الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-وندر.لاند-: أليس تتجول في العالم الافتراضي

هناء سليمان

2016 / 4 / 10
الادب والفن


منذ تتبعت أليس الأرنب الأبيض إلى رحلة في عالم عجائبي في ظهيرة يوم مشمس على ضفاف النهر أصبحت القصة التي رواها تشارلس دودجسون ثم نشرها باسم مستعار(لويس كارول) أشهر قصة للأطفال في العالم. ترجمت إلى لغات عديدة ومنها العربية، وكانت آخر الترجمات لسهام سنية عبد السلام ومراجعة ساره عناني. صحب دودجسون جاره هنري ليدل وبناته الثلاث لونينا وإديث وأليس في رحلة نهرية بالقرب من أوكسفورد وقص عليهم حكاية خيالية لرحلة بنت صغيرة اسمها أليس في أرض العجائب، ثم طلبت أليس أن ينشرها فحقق رغبتها وأهداها نسخة من القصة مصحوبة برسوماته لشخصية أليس. واستمرت روح المغامرة والبحث التي بدأها كارول لويس حينما أرسل أليس في رحلة خلف الأرنب الأبيض ثم أتبعها بأليس في المرآة. ومنذ صدورها ألهمت القصة خيال الرسامين وصدرت طبعات عديدة مصحوبة برسومات توضيحية عكست تطور الفن عبر قرن ونصف، والتقى خيال كارول بالرسوم السيريالية لسلفادور دالي في 1969 في طبعة نادرة. كما قدمتها السينما منذ عصر الأفلام الصامتة مرورًا بالرسوم المتحركة وحتى الفانتازيا السوداوية التي أخرجها توم بيرتون في 2010. وفي العام الماضي احتفلت بريطانيا بمرور 150 عامًا على صدور القصة وكان الاحتفال مناسبة لاستعادة القصة وعرض الأعمال المستوحاة منها، وتعرض المكتبة البريطانية الآن المخطوط الأصلي برسوم لويس كارول ومخطوطات طبعات لاحقة. وقد جرب كتابة نص مسرحي سماه "أليس في بلاد العجائب، حلم مسرحي موسيقي" عرض في لندن عام 1886. قرأت أجيال عديدة القصة وشاهدتها في أشكال متنوعة. وكان التجسيد الأحدث للخيال والدخول لعوالم مجهولة في ألعاب الإنترنت. فكل شاشة للتليفون المحمول هي حفرة أرنب تقود إلى عالم جديد غريب كما يقول روبرت دوجلاس-فيرهيرست أستاذ الأدب الإنجليزي في أوكسفورد.
قدم روفوس نوريس المخرج المسرحي المعروف والمدير الفني الحالي للمسرح القومي بلندن عرضًا موسيقيًا "وندر دوت لاند" wonder.land يستلهم أليس بتجسيد حديث في نص لمويرا بوفيني التي كتبت النص وكلمات الأغنيات، وألحان للموسيقي البريطاني المعروف دامون أولبارن، وكان العرض الأول في مهرجان مانشستر في العام الماضي، ثم انتقل إلى المسرح القومي حيث تعرض المسرحية الموسيقية حاليًا بعد إجراءات بعض التعديلات شملت الموسيقى والأغاني، ويرى فريق العمل أن العرض مشروع مستمر.
قضى روفوس نوريس سنوات من طفولته في بلاد أفريقية وآسيوية، وهي خبرة جعلته يمتلك القدرة على رؤية الواقع بعين الغريب وامتلك حساسية للتعددية الثقافية. وقد تجلت حساسيته للصراع الناشئ عن اختلاف الثقافة في إخراجه لمسرحية وول سوينكا "الموت وفارس الملك" حيث يتهيأ فارس الملك للانتحار الطقسي بعد موت الملك، ويختلط الطقس بالاحتفال بحقه في الليلة الأولى قبل الموت كما يقتضي العرف المحلي. لكن مدير البلدية البريطاني يتدخل لمنع ما يراه جريمة فتنتج عن تدخله سلسلة من المصائب. واختار نوريس ممثلين سود للقيام بأدوار المستعمرين البيض بعد طلاء بشرتهم باللون الأبيض في قلب بريختي للأوضاع وجاء العرض حيًا بألوان وموسيقى تعبر عن الثقافة الأفريقية.
ليس من المستغرب إذن أن يختار نوريس أليس -ألي- المعاصرة مراهقة مخلطة الأصل من أم سوداء وأب أبيض (قامت بالدور لويس شيميمبا) تعيش في لندن مع أمها وأخيها الرضيع بعد انفصال أبويها. تشعرألي بالذنب والمسؤولية عن انفصال أبويها بعد أن أفشت للأم سر الأب المقامر. يتنقل العرض بين الواقع الذي تعيشه ألي والواقع الافتراضي، في البيت حيث العلاقة مع الأم التي تراها ألي مسيطرة لا تفهمها. وتعبر الموسيقى والأشعار عن التوتر في علاقة الإبنة والأم في أغنية فكاهية. وفي المدرسة تعاني ألي من تسلط ومضايقات زميلاتها بعد دخولهم حسابها واكتشاف حقيقة أزمتها الأسرية. وبدلا من الفتحة التي تدخلها أليس مع الأرنب في قصة لويس كارول تلجأ أليس المعاصرة إلى ألعاب الكمبيوتر على تليفونها المحمول هربًا من مشاكل البيت والمدرسة. جاء سؤال الهوية في القصة الأصلية عابرًا على لسان اليرقة التي قالت لأليس "من أنت"؟ فأحست أنها لا تستطيع الإجابة لأن حجمها تغير أكثر من مرة في اليوم، لكن السؤال كان محوريًا في المسرحية على نحو ملائم لفترة المراهقة ومشاكل الأسرة. فشعور أليس بهويتها مشوش ومضطرب وهي تكره هيئتها وجسمها، وحينما تبدأ في اللعب نقابل اليرقة مجسدة بست راقصات للباليه تسأل أليس "من أنت؟" ويطلب الصوت منها أن تصنع "أفاتار" لها فتتعمد أن تختاره مختلفًا عنها في كل شيء: أميرة شقراء رشيقة. تقابل اليس لاعبين آخرين في العالم الافتراضي آخرين يشبهونها في الحيرة . جاءت ملابس الأفاتار (تصميم الملابس لكاترينا ليندسي) لكل منهم بحيث يكون معادلاً للشخصيات الذين قابلتهم أليس في القصة الأصلية. ويشبه الأب المقامر صانع القبعات المجنون ويسلك مثله في لقاء في الحديقة يشبه حفل الشاي. وحينما تندمج أليس في اللعبة ويتشتت انتباهها في المدرسة تصادر المديرة المتسلطة التي تشبه "الملكة الحمراء" (قامت بالدور ببراعة أنا فرانكوليني) تليفون أليس الحمول، وفي لحظة فضول تكتشف اللعبة وتصبح مدمنة لها. تشبه مديرة المدرسة شخصية الملكة الحمراء في القصة الأصلية وهي تدخل في منافسة شرسة في اللعبة وتغير قواعدها وتحاول التحكم في الشخصيات الأخرى. تزداد مضايقة التلميذات لألي وتجد العون في زميل دراسة لديه اهتمام بالصبية أكثر من البنات ويدخل الثنائي في مغامرات لاستعادة شخصية ألي في اللعبة وتليفونها المحمول وتنتهي المغامرة بالقبض على المديرة في مشهد فكاهي. وتنتهي المسرحية بمصالحة عائلية وبخروج ألي من أزمة البحث عن هويتها.
ومن الطبيعي أن يستلهم تصميم المشاهد في القرن الواحد العشرين التقنيات الرقمية الحديثة وتنتقل رحلة أليس -آلي- المعاصرة إلى العالم الافتراضي. استخدمت المصممة راي سميث نموذج المؤثرات الخاصة السينمائي في تصوير المشاهد سينمائيًا ثم عرضها ممزوجة بالديكور المبني على المسرح فجاء العرض مبهرًا ومعبرًا عن الانتقال بين العالم الواقعي والافتراضي وإن وجد بعض المشاهدين والنقاد وبخاصة من الجيل الأكبر سنًا صعوبة في تتبع كثافة المشاهد وإيقاعها السريع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي