهات القتالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24