الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور أحمد يوسف بين الوسطية والجدلية

سامي الاخرس

2016 / 4 / 10
مقابلات و حوارات


الدكتور أحمد يوسف ما بين الوسطية والجدلية
هل هو شخصية جدلية؟ أم أنه شخصية تكميلية والوجه الآخر للأخوان المسلمين؟ ربما تأتي الأسئلة في سياق حالة الجدل التي أقرأها بين الفينة والأخرى عن شخصية الدكتور أحمد يوسف المستشار السياسي السابق لرئيس الوزراء اسماعيل هنية آبان حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت في أعقاب فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006، وربما أنني صديق للدكتور أحمد يوسف وتحاورت وتعاملت معه على مستويات شخصية وأكاديمية، وتربطني به علاقة صداقة وإلتقاء واختلاف، ومن خلال متابعتي لوجهات النظر حوله منها المؤيد والمقتنع بفكر وسياسة الدكتور أحمد تحت مصطلح وسطي – حسب عرف البعض- ومنها الذي يرى فيه الوجه المتسامح الآخر لجماعة الأخوان المسلمين، أو الوجه التكميلي أو الصورة الأكثر ضبابية في دائرة سياستها العامة ذات الوجهين، ولكن الهدف واحد. من هنا بدأت بتأمل الحالة الجدلية بعد تغريدة للدكتور خضر محجز يطالب بها الدكتور أحمد يوسف بالإفصاح عن وسطيته أمام ممارسات حركته الأم حركة الأخوان وحماس، خاصة وأن الدكتور أحمد يوسف يعتبر أحد ملامح جماعة الأخوان المسلمين الكلاسيكية (التقليدية) التي يمكن لها أن تستوعب الكل، وتتعامل مع الكل، كما كان عليه الرعيل المؤسس لهذه الحركة أمثال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، والدكتور محمد المقادمة، وصلاح شحادة، والمهندس اسماعيل أبو شنب، وغيرهم الكثير ممن عرفوا لدى شعبنا الفلسطيني بأنهم أصحاب فكرة وسطية رغم تحفظي على هذا الوصف ( وسطية) الذي لا يوجد له ملامح واضحة بالعرف السياسي او الإنتماء ولكنه يتأتى كوجه آخر لمفهوم الانتماء والممارسة السلوكية للفكر، وخاصة في الدين، أو الإسلام السياسي كما يطلق عليه اصطلاحًا، خاصة وأن ما يميز الدكتور أحمد يوسف هو علاقاته الأوروبية الواسعة التي تضيف لتجربته بعدًا آخر بعدما راكم خبراته في الولايات المتحدة الأمريكية على مدار سنوات عديدة، أضف لذلك ميزة ضمن شخصيته وهو الليبرالية في نسج العلاقات العامة مع كل الأطياف السياسية، والفكرية خاصة في ظل ترأسه لبيت الحكمة للدراسات والإستشارات وهو مركز يتناول الشأن التركي عامة، وذلك نظير علاقات واسعه مع الأتراك والدولة التركية التي وصلت درجة المصاهرة بين الدكتور أحمد يوسف والأتراك.
هذه العوامل أو العلامات البارزة والخبرات التراكمية منحت الدكتور أحمد يوسف هامش من المناورة الحوارية والفكرية، وأصبغت شخصيته الثقافية بنوع من الليبرالية سواء كانت صبغة إجبارية كمتطلب للتعامل مع ظروف المرحلة ومستجداتها، أو صبغة اختيارية من خلال فهم الدكتور للواقع الوطني عامة، والقدرة على التمييز بين المتجهين، وأعتقد أنه مزيج بين الإجبار والأختيار لتحديد مسلكيات استيعاب الحالة الوطنية بكل أطيافها وألوانها، ومؤلفاتها وهو ما خلق حالة جدلية، وحالة تشكيكية من البعض الذي فقد الثقة كلية في حركة حماس وسلوكها السياسي، ومن ثم رموزها بعد سيطرتها على قطاع غزة، لذلك أصبحت النظرة والرؤية تتجه في طريق واحد أما أسود أو أبيض، والنظر بالريبة لأي ممارسة أو سلوك، والحكم عليه وفق هذه النظرة دون التمييز في النوايا أو الأفعال، وهذا نتيجة طبيعية لحالة إنعدام الثقة التي أصبح شعبنا الفلسطيني يعيشها، وحالة الإخلال في قواعد الإلتقاء الوطني بعد الأحداث المتتالية منذ ثمانية سنوات.
أما الرؤية الخاصة المتعلقة بشخصية الدكتور أحمد يوسف وهي نظرة ليست تقيميية أو تقويمية أو شهادة بل هي رؤية تبلورت نتيجة العلاقة المتشعبة معه، أنه شخصية تتميز بقناعات وطنية ليبرالية تحاول تأسيس لثقافة جامعة شاملة، تتآلف وتتوافق مع الحالة الوطنية وخلق مساحة للحوار بين كل أطياف الفعل الفلسطيني نتيجة إحساس فكري بالمخاطر التي أفرزتها متحولات ومتغيرات أحداث عام 2007، ونتيجة التراكمات السلبية والإيمان بضرورة مواجهتها ومجابهتها من خلال كتلة من أصحاب الفكر، والمعارف، والثقافة والتصدي لهذه المتراكمات، وتقديم صورة نموذجية للوسطية أو بالأدق لليبرالية ببعديها الديني والوطني، دون اللجوء أو الإلتجاء للحالة أو السلوك التجميلي لظاهرة، وهذا يتأتى من خلال حواراته المباشرة، أو حواراته من خلال مقالاته وآرائه المنشورة، وهي قاعدة تحتاج لتنمية وتثبيت في العرف الفكري والعمل الوطني وفق أسس وقواعد استراتيجية لتتحول لسلوك عام، ونشرها بين المثقفين عامة بكل تياراتهم الفكرية والتنويرية كرسالة للجيل أو الأجيال القادمة.
هذا مع إضافة بعد استثماري مميز في وجهة الاقتصادي الذي يحاول الدكتور أحمد يوسف أن يسخره من هذا التقارب والتنوع ضمن دائرة استثمار واستغلال هذه العلاقات من خلال بعض المشاريع الصحية والبحثية التي أسسها سواء من خلال مؤسسة الخالدين أو بيت الحكمة، واستجماع مجموعة من المثقفين متعددي المشارب الفكرية والسياسية.
إذن فالحالة الجدلية التي تكتنف شخصية الدكتور أحمد يوسف برأيي هي حالة طبيعية نتيجة إفرازات مرحلة اللاتوزان واللاثقة التي أصبحت عرف سائد في رؤيتنا للأمور، وتعميمنا للأحوال عامة نتيجة تراكمات عديدة، وأسباب مختلفة لا تقتصر على جدلية الرؤية حول من نختلف معهم فكريًا، بل حتى مع من نتفق معهم ولنا باليسار الفلسطيني أنموذج كأحد أهم النماذج في الاختلاف والريبة والشك في سلوك فصائله تجاه بعضها البعض من ناحية وحالة الشد والجذب في الفصيل الواحد، فهناك حالة تنافر وريبة في التعامل الشخصي داخل الفصيل الواحد، وأصحاب الفكر الواحد.
الخلاصة أن حالة الاختلاف في قولبتها الأخلاقية هي حالة صحية يمكن بناء عليها مفاتيح أو دلالات إلتقاء وتلاقي بين من نختلف معهم فكريًا وإن كان حمساويًا، وهذا لا ينفي أو ينسخ إنتماء الدكتور أحمد يوسف لجماعة الأخوان المسلمين، والدفاع عنها كمدرسة ترعرع بها وانتمى لها، وكان لها دور مؤثر في بناء شخصيته الفكرية، والثقافية والسياسية وكان أحد رموزها.
د. سامي محمد الأخرس
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن