الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليلة غريبة قصة قصيرة

رياض كاظم

2005 / 12 / 4
الادب والفن


في الأيام القليلة الماضية ، رأى الرعاة ذئباً جائعاً يجوب المزرعة المجدبة التي تحيط بقريتنا ، فأصاب الناس الهلع وأخفوا بقراتهم وخرافهم وسوروا منازلهم بالأشواك وجلسوا ينطرون .
وحينما حل المساء دفعوا كلابهم خارج منازلهم وتركوها تجوب المزرعة على شكل مجموعات تعوي في وجه القمر وتشمم رائحة الذئب وتطارده من مكان الى آخر حتى إبتعدت كثيرا ولم يعد يرها احد ، وبعد منتصف الليل عادت الى القرية منهكة وملطخة بالدماء وفي عيونها لمعان غريب .
كانت قريتنا بعيدة عن المدينة وتتكون من عدد قليل من البيوت المبنية بشكل عشوائي ، ومن ينظر لها من بعيد لا يجد في نفسه الرغبة بزيارتها ، لذلك لم يقع عليها غريب أو يمر بها عابر سبيل أو كلب ضال ، حتى أن شيوخها الذين تآكلت اسنانهم من فرط الثرثرة والتدخين لم يتذكروا من حياتهم الماضية سوى تلك الليلة الغريبة التي سمعوا بها هدير محرك شاحنة ضخمة بلا أضواء مرت مسرعة الى جانب القرية حتى كادت تدهس البقرات ، فنبحت الكلاب وأصابتها نوبة جنون وطاردتها لأميال عدة دون جدوى ثم عادت واخذت تطلق نباحاً غريباً .
سائق الشاحنة المظلمة لم يلق عليهم التحية أو حتى ينظر لهم ، لكن أحد الشيوخ مازال مصراً على انه رأى وجه السائق الذئبي المتوعد ، ورأى تكشيرة أنيابه ، لكن احدا لم يصدقه ، حتى انهم كذبوا بعضهم بشأن مرور الشاحنة وأخذوا يسخرون من ذلك الخاطر المزعج .
في الليلة نفسها حملت الريح رائحة ثقيلة تشبه رائحة دم فاسد وبراز ، ولم تنفع أعواد البخور والأفاوية بابعادها عن الغرف والخلوات ، بل ازدادت ثقلا مع مرور الوقت وخيمت على اجواء القرية الوادعة حتى عاف الرضيع ثدي أمه وكفت البقرات والخراف عن إجترار العشب وأخذت الكلاب بالعواء ثانية وتجمعن عند مدخل القرية وعندما اكتمل عددهن انطلقن خلف الرائحة .
الرائحة الفاسدة جذبت الذئب الجائع فجاء يبحث عن عشائه ، ولست ادري الى أين ذهبت الكلاب ؟! فقريتنا لا تستطيع الدفاع عن نفسها دون الإستعانة بتلك الكلاب الشرسة لإبعاد الذئب على الأقل أوقتله .
الحروب أخذت معظم رجال القرية فلم يبق سواي والشيوخ الثلاثة والرعاة وبعض الأطفال الذين لا يريدون تصديق أي شيء ، فحينما ينزل المطر يبشرون بالجفاف وحينما تشبع الأرض يتغنون بجدبها ، ومثل اولئك الأطفال لا يدافعون عن قرية او منزل او حتى باب .
لم يعد أحد من تلك الكلاب الى القرية ثانية ، لكن واحداً من الشيوخ تذكر انه رأى شاحنة مظلمة تمر الى جانب البيوت ، تذكر إن الكلاب لم تعد لمنازلها بعد ،
فتلفع بأطمار بالية وهميان مليء بالأدعية والبخور وتوجه الى حيث ذهبت الشاحنة والكلاب .... لكنه لم يعد أيضاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟


.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا




.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل


.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل




.. الطفل آدم أبهرنا بصوته في الفرنساوي?? شاطر في التمثيل والدرا