الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصرع على طريقة مجلس النواب

جعفر المظفر

2016 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الصرع على طريقة مجلس النواب
جعفر المظفر
الصرع الوطني الذي إنفجر فجأة في مجلس النواب جعلنا أمام معطيات قد تساهم بمزيد من تدهور الوعي.
بدأ إختلاط الأوراق, ولا أقول خلطها, حينما دخل الصدريون على خط التظاهرات السلمية المطالبة بالإصلاح, والتي تصدى لقيادتها ناشطون من التيار المدني الديمقراطي, وكنا بإنتظار أن تتطور تلك التظاهرات إلى تأسيس حالة مقنعة كمركز جذب للحصول على تأييد قوى مقررة ربما تكون مهيئة للمساعدة على إخراج العراق من مأزقه بعد أن بات في علم الجميع أن بقاءه ضمن حالته سيكون بمثابة مهلكة للكل وليست حكرا على شعبه لوحده.
لم نكن يومها من جماعة نظرية المؤامرة لنقول أن الصدر كان دخل على خط التظاهر لغرض إحتوائه ومن ثم إجهاضه. في الحالتين كنا سنكون مخطئين: حين نتصور أن الصدر قد فعلها خالصة لوجه الله أو حينما نتصور أن دخوله على الخط كان خلوا من اية حسنة. وفي كل الأحوال كان دخول الصدر على خط التماس إشارة واضحة إلى أن الوضع قد وصل إلى ما لا تطيقه بيوتات النظام التي صارت هي نفسها في مواجهة أزمة حقيقية مع النظام الذي لم يعد قادرا إلا على إنتاج السيئات.
الأزمة الأخيرة داخل مجلس النواب التي حاول فيها حتى شيوخ الفساد أن يبرزوا عضلاتهم الوطنية هي تعبير عن مزيج من أزمات داخلية لأصحاب النظام, ومن النوع الذي بات يصعب حله بالترضيات, إذ لا يمكن لعاقل أن يتصور أن النخوة الوطنية للنواب قد بانت فجأة بعد أن تحول أصحابها إلى معامل لإنتاج الفساد وتكريره. ومرة أخرى نحن لسنا من أصحاب نظرية المؤامرة لكي نقول أن هذا الهرج مبيت لغرض إحتواء الإنتفاضة الجماهيرية أو مزايدة البعض على البعض في عروض الرفض المقرفة.
بالتأكيد لا يمكن التقليل من شأن تصاعد الإنتفاضة الجماهيرية الضاغطة, لكن سيكون من باب إيهام النفس لو تصورنا أن هؤلاء سيذهبون بإتجاه الإصلاح بما يتوافق والمنظور الجماهيري, أو إنهم صاروا فعليا على قناعة بضرورة الإصلاح نفسه, فلقد أثبتت سياقات تعامل هذه القوى مع أشكال المطالبة الجماهيرية بالإصلاح أنها غير مهتمة إلا بإحتواء هذه الفورة والعمل على تفريغها. كل ذلك صار يدفعنا للبحث عن الأسباب الحقيقية لإصابة نوابنا بهذه النوبة الوطنية من خارج منطق الإستغفال الذي برع هؤلاء النواب على إتقانه. ومن أهم ما يجب ان نحتاط منه هو الظن بإمكانات أن يصحو نوابنا من مرض تفسخ الضمير فنراهم وقد عادوا بشرا أسوياء.
لكن سيكون مطلوبا ان نتفاءل ولو بالظن أن النظام بات عاجزا عن التفاهم مع نفسه, مما يعرضه إلى الإصابة بنوبات من الصرع الحاد كتلك التي نشاهدها على الطبيعة, وفي داخل مجلس النواب نفسه.
وبالتأكيد فإن يحدث في مجلس النواب لا علاقة له البتة بدعوات الإستجابة لمطالب الجماهير أو حتى لشكل الإصلاح الترقيعي الذي يقوده العبادي والذي قد يظن بعض النواب وخاصة من دولة القانون أن سياقاته قد تؤدي بالنتيجة إلى الإضرار بزعاماته وفي مقدمتهم المالكي نفسه. وليس غريبا بالتالي أن يطالب هؤلاء بإحلال مبدأ الأغلبية السياسية كبديل لسياسة المحاصصة الطائفية بما يعني إعادة الكرة مرة أخرى لأقدام تاج الرأس الماينطيها.
بشكل رئيسي يمكنني القول ان ما يحدث داخل مجلس النواب هو عبارة عن صراع بين نوعين من الإصلاح, أولهما الذي يقوده العبادي والذي يتضمن الإصلاح من داخل نظام المحاصصة والثاني الذي يقوده المالكي والذي يتضمن الإصلاح على طريقة إبدال نظام المحاصصة الطائفية بنظام الأغلبية السياسية والذي هو في حقيقته نظام الأغلبية الطائفية.
أما مشروع الإصلاح الحقيقي فهو ذلك الذي يتأسس في ساحة التحرير وليس في مجلس النواب.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - منطق العقل
يونس حنون ( 2016 / 4 / 14 - 17:51 )
مرة اخرى يعطينا الاستاذ المظفر الزبدة الصافية فيما يحدث اليوم من مهازل في مجلس النواب وبلغة راقية احسده على ادبها ،فأنا الوم نفسي دائما لأني لا استطيع سوى ان اتكلم بلغة اولاد الشوارع عندما اكتب عن حثالات زمن المحاصصة السوداء والذين كرهونا بالسياسة وبأهلها
دكتور جعفر ، انت من الاقلام التي نعتز باخلاقياتها العالية ولغتها التحليلية السليمة ....و الغريب اني كلما قرأت لك تذكرت ابراهيم الجعفري ....لكن لسبب مختلف تماما ....ولا اريد ان ازيد كي لا يخرج ماهو محتبس في لساني من اوصاف تليق بأولئك المسوخ...شكرا لك


2 - بعض المشاهد
د.قاسم الجلبي ( 2016 / 4 / 15 - 11:39 )
نشاهد على شاشات التلفاز بعض الوجه الكريهه والتي كانت سابقا بوقا للدفاع عن الطائفيه وتمجيدها , بدأت هذه الوجوه نفسها تطالب بالآصلاح السياسي الحقيقي وبمجىء تكنوقراط بعيدن عن الانتماء الطائفي والحزبي , والآن يدعوا السيد موفق الوبيعي الى قيام ثوره حقيقيه في داخل المجلس النيابي وخارجه ضد المحاصصه الطائفيه والحزبيه , والسؤال الذي يطرح الان ؟ اين انتم خلال هذه السنين العجاف الى مرت على العراق من نهب وقتل ودمار بحق شعبنا المسكين؟والاصطفاف الطائفي المقيت؟ والجواب هم يحاولون ركوب الموجه من اجل الحفاظ عل امتيازاتهم , ان اعتصام حنان الفتلاوي وعاليه نصيف وغيرهن داخل المجلس النيابي هن انفسهن كانوا يدافعن وفي ملىء افواههن على االحفاظ على مكاسبهن , علينا اخذ الحيط والحذر من هؤلاء الانتهازيون اللذين يغيرون جلودهن وانتماءهن في كل ظرفا جديد من البعث الى التيار الاسلامي, والان مع الاصلاح, مع التقدير


3 - الأستاذ يونس حنون
جعفر المظفر ( 2016 / 4 / 15 - 15:20 )
دخولك وتوقفك أمام مقالتي يكفي لوحده حتى أتأكد من صواب نهجها
ليس واحدة بواحدة أيها المحترم وإنما من باب الحقيقية ان اقول أنك علم وطني ومفكر يعرف تماما كيف يصوب المفردة إلى الهدف
ليس الغرض من العنوان, اي كلمة الصرع نفسها, محاولة لإدانة ما يحدث وإنما هو قبل كل شيء .توصيف لما يحدث
أنت طبيب وتعرف أن الصرع يشمل إنفجار شحنات من الكهرباء لدى إنسان غير قادر على ضبطها, وأظن أن ذلك ما يحدث للنظام من داخله, فلقد أوصله الفساد إلى عطل في دوائره الكهربائية فصار همه, حتى ولو بشكل غير إرادي, ان يفرغ منها, فتراه يقدم على أعمال فجائية غير متوقعة.
هل سيقوم النظام من نوبته صحيحا معافى أم تراه سينتقل من نوبة إلى أخرى أشد منها, ذلك ما سوف نراه قريبا.
سلامي ايها المحترم.. وشكرا لك مرة أخرى


4 - الدكتور المحترم قاسم الجلبي
جعفر المظفر ( 2016 / 4 / 15 - 15:49 )
أنت معي إذن في حق التوجس, فإن كان واجبا علينا أن لا نقف موقفا سلبيا من ما يجدث في مجلس النواب فإن علينا في الوقت نفسه أن لا نتفاءل بشكل مفتوح, فالطيبة غير المحروسة بحكمة العقل ووضوح البصيرة هي نوع من أنواع السذاجة وهي تشجع على الإستغفال.
لقد إستغفلونا فترة كاملة ولذا فهم بحاجة إلى إثبات حسن سلوك قبل أن يحصلوا على تأييدنا وتصفيقنا لهم, خاصة وإن من بينهم عناصر يثير وجودها الشك ويرجحه بأكثر من ما يشيع التفاؤل. لسنا دعاة تخييب آمال وإنما دعاة للتبصر
تحياتي وتقديري

اخر الافلام

.. عزوف واسع عن التصويت في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية ال


.. من وراء تسريب بيانات ملايين السوريين في تركيا؟




.. وزارة الداخلية الإيرانية: نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاس


.. نافذة خاصة من إيران ترصد جولة الحسم من الانتخابات الرئاسية




.. تسريب بيانات 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا.. والمتورط في الواق