الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة السورية بين مطرقة بشار وبوتن وسندان أوباما

محمد أحمد الزعبي

2016 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


الثورة السورية بين مطرقة بشار وبوتن وسندان أوباما

د. محمد أحمد الزعبي
07.04.2016
ينطوي عنوان هذه المقالة تطبيقيا على أربعة عناصر هي : الثورة السورية ، وبشار الأسد (الداخل ) وكل من بوتن وآوباما (الخارج) ، أما الآخرون(متفرجو الداخل ،وكذّابو الخارج) فلا يعدو دورهم المباركة والتصفيق لمن يسجل عددا أكبر من الأهداف في مرمى الطرف الآخر . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ماهي علاقة بوتن وأوباما ( الخارج) بما حدث ويحدث في سوريا ( الداخل ) منذ 18 آذار 2011 وحتى اليوم ؟ .
في محاولتنا الإجابة على هذا التساؤل الإشكالي ، إجابة علمية وموضوعية نقول :
1. يعرف الكاتب والقارئ أن العالم بملياراته السبع، قد بات بعد الثورات الصناعية المتتالية منذ مومياء الفراعنة ( التحنيط ) في العصور القديمة ، وصولاً إلى عصر الثورة الرقمية التي نعيشها اليوم ، مرورا بكافة اشكال ومستويات المواصلات والاتصالات التي ما برحت تتطور بشكل متسارع ودون توقف كما وكيفا ، ولا سيما في القرون الثلاثة الأخيرة ، بحيث لم يعد الوصول من أوروبا ألى أمريكا بحاجة إلى ركوب البحر لعدة أشهر كما فعل كريستوف كولومبوس في القرن الخامس عشر ، ولا وصول الحجاج المسلمين من بغداد ( على سبيل المثال ) إلى مكة المكرمة إلى ركوب الجمل وقضاء بضعة عقود على الطريق . إن ما يحتاجه الطرفان اليوم هو فقط بضع ساعات بواسطة الطائرة للوصول إلى مقاصدهم ، كما يعلم الجميع ، بل إن الأم التي تعيش في القاهرة او دمشق باتت قادرة على أن تتحدث مع ابنها الذي يدرس في لندن أو واشنطن ، وجها لوجه بواسطة التقنية الحديثة (Whats App.) ، وليس فقط صوت لصوت عبر التلفون العادي . إن مثل هذا التطور العلمي الكبير والمتسارع ، يسمح للناس بقبول مقولة " أن العالم قد بات قرية واحدة " الدارجة ، مع تعديل واحد نراه من جهتنا ضروريا ، وهو أن العالم بات " مدينة واحدة " وليس " قرية واحدة " ، ذالك أن وحدانية " المدينة " لا تلغي تنوعها الديموغرافي والجغرافي والاجتماعي واللغوي والطبقي ، وهو ( التنوع ) ما لا نجده في " القرية " . إن ما نرغب أن نشير إليه هنا وفي هذه الفقرة بالذات هو أن الأبواب والنوافذ باتت عملياً مفتوحة بين الداخل والخارج ، وأن علاقة جدلية تربط مابين هذين الحيين ( الحارتين ) الجغرافيين من أحياء هذه المدينة العالمية الواحدة . وبهذا تنتفي الغرابة في تدخل كل من بوتن وأوباما في سوريا .
2. ينقسم عالم اليوم إلى دول ( مجتمعات ) غنية ، وأخرى ( مجتمعات ) فقيرة ، ومالا يخطئه لا البصر ولا البصيرة ، هو أن الدول الغنية إنما هي ، دول النظام الرأسمالي العالمي ممثلة بأوروبا وأمريكا بصورة أساسية وهي الدول التي وصفها سمير آمين بدول " المركز " ، بينما يشمل مفهوم الدول الفقيرة معظم دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، والتي عادة ما تعرف بالدول النامية ، أو المتخلفة ، أو ناقصة التطور . وهي الدول التي وصفها سمير أمين أيضاً ب" الأطراف " ، وهو توصيف / تقسيم ، يشير بدوره إلى مادعوناه العلاقة الجدلية بين الطرفين ( المركز والأطراف ) . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، والمتعلق أساسا بموضوع مقالتنا هذه ، ترى مالذي جعل ويجعل هذا الانقسام العالمي ، يستمر أكثر من ثلاثة قرون ، ودون أن تلوح في الأفق مؤشرات زواله أو تغييره ؟ !

هذا مع العلم أن هذه العلاقة الجدلية ، كمفهوم وكمقولة ، لا تعني أنها علاقة متساوية بين المركز والأطراف ، فالمركز في هذه العلاقة هو من يستغل الأطراف ويتحكم بمصيرها ، ولا سيما أنه يحتكر كلا من العلوم الدقيقة وتطبيقاتها التقنية ، وبالتالي فإنه ، ومن خلال هذا التفوق العلمي والتقني بات يحتكر الصناعة بنوعيها ، صناعة الموت ( الصناعة العسكرية ) وصناعة الحياة ( الدواء والغذاء والكساء والإيواء ) ، وبالتالي فإن هذا المركز ( الخارج ) هو من يقرر عمليا مصير الأطراف ( الداخل ) ، وفي موضوعنا فإن روسيا وأمريكا هما من يقررا مستقبل ومصير الثورة في سوريا .
3. يعود سبب استمرار هذا الانقسام بين الأغنياء والفقراء ، الأقوياء والمستضعفين ، المركز والأطراف ـ حسب رأي الكاتب ـ بصورة أساسية إلى أنّ ماأطلقنا عليه العلاقة الجدلية بين المركز والأطراف ، لم تكن واقع الحال علاقة متكافئة ذلك أن دول المركز ( والتي لاتمثل سوى أقل من 15% ) من سكان العالم ، تحتكر وتملك ماسأطلق عليه تكنولوجيا " المصنع والمدفع "(بغض النظر عن الدورالذي يمكن أن تلعبه الصين في المستقبل في هذين المجالين ) هذا مع العلم أن مفهوم الاحتكارلا يشير هناك فقط إلى أن الدول الرأسمالية تحتكر لنفسها العلوم الدقيقة والتكنولوجيا فائقة التطور فحسب ، وإنما أيضاً إلى أنها تمنع بالقوة الآخرين من الوصول إلى هذين العنصرين ( المصنع والمدفع )اللذين يضمنان لها التفوق والسيادة عالميا ، الأمر الذي جعل تلك العلاقة الجدلية عمليا علاقة بين منتج ومستهلك ، وهي لأنها كذلك كانت علاقة غير صحيحة وغير متكافئة وبالتالي غير عادلة . إن جدلية هذه العلاقة ، إنما تنحصر في أن المركز بحاجة إلى هذه الأطراف من جهة لأن باطن أرضهم وظهرها يغص بالمواد الخام الضرورية لصناعاته ، ومن جهة أخرى بوصفهم سوقاً ضرورية لبضائعه ومنتجاته ، وأن هذه الأطراف بدورها بحاجة إلى منتجات هذا المركز .
لقد تجسد هذا الخلل في العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية بهيمنة دول الفيتو الخمس على مجلس الأمن ، بما هي دول نووية ، بل وعلى كافة منظمات ومؤسسات الأمم المتحدة ، ثم تجسد بعد سقوط الاتحاد السوفييتي بظهورالنظام العالمي الجديد ذي القطب الواحد بوصفه حامي( الديموقراطية وحقوق الانسان ) في العالم والذي ( القطب الواحد ) غالباً ما كان باطنه يختلف عن ظاهره ، ولا سيما على المستوى العملي . بل وكانت المصالح الإقتصادية الضيقة هي الهاجس الأول والآخر لكافة حركاته وتحركاته وسياساته الداخلية والخارجية .
4. في سورية قامت ثورة شعبية في شهر آذار 2011 ، وكانت واحدة من ثورات الربيع العربي التي قامت ضد أنظمة ديكتاتورية عسكرية فاسدة ، ولم تزد مطالبها عن مطلبي الحرية والكرامة ، وبالتالي الديموقراطية وحقوق الإنسان ، وكانت المفاجأة غير المنتظرة، هي أن الدول الرأسمالية الديموقراطية بدلا من أن تدعم هذه الثورات وقفت ضدها (!!) . الأمر الذي تجلى بداية بدعم هذه الدول للغزو الإنجلو- أمريكي للعراق عام 2003 ( قبل الربيع العربي ) والذي استبدل بنظام صدام حسين نظاماً طائفياً ميلشياوياً متخلفاً وفاسداً أصبح العراقيون معه يترحمون على " لاديموقراطية " صدام حسين . وثانياً ، بدعمها انقلاب عبد الفتاح السيسي العسكري على محمد مرسي المنتخب من الشعب المصري بصورة ديموقراطية لا شائبة فيها . والذي هو ( نظام السيسي ) بدوره نظام عسكري ديكتاتوري وفاسد من هامة رأسه حتى أخمص قدمه ، وتجلى ثالثاً في الموقف الرمادي والمتقلب من نظام بشار الاسد الوراثي والديكتاتوري و الطائفي والفاسد في سورية .

إن احتكار الدول الكبرى( ومنها روسيا بوتن) للأسلحة النوعية المتطورة، وتزويدها بهذه الأسلحة من تشاء ومنعها عمّن تشاء في سورية ( وذلك في ضوء ما تمليه مصلحة الكيان الصهيوني في فلسطين عليها )إضافة إلى التدخل العسكري الروسي المباشر لصالح بشار الأسد ، بحجة مكافحة الإرهاب الكاذبة ، هو من أخر انتصار الشعب السوري على هذا النظام - العصابة ، وهو بالتالي المسؤول عن تدمير سوريا وعن قتل وتشريد وتغييب اكثر من نصف شعبها .
إن من باتوا يعرفون ب " أصدقاء الشعب السوري "، لم يكونوا واقع الأمر أصدقاء حقيقيين ، ولعل المثل الشعبي " أسمع كلامك يعجبني ، أشوف فعالك أستعجب " إنما ينطبق على دورهم المؤسف في خذلان الشعب السوري و الثورة السورية ، وعلى خطوطهم الحمر المعروفة ، انطباقاً يكاد يكون كاملاً .
و " مالنا غيرك ياألله " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: نظام ري قديم للمحافظة على مياه الواحات


.. مراسل أوكراني يتسبب في فضيحة مدوية على الهواء #سوشال_سكاي




.. مفوضية الانتخابات العراقية توقف الإجراءات المتعلقة بانتخابات


.. الصواريخ «الطائشة».. الفاشر على طريق «الأرض المحروقة» | #الت




.. إسرائيل.. انقسام علني في مجلس الحرب بسبب -اليوم التالي- | #ر