الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنسي في السرد

عزة رجب
شاعرة وقاصّة ورائية

(Azza Ragab Samhod)

2016 / 4 / 12
الادب والفن





في مدينة الحلم تهدلُ عناقيد فرح أسطورية، وأطياف النور السماوي تسبح في فضاء الزيتونة المُعلقة في المجرة الوحيدة، النورُ فيضٌ من أقباس السكون، والقناديل تُسرج قرص الشمس لفضاءات بعيدة المدى، الجنةُ أرضٌ خصيبة، كمدينةٍ يحبها الله، خارطتها روحٌ من الطيبة، مخضبة بحناء الوجد، ذلك الذي يتسلط على كنه الذات، فلا يأتي إلا بالحديث الهامس، اللغة فيها استرسال، يُحيل العصفور لحناً يشدو، والشجرة إلى وجود مليء بأغصان الحياة، والغابة إلى عالم ساحر.

• هنالك كان حطَّاب الأرض، يحملُ فأسه وأحلامه، كلما اقتربت ساعة الفجر من أحضان النهار، بدأ النهار يترقب بتؤدة ظهور سيدة بيته شمس، فيتوشح بعباءته الدافئة، ويمضي في خشوع مهيب، نحو الضحى، فالذروة، فلحظة شبق تخشع لها مآذن الله في الأرض... حينها يستلقي الحطَّاب على أعناق العشب القصيرة، يُظلل خارطة الأرض الخضراء، يبحث عن شجرة تحتضن حكايته، وترنو للغة أصابعه، وكفَّه ممدودة سلالها إلى الله، كان يهمس ويقول في خلجات روحه: لا أملكُ أن أقطع عنق صفصافة، ولست عدواً لأشجار السرو، هبني يا الله فأساً تمنح السكينة، للروح المتخشبة فلا تسلب أكسجين الله من روح الأرض.

• كان يتساءل كيف يتسلط ُ على اللغة؟... ويحيل الفأس إلى عصا ساحرة، والعصا إلى حكمة السماء في الأرض، والحكمة إلى دهشة مُحبة، تخصف أوراق الجنة على الأرض الوعرة العارية من آثام البشر...

• كيف يجعل الكلمات تتحول إلى قنديل البحر؟ أو زهرة توليب؟ كيف يجعلُ الدببة المتوحشة في الأرض تستحيل إلى يمامات تطلق سراح السلام المحبوس في الصدور، ويجعل الصدور المُغلقة بأقفال الكبت تفتح أبوابها للريح...

• كان يدعو أن يتحول إلى حطَّاب يحطبُ الريح، فيعيد الاتجاه إلى عكس عقارب الساعة، الواقفة على ساق الرتابة، ويدندن على أعناق الهواء حكاية الفأس التي لا تقطع رقبة شجرة، ويركب البساط العشبي، يتسربل أحلامه رواء فوق الأرض، فإن مرَّ بتماسيح فوق النهر أحالها لأسراب من البط...
• البط يتدرب هو وصغاره على السباحة في خضاب النهر العاري من الوحوش...
• الصغار يمضون ضاحكين، مستغرقين في ماء العذوبة...
• العذوبة بسمة الحياة، إذ ليس ثمة بندقية لاصطياد الفرح هنا...
• وإنْ مرَّ بصحراء، وشاهد تائهاً تاهتْ عنه ناقته، فأخذته عنوة السراب، أسبغ عليه من نعيم الظل، صبَّارات أشرأبتْ أغصانها القصيرة، فامتدت تعانق السماء، واستظل بها، قرب عين ماء فجَّرها من خضاب كفه، وجعل واحات التمر قريبة، حتى إذا انهمر الماء من السماء، فاضت الرمال بأناس فوق كثبان الصحراء، فأحالوها لمدينة تمتليء بالضحك، تكبر كلما زادت فقاعات الهواء المنبعثة من الحناجر الضاحكة...
• وإن مرَّ بعاشقين مختلفين، أسبل جفنيه، وجعل أهدابه تتساقط من كفِّ السماء، فإذا بها تنزل أمنياتٍ فوق كرسي اللهفة الذي يجمع بينهما، فأحال الآمال إلى واقع وردي يبتسم له الزوجان في آن...


• الزوجان يدربان صغارهما على المشي فوق الأرض...
• الأرض تستقبل الخطو بضحكات متناثرة مثل الفوشار
• الفوشار يفيض من دائرة الوجود فرحاً وراء فرح...
• الفرح بسمة الحياة، إذ ليس ثمة من يعكر صفو الخير هنا...

• يظلُّ سابحاً في مجرة الحلم، يستيقظ من هنيهات الدعاء المستغرق في السرد، على صوت الآذان الذي تمتليء به أحضان الشمس في حضور حبيبه النهار، يقوم من صلاته، وهو سعيد بأنه لم يقطع غصناً، يحمل فأسه على ظهره، ويعود أدراجه وهو يقول: لا أملكُ أن أقطع عنق صفصافة، ولست عدواً لأشجار السرو، هبني يا الله فأساً تمنح السكينة للروح المتخشبة، فلا تسلب أكسجين الله من روح الأرض!!

ذات تسامح
17/3/2016


على أرشيفي في إكسير http://ixiir.com/articles/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/5770/%D8%B9%D9%80%D9%80%D9%80%D8%B2%D8%A9%20%20%D8%B1%D8%AC%D9%80%D9%80%D8%A8/%D8%A5%D9%83%D8%B3%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A8%D8%A7%D8%A1/%D8%A2%D8%AE%D8%B1%20%D9%85%D9%86%D8%B4%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B3%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%8A%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D8%B1%D8%AF.html

على مدونتي سمراااء بنت خيالي

http://smraaa.blogspot.com/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب


.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري




.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات