الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مذكرات مواطن عربي

مريم الحسن

2016 / 4 / 12
الادب والفن


الفشل بالحلم
كان جالساً كعادته في ظل اتكساراته, ملقياً برأسه إلى الخلف و مسنداً ظهره إلى حائط الغد المجهول, مغمضاً عينيه على عتم الإطمئنان و آوياً إليه مسترسلاً بأفكاره التي كانت تهمس له بحجم حلمه الكبير الخجول حين سمع الصوت يأتيه آمراً: إنهض .... نهض و مشى خلف الصوت متتبعاً أثار صداه و متقفياً تردداته عبر اتساع أثير الصمت , خطواته تصحبه متكئة على ظله المظلم السائر معه ملتصقاً بلون تراب الأرض .. ظلّه هذا الذي حمل جسده المثخن بنزف تعب الانهزامات و شكّله الزمن امتداداً لسحنة وجهه الموشومة بخطوط آلام التجارب و احتمال الإبتلاءات كان قد تقوس من ثقل ذاكرته التي انهكتها تراجيع مشاهد الصراعات نفسها آلاف المرات فانحنى هيكله أكثر فأكثر مع الوقت لطغيان اللون الأحمر على خيارات باقي الألوان في لوحة الذكريات .. سار جسده مع ظله جنباً إلى جنب نحو الصوت الذي ناداه مسافة تفكر متأملة بحاله و بحال حجم حلمه الذي كبر حد عقم الإضمحلال و توهان التلاشي.. استمر بالتقدم خلف الصوت لمدةٍ راوحت ما بين انصياع كامل للأمر و ذهولٍ متسائلٍ عنه و بين دهشةٍ مستغربة منه و ترددٍ حذر يشكك به إلى أن سمع الصوت يأمره مجدداً: توقّف .... وقف فجأة متسمّراً في مكانه كجذعٍ مغروسٍ إلتلحم امتداد ارتفاعه مع امتداد اتساع المكان .. كشجرةٍ التصقت بأرضها الخالية إلا منها و اتحدت معها عارية إلا من أغصان خيباتها و عُري لونها الأسمر الذي ماثل لون عري تربتها, تحتها و على امتداد حدود الأفق الدائري من حولها انتشرت أوراقها الصفراء و تبعثرت بعد أن حصدتها رياح اليأس و سلمتها لزوبعة مرارة الخذلان و الإحباط , تلك التي عبثت بها و نثرتها على اتساع المدى أكواماً تصطف خلف أكوام و أشكالاً تنتظر أمر الريح لتعيد تشكيل تجمعاتها أكواماً تخلف أكواماً, لوّح صفرة بعضها احمرار لون الغضب و داخل صفرة بعضها الآخر ارجوانية اللا حيلة أما القسم الأكبر منها فاكتفى بأحادية لون اصفرار ما قبل السقوط .... لحظة تفكر مرت على خاطره كأنها الدهر و هو في مكانه يحاول تحرير إرادته من تسلط الصوت عليها .. يجاهد رغبته لردعها عن الامتثال لأوامره حيناً و حيناً يلوم تهور حشريته التي أغواها طمعها بمعرفة نهاية خط المسير .. تلت لحظة التفكر بضع دقائق من فراغ صامت و انتظار نابض و إغماضة جفن تعبة أيقظتها نبرة الصوت الآمرة: إحفر .... هوى بجسده إلى مكان قدميه... ركع فوق التراب و أخد منه قبضتين .. رفعهما حتى مستوى ناظريه و حدق بهما .. راقب انسلال حبات التراب من بين أصابعه... فتح كفيه ليرى ماذا بقى لهما فتراءى له حلمه قبضة تراب رفضت مغادرة الأمل بالبقاء في بطن راحة كفّه .. نظر إلى حلمه و قد تجسد تراباً أحمراً .. تأمله لبرهة حزن .. قبّله قبلةً مبهمة ثم نثره عالياً في الهواء فوق رأسه و بدأ بالحفر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??