الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقدني يا بوش

زكي لطيف

2005 / 12 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عندما غزت القوات الأمريكية والبريطانية أفغانستان انقدت هذا الشعب من نظام بشع هو نظام طالبان الإرهابي وخلصت ارض أفغانستان من إرهابيي القاعدة الذي حولوها إلى قاعدة للتدريب على الفتك بالأبرياء ، وألان لا تعاني أفغانستان سوى من الاضطرابات وعمليات القتل والاغتيال التي تشنها فلول طالبان والقاعدة ، إلا أن مسار العملية السياسية في تقدم نحو الديمقراطية فقد انتخب رئيسا للبلاد من قبل الشعب الأفغاني وانتخب أيضا مجلس رقابي وتشريعي واقر دستور دائم للبلاد، فهل في هذا الدستور ما يخالف الإسلام جوهرا وقيما متفق عليها من قبل جميع المذاهب الإسلامية؟ هل أجاز الدستور الزنا والشدود الجنسي أو اقر أي تشريع يخالف مبادئ الإسلام؟ بالطبع لا، فأين هو العداء الأمريكي والغربي للإسلام يا ترى ؟
في عام 2002م غزت أمريكا العراق وحررت شعبه من نظام صدام الدموي ، وهاهو الدكتاتور الأرعن بين يدي العدالة التي طالما حرم شعبه منها، وقرت أعين الملايين من الشهداء الذين رحلوا على يد أجهزته القمعية التي ليس لها نظير ، ولا ينغص عيش العراق وأهله سوى الإرهابيين القتلة المأجورين من القاعدة والبعثيين الجبناء ، وإلا فان العملية السياسية تسير نحو الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، فهل يا ترى الدستور العراقي الذي عرض على الشعب في استفتاء عام وحصل على النسبة المحددة لإقراره رغم ثغراته وعثراته القانونية يخالف جوهر الدين الإسلامي؟ هل يجيز مثلا افتتاح بيوت للبغاء بعنوان الحرية؟ أم انه يكن الاحترام للمرجعية الدينية والقيم الإسلامية؟ ويظهر ذلك جليا في بنوده وتقريعا ته، فأين هو يا ترى العداء الأمريكي للإسلام ؟ إن أمريكا تعلم علم اليقين بأنه لا يمكنها أن تقضي على الإسلام أو المسلمين أبدا، لذلك فإن سياستها تقوم على مبدأ منح شعوب العالم الإسلامي حرية معتبرة عبر نظام دستوري ناجز يمكن الفرد والمجتمع من التأسيس لحياة دينية واجتماعية وثقافية واقتصادية فاعلة تساهم في امتصاص وكبح الظواهر الإرهابية التي كانت وما زالت وبالا ليس على المسلمين فقط بل على جميع الأمم والشعوب ، نعم إن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة لم يكن ليقر للمسلمين بالحرية والديمقراطية إلا بعد أن اقتضت مصالحه العليا ذلك ، لهذا يجب على المناضلين في سبيل الحرية في كافة أنحاء العالم العربي أن ينتهزوا الفرصة الذهبية السانحة للفوز بأكبر رصيد من التنازلات التي من الممكن أن تحصل عليها الشعوب المكبلة من قبل أنظمتها الاستبدادية الحاكمة ، أنها فرصة مواتية تماما للتمتع بعطاء الله في الحرية والعدل والمساواة وحقوق الإنسان وحكم القانون ، يا ترى هل نحن كشعوب وأقليات دينية راضين ومقتنعين بما نحن فيه؟ كافة قنوات الثقافة والفكر في بلادنا محظورة، حياة ثقافية وفكرية مشلولة، روتين حياتي قاتل فلا برامج ثقافية أو فكرية ، لا قنوات معتبرة للتغيير والتعبير عن خلجات الضمير، كل نشاط محظور إلا ما ارتضته السلطة، من قال بان هؤلاء سيتغيرون دون ضغوط خارجية؟!! إن هذا محال، لن يتغيروا أبدا، انظروا إلى نظام صدام، هل استكان أو رضخ لجبروت القوة الأمريكية إعلاميا أو عسكريا ؟ لأخر لحظاته وأجهزته الأمنية تمارس عمليات التعذيب التي أنكوى بنارها الأبرياء من المواطنين العراقيين، انظروا للنظام الحاكم في مصر، رغم الضغوط الأمريكية والدولية إلا انه لم يتخطى مواقفه الجامدة ، وعوضا عن ذلك قام بتنظيم انتخابات رئاسية عبر أجهزته الأمنية ومن بعدها انتخابات برلمانية ما تزال أصداء حوادثها العنفية تملى الأصقاع وتضحك العالم ، إنها أنظمة غير قابلة للإصلاح إلا من خلال ضغوط حقيقة تهز عروشها لتقدم في نهاية الأمر تنازلات ربما تكون مؤلمة في بلد ومحدودة في بلد آخر
إن ما يعكر ربيع الديمقراطية في العراق ليس سوى تلك الحفنة من الإرهابيين ولولا وجودهم لكان العراق يسير بخطى سريعة نحو الاستقرار والازدهار ، ولعل الأنظمة الاستبدادية المجاورة تدعم بالسلاح والمال بعض القوى الإرهابية داخل العراق من اجل تدمير العملية السياسية وإيجاد نظام سني استبدادي جديد على غرار نظام صدام حسين القريب خلقا وتكوينا من الأنظمة المجاورة،ذلك أن هذه الأنظمة تحمل عقائد وشحنات طائفية بغيضة يجعلها لا تقبل بسهولة تولي الشيعة الحكم في العراق بعد عقود طويلة متتالية من حكم السنة سواء في ظل النظام الملكي أو الجمهوري .
عزيزي الرئيس بوش: أقدم علينا وخلصنا مما نحن فيه ، فبالأمس يا عزيزي حكم النظام القضائي في إحدى الدول العربية على احد المواطنين الأبرياء بالسجن والجلد لأنه جاهر بتأييد الغزو الأمريكي للعراق وعبر عن رأيه المخالف للنظام الاجتماعي والديني الحاكم، وفي العام الماضي اتهم احد الأبرياء بالردة لأنه طرح أراء تخالف المنهج المتطرف الحاكم في تلك البلاد ، وفي الأمس القريب منعت امرأة من طلب رزقها لأنها من وجهة نظره هؤلاء المتغطرسين تجلب الفتنة !! إن هؤلاء بعقليتهم المتخلفة وقيمهم المتحجرة وأرائهم المتعنتة يساهمون في ولادة الخلايا الإرهابية التي تحارب العالم الحر وتعطل مسيرة الديمقراطية ، لن ينفعكم غزو هذا البلد أو ذاك وإقامة أنظمة سياسية اقل استبداد ما لم تواجهوا الخطر الثقافي والديني وذلك بالضغط على الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط وعموم العالم لإحداث تغييرات حقيقية في أنظمتها الثقافية والاجتماعية والدينية ، وهذا لن يحدث دون إرساء قواعد ناجزه دستوريا وقانونيا ليتمكن الفرد والمجتمع من ممارسة دوره في التغيير والتفاعل الإنساني الايجابي .
أقدم يا عزيزي بوش وخلصنا من بؤسنا الإنساني وتخلفنا الحضاري، إن إنسانيتنا لمنهوكة، وان ديننا لمنتهك، تصور يحظر علينا حريتنا الدينية ونحن في بلاد الإسلام وفي بلادكم وهي بلاد مسيحية علمانية يعيش فيها المسلم بكل حرية وإباء وشموخ!!!! تصور يا عزيزي إن مواقع الانترنت المحلية ممنوعة ومحظورة لأسباب طائفية حمقاء!! تصور ونحن في القرن العشرين يمنع على المواطن المسلم الشيعي اقتناء كتاب ديني يجسد خصوصيته، تصور أن ما يقارب من 50% من الناتج الإجمالي الثقافي العربي ممنوع من التداول في البلاد العربية بحجة الخصوصية ومخالفة الشريعة والقيم الحاكمة!! عزيزي الرئيس بوش: نحن نعيش على اكبر مخزون نفطي في العالم ورغم ذلك تعاني شعوبنا الفقر والفاقة والحاجة.
عزيزي الريس بوش: لو سلط علينا خيارنا لحكمونا بما لا نطيق فليس من أجنتهم الحرية والعدل والمساواة ، سوف يقومون بتطبيق الحدود والفصل العنصري بين الجنسين ، وإيعاز كل أمر إلى "سد الذرائع" لذلك فان أفضل نظام يمكن تصوره في القرن الحادي والعشرين هو قيام نظام اجتماعي وسياسي دستوري سواء في ظل الجمهورية أو الملكية، ليتمكن الإنسان فردا وجماعة وحركة وتنظيما وفئة عرقية أو دينية أو طائفية من المساهمة الحقيقة والفاعلة في تنمية المجتمع المحلي وتخطي الجمود والتقوقع والانغلاق المؤدي إلى بروز واستفحال الظواهر الإرهابية ، لذلك أرجوك ساعدنا وخلصنا مما نحن فيه لنغدو شعوبا مسالمة صديقة لكل شعوب الأرض ، ليعم السلام والأمن انحناء المعمورة ولتسود المحبة بين بني البشر .. بانتظار ردك يا عزيزي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة إلى إسرائيل منذ 7


.. جبهة خاركيف.. روسيا تتقدم وكييف تقر بصعوبة المعارك | #غرفة_ا




.. هل باتت الدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط -مُرهَقة-؟


.. طلاب هارفارد ينجحون بوضع رؤساء جامعتهم على طاولة التفاوض




.. في ذكراها الـ76.. مشاهد النكبة تتكرر في قطاع غزة