الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وماذا عن -علي والرئيس-؟

عديد نصار

2016 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


لم يلحظ الحكم الأخير الصادر بحق الوزير السابق ميشيل سماحة، باستثناء عبارة متواضعة وردت في حيثيات الحكم، أي قرار يتعلق بالجهات التي كانت وراءه وأمنت له المتفجرات ولوازم عمليات الإرهاب التي أريد لها لو استكملت خطواتها، أن تفجر لبنان وأن تفتح على حرب مذهبية وطائفية مدمرة.
ولم تكن تلك الجهات خافية على أحد بعد نشر التسجيلات التي وثقها المخبر ميلاد الكفوري والتي ردد فيها ميشيل سماحة مرات عدة اسمي علي مملوك والرئيس السوري أنهما الوحيدان اللذان يعرفان بتلك العملية.
ومن المتعارف عليه، بل من بديهيات الأمور، أن يقرن القاضي أو هيئة المحكمة الأحكام الصادرة بحق المتورط بقضية جرمية بالجهات التي خططت ومولت وقدمت التسهيلات لتنفيذ تلك الجريمة. ولكن في قضية ميشيل سماحة آثرت المحكمة مرتين أن تفصل بين الجناة وأن تحصر القضية به وحده دون الإشارة في سياق الحكم إلى الجهات التي وقفت وراءه.
وإذا اعتبرنا أن المجرم المباشر في هذه القضية قد نال حكما مقبولا، ثلاث عشرة سنة مع الأشغال الشاقة وحرمانه من حقوقه المدنية، فإن هذا الحكم يبقى مبتورا كون الجاني لم يقم بهذه الجريمة عينها من تلقاء نفسه، بل ما كان ليفكر في القيام بها لولا طلب "علي والرئيس"، والمقصود بهما اللواء علي مملوك رئيس جهاز الأمن القومي، والرئيس السوري بشار الأسد، وتأمينهما الشروط اللوجستية والحماية اللازمة لارتكابها.
أما العبارة المنوه بها، والتي اشارت إلى "آخرين" فقد وردت في الحيثيات على النحو التالي:
"وحيث من الثابت أن ما أقدم عليه المتهم ميشيل سماحة من خلال اجرائه اتفاقا شفهيا مع ميلاد الكفوري وآخرين تتم محاكمتهم بشكل مستقل على حدة فصل عن هذا الملف..." وهي عبارة ملتبسة لا تؤدي شيئا خصوصا إذا علمنا أن "محاكمتهم" قد تستغرق دهرا وأن نتائجها ستكون عرضة حكما للمداخلات السياسية داخليا وخارجيا.
فيما جاءت صياغة قرار المحكمة وسوق حيثياته ليؤكدا بوضوح تحاشي المحكمة التام التطرق الى "كل" من أظهره التحقيق بالفعل ممولا ومحرضا ومتدخلا ودافعا إلى ومسهلا ارتكاب جريمة بهذا الحجم من الدموية وبهذا الحجم من الدفع بالبلاد الى حدود حرب فتنوية لا يمكن التكهن بآفاقها.
فبعد الحيثيات التي أريد منها دحض نظرية "الاستدراج" التي تقول إن سماحة تعرض للاستدراج من قبل ميلاد الكفوري للقيام بما قام به من أجل نسف تاريخه السياسي والإساءة الى "حلفائه"، وهي حيثيات مقترنة بقرائن ودلائل لا لبس فيها، جاءت الحيثيات التي استند إليها قرار المحكمة تصور ميشيل سماحة وكأنه قام بكل ما قام به مستقلا عن أية جهة كما لو أنه مؤمن بقضية ما جنّد نفسه وآخرين للقيام بها!
فقد جاء في الحيثيات تلك: - حيث انه اسند للمتهم ميشيل سماحة الحض على التقتيل....
- وحيث أنه أسند الى المتهم إقدامه على حيازة مواد متفجرة ونقلها بقصد ارتكاب جرائم قتل ...
-وحيث أنه اسند للمتهم إقدامه على القيام بأعمال إرهابية...
- وحيث أنه أسندت للمتهم حيازة أسلحة حربية غير مرخصة...
- وحيث أن المتهم وافق على حصول هذه التفجيرات برغم علمه بأنها ستؤدي إلى مقتل مواطنين وربما بعض السياسيين ورجال الدين...
وإذا كان الحكم السابق الذي أصدرته المحكمة العسكرية بحق ميشيل سماحة والذي اعتبر حكما مخففا بشكل مخيف نتيجة الضغوط السياسية، فإن هذه الضغوط لم تزل رغم حدوث ضغوط كبيرة بالمقابل دفعت الى نقض الحكم الأول والتوصل الى حكم جديد ينبغي علينا كمحللين أن نستشف تسوية ما وراءه، تسوية سياسية بالفعل حيث باتت ورقة سماحة محروقة تماما فلا بأس من إنزال حكم "أكثر تشددا" به مقابل التغاضي عمّن خطط وحرّض وموّل، وزوّد بأدوات القتل ووجه إلى التنفيذ، والذي تكرر اسمه كما سبق وأشرنا مرات عدة على لسان ميشيل سماحة: "علي والرئيس".
فإذا كان ميشيل سماحة قد نال نصيبه فماذا عن المجرم الحقيقي؟ ماذا عن "علي والرئيس"؟
لن يفيد في شيء كل هذا التهليل والاحتفال بـ"عدالة" و"نزاهة" القضاء والادعاء بضرورة الحفاظ على المحكمة العسكرية ليستمر ميزان "العدالة" منتصبا! فقد بات واضحا أن لا استقلالية للجهاز القضائي ولا عدالة في أحكامه طالما ظل خاضعا لابتزاز القوى المافيوية المتسلطة وأداة بيدها "لتنفيذ القانون" بالخصوم، أو لعقد التسويات الـ"قضائية" بين قوى السلطة. ولن يجدي نفعا ولا إقناعا كل هذه التصريحات من هذا القاضي أو ذاك ابتهاجا باستقلالية مزعومة ونزاهة مدعومة ولو أعجبتنا إعادة سماحة الى السجن حيث ينبغي لمثله أن يكون. فكثيرون آخرون يستحقون أكثر من ذلك لم يبادر قضاؤنا "الشامخ" إلى التحرك لإنقاذ البلاد من جرائمهم رغم تواتر الفضائح واستفحال الجرائم التي يرتكبون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا