الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيمة انساننا وقيمة انسانهم: لماذا لن يكون سلام في الشرق الأوسط

سيلوس العراقي

2016 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يخيّل للبعض بأنّ السلام في الشرق الأوسط والعالم العربي يعتبر من الأمور الصعبة إن لم تكن من الأمور المستحيلة. وللبعض هذا الأسباب المختلفة والمتباينة بحسب اختلاف مرتكزاته ومنطلقات رؤيته للأمور العربية والشرق أوسطية. فلم يخلُ عقدٌ من عقود تاريخ العرب القريب منذ مائة عام من الحروب والمعارك ونزف الدماء في مختلف بقاعه. وبالتأكيد للأطراف العربية المختلفة أجوبتها المختلفة حول صعوبة أو استحالة العيش بسلام دائم، ليست موضوع مقالنا الذي يحاول أن يستعيد بعض الصور من تاريخ انتصارات العرب إضافة الى رؤية احدى سيدات السياسة الشرق أوسطية والعالمية من القرن الماضي ورأيها في هذا الشأن.
أعتقد ان الكثير من القراء يتذكرون عودة الجيوش العربية من حرب حزيران (الأيام الستة) الى أوطانها وعواصمها ومدنها، وكيف تمّ استقبال القوات المسلحة العائدة بالاحتفالات وأغاني الانتصار على العدو، وبالهتافات الشعبية بالنصر في كل شارع وحي ومدينة مرّت بها هذه القوات، وتم اخراج كافة تلاميذ المدارس لاستقبال جيوشهم وابناء قواتهم المسلحة البطلة والمنتصرة، باناشيد الافراح والنصر. وفي الحقيقة انها لم تكن منتصرة، لكن العرب كعادتهم يصرّون على الاحتفال بعد انتهاء أي من معاركهم مهما كانت نتيجة تلك المعركة أو الحرب.
وتمت اقامة ذات الاحتفالات بالنصر بعد عودة القوات المسلحة العربية الى اوطانها بعد حرب تشرين.
وكذلك بعد كلّ حربٍ قام بها لبنان ضد اسرائيل تمت الاحتفالات اللبنانية بـ (الانتصار) على اسرائيل بالرغم من الآثار التدميرية والخراب الذي لحق بلبنان.
وذات الاحتفالات الفلسطينية بالنصر في المدن العربية الفلسطينية في كل معاركها وحروبها مع اسرائيل، التي لم تنته بعد انتصاراتها المستمرة .
يبدو ان الانتصار بالنسبة للعرب أمرًا طبيعيا دائمًا بعد كلّ حرب، لانهم يحتفلون لمجرّد انهم اشتركوا في المعارك. فيقيمون الاحتفالات الصاخبة بالشعارات وتعلو أصوات الحناجر في هتافاتها بالنصر على العدو ودحره وتعليمه درسًا وإهانة جيوشه إضافة للتباهي بصمود الشعب العربي رغم ... ورغم كل شيء.
ولو سألت أيّ رئيسٍ من بين رؤساء الدول العربية، أو تسأل أيّ من الجهات الرسمية المختصة والمخولة في أية حكومة عربية اشتركت في الحروب عن عددِ قتلاهم ومفقوديهم، فليس هناك من جواب واحد، هذا إن كان لديهم فعلا أي جواب، فسيتم تجهيزك بأرقام مختلفة، الى درجة أنهم لا يعرفون مصير العديد بل الكثير من قتلاهم، ولا يعلمون إن كانوا قد دفنوا أم لا.

في مقابلة صحفية قامت بها الايطالية الشهيرة في عالم الصحافة ،الصحافية الراحلة اوريانا فللاتشي، في تشرين الثاني من عام 1972م مع رئيسة الوزراء الاسرائيلية الراحلة كولدا مائير التي ستجيب على سؤال : متى سيحلّ السلام في الشرق الاوسط ؟
"انني اعتقد بأن الحرب في الشرق الأوسط ستستمر لسنين طويلة طويلة، وسأقول لك لماذا.
لعدم الاهتمام (اللامبالاة) التي يتحلى بها الرؤساء العرب في ارسال أبناء بلادهم الى الموت، وللقيمة البخسة التي يقيّمون بها حياة ابناءهم والحياة البشرية، ولعجز شعوبهم العربية في الاعتراض والانتفاض وقول : "كفى" لحكامهم.
أتذكرين حينما استنكر خروشوف جرائم ستالين خلال المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي؟
سُمِعَ صوتٌ من بين الجالسين في المقاعد الخلفية في صالة المؤتمر:" رفيق خروشوف وأين كنتَ أنتَ حينها ؟
فدار خروشوف برأسه شمالا ويمينًا، فلم يعثر على صاحب الصوت فسأل: من الذي تكلّم ؟
فلم يُجبْ أحدٌ في القاعة.
وسأل ثانية : من الذي تكلم، ومن جديد لا جواب (ولا حسّ ولا نفَسْ).
عندها صوت خروشوف يهتف مُجيبًا: "ايها الرفيق، انني كنتُ حيث أنتَ الآن".
هكذا هو الشعب العربي تمامًا، يجلس في المكان الذي كان فيه خروشوف، والمكان الذي كان فيه الرفيق الذي طرح السؤال (صوتيًا) فجأة على خروشوف من دون الشجاعة في إظهار وجهه.
ان السلام ممكنٌ مع العرب وممكنٌ الوصول اليه، عن طريق تطوّرهم الذي يتضمن الديمقراطية.
لكن كيفما وأينما أدور بنظري، لا أرى حتى ظلاً لديمقراطية.
أرى فقط أنظمة دكتاتورية. وبالنسبة للدكتاتور فالسلام لا يعنيه شيئًا، وهو ليس مسؤولا أمام شعبه في هكذا شأن. ولا يتحمّل أيضًا أية مسؤولية أمام موت شعبه بالتالي.
لم يعرف أحدٌ كمْ عدد الجنود الذين ماتوا خلال حربين،
فقط الأمهات والأخوات والزوجات، اللواتي لم يروا عودة ابنائهن وأزواجهن واخوانهن.
إضافة الى ذلك ، أن الرؤساء والمسؤولين العرب لا يهمهم أيضًا أين تم دفن قتلاهم، إن كانوا قد دُفنوا..

أما بالنسبة لنا فلا نحبّ الحروب، حتى حين نربحها.
بعد الحرب الأخيرة (حرب حزيران، أو الأيام الستة) لم يكن هناك مظاهر بهجة وأفراح في شوارعنا. لم تكن هناك لا رقصات ولا أغاني ولا احتفالات.
وكان عليك أن تري جنودنا العائدين منتصرين، كلّ منهم كان يمثل صورة من صور الحزن. ليس فقط لأنهم رأوا اخوتهم يموتون في ساحة الحرب، بل لأنهم كانوا مضطرّين لقتل اعدائهم. العديد منهم حبس على نفسه في غرفته في منزله وماكان يحبّ الحديث مع أي كان. أو كان يفتح فمه ليعيد ويكرر الجملة ذاتها : "لقد اضطررت لاطلاق النار، لقد قتلتُ".
تمامًا على عكس العرب، فقمنا بعد انتهاء الحرب بتقديم عرض للمصريين لتبادل السجناء الأسرى، 70 منهم مقابل 10 منّا. فكان جواب المصريين: ان أسراكم أشخاص رسميون ، بينما أسرانا فهم ليسوا إلا فلاحين.
مستحيل...فلاحين ..مزارعين !!!!".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - the hardware and the software
nasha ( 2016 / 4 / 14 - 00:17 )
السبب في ذلك الفرق بين الاسرائيليين والعرب ليست القيادات والشعوب يا استاذ سيلوس وانما الفرق هو في الثقافة(the software) فقط.
اسرائيل غربية الثقافة بينما العرب شرقيو الثقافة .
المسألة بسيطة وليست بذلك التعقيد ولكن الحل صعب لان تبديل الثقافة يعتبر تبديل هوية.
البشر هو نفس البشر سواء اسرائيلي او عربي.
تحياتي


2 - الاستاذ ناشا
سيلوس العراقي ( 2016 / 4 / 14 - 11:35 )
الاخ الاستاذ ناشا
شكرا لمرورك وتعليقك
انك تغني المقالات بتعليقاتك
تقبل محبتي وتحياتي


3 - إلى الزميل سيلوس: ضباط أم رسميون؟
يعقوب ابراهامي ( 2016 / 4 / 14 - 12:06 )
تحياتي لك
أنت تنقل عن غولدة مئير أن جواب السلطات المصرية على اقتراح تبادل الأسرى كان كما يلي: ان أسراكم أشخاص رسميون ، بينما أسرانا فهم ليسوا إلا فلاحين
أعتقد أن أحدكم، أنت أو الصحفية الإيطالية أو غولدة مئير نفسها، قد وقع في خطأ
أعتقد أن المقصود هو ضباط
officers
وليس رسميون
officials


4 - ضباط أم موظفون رسميون
سيلوس العراقي ( 2016 / 4 / 14 - 13:09 )
الاخ يعقوب
مرحبا
العبارة الايطالية في النص هي
ufficiali
تعني رسميون ، موظفو حكومة رسميين وتعني أيضًا ضباط
ولأن الأسرى الاسرائيليين لم يكونوا كلهم ضباطا
فالاقرب ـ حسب ما اعتقده ـ الى الصواب في العربية أن يكونوا موظفين رسميين
ليكون في تضاد المقارنة (التي جاءت على لسان المصريين) مع مزارعين أو فلاحين غير رسميين
بل أناس جاءوا بهم من الحقول والمزارع ليحاربوا
بينما العسكر الاسرائيلي جاءوا في أغلبهم من المكاتب والوظائف الرسمية وغيرها
واشكرك لمرورك وتدقيقك ملاحظتك المهمين جدا
تحياتي


5 - في خاطري زيارة دولة اسرائيل
بارباروسا آكيم ( 2016 / 4 / 14 - 13:45 )
إِسرائيل دولة متقدمة تخطو بنجاح نحو المستقبل ،


جميلة هي القصص التي تكتبها أَخ سيلوس

كان بودي أَخ سيلوس أَن ازور اسرائيل تحديداً المنطقة المسماة جيهنوم او جهنم .. لماذا لاتكتب حول هذا الموضوع أَخ سيلوس ؟

تحياتي وتقديري


6 - اسرائيل وبارباروسا
سيلوس العراقي ( 2016 / 4 / 14 - 14:11 )
الاخ بارباروسا
مرحبا وشكرا لمرورك وتعليقك
أعتقد أن لدي هنا في أحد مقالاتي شيء عن جهنم الكنعانية وجهنم الاسلامية
انت حر يا بارباروسا في زيارة اي بلد تحب في العالم عدا سوريا والعراق واليمن وليبيا هههه
يمكنك أن تزور اسرائيل مثلما زارها ويزورها مئات الملايين من السياح

تحياتي


7 - اسرائيل وبارباروسا
سيلوس العراقي ( 2016 / 4 / 14 - 14:11 )
الاخ بارباروسا
مرحبا وشكرا لمرورك وتعليقك
أعتقد أن لدي هنا في أحد مقالاتي شيء عن جهنم الكنعانية وجهنم الاسلامية
انت حر يا بارباروسا في زيارة اي بلد تحب في العالم عدا سوريا والعراق واليمن وليبيا هههه
يمكنك أن تزور اسرائيل مثلما زارها ويزورها مئات الملايين من السياح

تحياتي

اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف