الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبن رشد (Averroes) و ولّادة وإيزابيلا

محمد بن زكري

2016 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


بصرف النظر عن كون الوجود العربي الإسلامي في الأندلس وجودا استعماريا استيطانيا ؛ فإنه من المؤشرات الهامة أنه بينما كان رجال الدين (علماء الإسلام) يكفّرون ابن رشد - وهو بالمناسبة أمازيغي الأصل - وينعتونه بالزندقة و الإلحاد ، و بينما كان المسلمون في الأندلس (Andalusia) يحرقون كتبه (الكفريّة) ، كانوا في الوقت نفسه يرفعون المومس ولّادة بنت المستكفي إلى أعلى قمم المجد !وكان الأوربيون يرفعون ابن رشد (Averroes) إلى أعلى درجات التقدير كعالم ومفكر ، ويترجمون كتبه في الفلسفة و الطب و الفلك و الفيزياء إلى لغاتهم .. بكل الاحتفاء .
وبينما كانت جحافل جيوش فردناند وإيزابيلا تحاصر غرناطة (Granada) ، لتحرر آخر جيب من جيوب الاستعمار الاستيطاني العربي الإسلامي في أندلوسيا ، كانت الجواري المغنيات في قصور حاشية الخليفة محمد الصغير .. يتمايلن سكرانات على أنغام موشحات الغرام : " جادكَ الغيثُ إذا الغيثُ همى .. يا زمانَ الوصلِ بالأندلسِ " !!
وانتقالا سريعا إلى واقع العرب والمسلمين اليوم ؛ من اغتيالٍ وإعدامٍ وتكفيرٍ للمفكرين ، كفرج فودة في مصر ، وحسين مروة في لبنان ، ومحمد محمود طه في السودان ، ونصر حامد أبو زيد في مصر .. إلى اضطهاد و ملاحقة و سجن الباحثين و أصحاب الرأي و الأدباء و الشعراء كإسلام بحيري و فاطمة ناعوت ، بتهمة إزدراء الأديان . نجد نفس مشهد حرق كتب إبن رشد في القرن الثاني عشر ، يتكرر بكيفيات مماثلة - لكنها و الحق يقال متطورة - في القرن الواحد و العشرين .
و كما احتفت أوربا منذ نحو تسعة قرون بمؤلفات إبن رشد ، نرى اليوم هجرة العقول من الدول الناطقة بالعربية إلى أوربا وأميركا ، هربا من معاناة ظروف الغبن والاضطهاد و الأخطار المحدقة بالحياة ، جرّاء استبداد و فساد نظم الحكم ، مع تنامي النفوذ المعنوي لباعة الفتاوى الدينية (فقهاء السلطان) ، في واقع التخلف الاجتماعي السائد ؛ بالتزامن مع ارتهان النظام الرسمي العربي - دولا ومنظمات - لسياسات الهيمنة الأمبريالية الغربية (بقيادة أميركا) ، في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير ، الذي تحتل فيه إسرائيل مركز النظام الإقليمي كامبريالية صغرى . وذلك كله بالتوازي مع الاحتفاء الجماهيري الواسع بنهود وسيقان فتيات الفن الهابط ، اللواتي تتضاعف أعدادهن كالأرانب ، و يتحولن بسرعة مذهلة إلى نجوم و صاحبات ملايين ، و الفضل الأكبر لأثرياء البترودولار من مشيخات الخليج الفارسي و أثرياء السطو على المال العام ، بينما لا أحد من الجماهير (الرثة) يعرف اسم الفنانة الملتزمة أميمة الخليل ، و لا سمع بالشاعر التونسي المناضل محمد الصغيّر وْلاد حْمد .. الذي غادر منذ بضعة أيام ، و تحصيل حاصل أنهم يجهلون تماما من يكون المفكر الكبير سيد القمني .
و استطرادا .. فإنه بينما كان العالم المتحضر يحتفل منذ سنتين (يوم 14 ابريل 2014) بالذكرى 888 لميلاد أبي الوليد محمد بن رشد في قرطبة (Cordoba) ، كان المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها معنيين بالبحث في حُجّيّة نكاح القاصرات ، وأحكام رضاع الكبير ، و يطالبون بدسترة و تطبيق أحكام شريعةٍ ، تقضي بقطع الرؤوس و الأطراف ، و تفرض الحجاب على النساء ، باعتبار أن المرأة عورة ، حتى لو كانت عالمة فيزياء نووية .
و من ثم يمكن القول بأنّ لسقوط الحضارة و الخروج من التاريخ مؤشراتٍ مشتركة بين كل العصور ، لا يمكن أن تغيب عن إدرك دارس أو أن تخفى عن رؤية مراقب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الزمن كفيل بمعالجة هـولاء المعوقين عقلياً
س . السندي ( 2016 / 4 / 14 - 16:38 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي محمد وتعقيبي ؟

1: أولا يسلم قلمك وطرحك ، فالسذج والمغيبين المساكين اليوم بأمس الحاجة للمتنورين لإنقاذهم أيدي تجار الدين المشعوذين ؟

2: حول زنادقة الحضارة الاسلامية الخرافية كتبت أكثر من مقال ، فعن أية حضارة يتشدق هـولاء المرابين المنافقين وعن أي علماء ومفكرين إسلاميين يتكلمون ، عن إبن رشد أم عن إبن خلدون أم عن إبن سينا أمام الملحدين الذي قال { لقد إبتلينا بقوم يضنون أن ألله لم يخلق غيرهم ليعبدوه ؟

3: وأخيرا... ؟
مايعوز غالبية المسلمين ليس فقط شلالات المعرفة بل أيضا الشجاعة لقول الحقيقة ، والتي بغيرها سيكونون كبراقش التي جنت على نفسها وقومها ، وكم يعرف الماء بعد جهد جهيد بالماء ، سلام ؟


2 - الزمن كفيل بتأديب كل المنافقين
س . السندي ( 2016 / 4 / 14 - 17:11 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي محمد وتعقيبي ؟

1: أولا يسلم قلمك وطرحك ، فالسذج والمغيبين المساكين اليوم بأمس الحاجة للمتنورين لإنقاذهم أيدي تجار الدين المشعوذين ؟

2: حول زنادقة الحضارة الاسلامية الخرافية كتب أكثر من مقال ، فعن أية حضارة يتشدق هـولاء المرابين المنافقين وعن أي علماء ومفكرين إسلاميين يتكلمون ، عن إبن رشد أم عن إبن خلدون أم عن إبن سينا أمام الملحدين الذي قال { لقد إبتلينا بقوم يضنون أن ألله لم يخلق غيرهم ليعبدوه ؟

3: وأخيرا... ؟
مايعوز غالبية المسلمين ليس فقط شلالات المعرفة بل أيضا الشجاعة لقول الحقيقة ، والتي بغيرها سيكونون كبراقش التي جنت على نفسها وقومها ، وكم يعرف الماء بعد جهد جهيد بالماء، سلام ؟


3 - الزمن كفيل بتأديب كل المنافقين
س . السندي ( 2016 / 4 / 14 - 17:12 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي محمد وتعقيبي ؟

1: أولا يسلم قلمك وطرحك ، فالسذج والمغيبين المساكين اليوم بأمس الحاجة للمتنورين لإنقاذهم أيدي تجار الدين المشعوذين ؟

2: حول زنادقة الحضارة الاسلامية الخرافية كتب أكثر من مقال ، فعن أية حضارة يتشدق هـولاء المرابين المنافقين وعن أي علماء ومفكرين إسلاميين يتكلمون ، عن إبن رشد أم عن إبن خلدون أم عن إبن سينا أمام الملحدين الذي قال { لقد إبتلينا بقوم يضنون أن ألله لم يخلق غيرهم ليعبدوه ؟

3: وأخيرا... ؟
مايعوز غالبية المسلمين ليس فقط شلالات المعرفة بل أيضا الشجاعة لقول الحقيقة ، والتي بغيرها سيكونون كبراقش التي جنت على نفسها وقومها ، وكم يعرف الماء بعد جهد جهيد بالماء، سلام ؟


4 - الزمن كفيل بتأديب كل المنافقين
س . السندي ( 2016 / 4 / 14 - 17:12 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي محمد وتعقيبي ؟

1: أولا يسلم قلمك وطرحك ، فالسذج والمغيبين المساكين اليوم بأمس الحاجة للمتنورين لإنقاذهم أيدي تجار الدين المشعوذين ؟

2: حول زنادقة الحضارة الاسلامية الخرافية كتب أكثر من مقال ، فعن أية حضارة يتشدق هـولاء المرابين المنافقين وعن أي علماء ومفكرين إسلاميين يتكلمون ، عن إبن رشد أم عن إبن خلدون أم عن إبن سينا أمام الملحدين الذي قال { لقد إبتلينا بقوم يضنون أن ألله لم يخلق غيرهم ليعبدوه ؟

3: وأخيرا... ؟
مايعوز غالبية المسلمين ليس فقط شلالات المعرفة بل أيضا الشجاعة لقول الحقيقة ، والتي بغيرها سيكونون كبراقش التي جنت على نفسها وقومها ، وكم يعرف الماء بعد جهد جهيد بالماء، سلام ؟

اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة