الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يستقيل الملك؟

فؤاد وجاني

2016 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


لا يتحقق كل ما يُكتب في تَوَّة من الزمان. لكن الكتابة كالرؤيا ضربٌ من النبوءة، وما يوضع على السطور اليوم قد يعلو وجه الواقع غدا. هي نذير شؤم على الطغاة لذلك يكرهون أهل القلم، وبشارة لذوي الحق. استغفال الحكام للشعوب لا يتجرعه الدهر دون نائبة آتية. أخطاؤهم لا تُغتفر ولا تمحوها صكوك غفران أو تسترها حُجب الإعلام الرسمي. فالحقيقة كالشمس، إن لم تسطع اليوم لسحب عابرة، فإنها بعد الكشف لا محالة حارقة.
لا تقوى البلدان التي تحترم شعوبها على الفضائح، تعمد إلى حفظ ماء الوجه، يستقيل رؤساؤها ووزراؤها وولاتها وعمالها درءً للمفاسد وبُعدا عن الأنظار، ينعزلون عن المجتمع عقابا لأنفسهم، وإن لم تكن لهم يد في الفساد، لكن ضمائرهم لهم مؤنبة عاذلة مادام قد وقع تحت سلطتهم. في البلدان المحترِمة جدا لشعوبها من ينحو صوبا أكثر أصولية، فيضع حدا لحياته. في اليابان قياسا، سمعت ذات سنة ألفية أن وزير الفلاحة والصيد والغابات علق نفسه بحبل عقب فضيحة مالية صغرى. المبلغ لم يكن يتجاوز ثمن لبنة في المسكن الباريسي لوزيرة صحتنا السابقة (الله يعطينا العافية باللغة العربية الفصحى) ياسمينة بادو.
نحن المغاربة صبارون كثيرا، فلا نعاجل السراق بالانتقام. شأننا في ذلك ليس تقية كما بعض إخواننا في الشرق الذين انقلبوا غرة على حاكميهم، إنما حفظا لسلم اجتماعي، ورغبة في استمرار سرْطنا الكسكس بعد خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية كل يوم جمعة.
بعد تسريبات ويكيليكس لأحد تقاريرالسفارة الأمريكية الدورية المرفوعة إلى واشنطن عن فساد القصر وعن المؤسسات التي يتم استخدامها من قِبله للإكراه والتماس الرشوة في القطاع العقاري في البلاد، وأن القرارات الاستثمارية بالبلاد ترضخ لثلاثة أشخاص: الملك، الهمة، الماجيدي.
وبعد كتاب "الملك المستحوذ" الذي فضح بحبر غراسيي ولوران من يتستر خلف رداء التقوى ويتدثر بالدين ليكتشف العالم وجهه الحقيقي.
جاءتنا وثائق باناما على يد صحافيين من بلاد الديكتاتورهتلر، تربت يداهما، وغفر الله لهما ما تقدم من ذنبهما وما تأخر، وقضى عنهما كل الديون، وأسكنهما فسيح جناته المعفية من الضرائب. وبقي إعلامنا المرئي الخالي من المروءة يغني على أسماعنا ملاحم وإنجازات الملك، ويستدعي الفنانين المهللين باسمه وبركاته على هذا البلد الأمين، يدعونا للتصفيق لما تحقق في عهده من نماء وازدهار، دارا الرماد على ما استهلكه وهرّبه هو وأجداده الميامين من أموال، وما كان ليحمي الملايين من الناس من الفقر والقهر والبطالة، أولئك الذين لا يعرفون موقع باناما والجزر العذراء وسويسرا إلا ما رُسم عنها في الخرائط، وكثير منهم لا يعلمون.
مادام أغلب المغاربة مَلكيين كما جاء ذات حماقة معهودة مقصودة على لسان رئيس الحكومة بنكيران والعياذ بالله، فقد وجب السماح لمن استطاع من تلك الغالبية على الأقل بفتح حسابات بنكية خارج البلد اقتداء بصاحب الجلالة. الفرق الهائل بين المغاربة وملكهم أنهم سيُخرجون أموالا اكتسبوها بعرق الجبين وادخار السنين، وأما صاحب الجلالة فيُهرب أموال فقراء قد اكتنزها دون أدنى وجه حق.
قال الحكيم الإغريقي أيسوب في القرن السادس قبل الميلاد: " نحن نقوم بشنق صغاراللصوص ونعِّين كبارهم في المناصب الرسمية". سُعْداك يا أيسوب، فنحن في المغرب وفي القرن الواحد والعشرين، مازلنا نشنق صغار اللصوص ولا نعين كبارهم إنما يرثون الحكم وثروة البلاد ويفرضون علينا البيعة والركوع فوق كل ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر