الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلّوا سبيل ناقة -الباجي قايد السبسي- فإنها مأمورة

محمد محسن عامر

2016 / 4 / 15
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


بن قردان مدينة تقبع في قلب صحراء الجنوب الشرقي التونسي في مواجهة الحدود الليبية. شهدت منذ مدة محاولة إرهابية لإقامة إمارة و موطئ قدم للمجموعات الإرهابية المتحصنة بليبيا التي تعاني منذ سقوط نظام معمر القذافي حالة احتراب قبلي عجز مؤتمر الصخيرات حتى اللحظة في حل النزاع بين الفرقاء و لم يتجاوز نفوذ الحكومة الجديدة فيها القاعدة العسكرية التي تحكم منها . بعد الحدث الإرهابي المزلزل و استبسال المدينة و القوات الأمنية في مواجهة الخطر الإرهابي استفاقت ضمائر الوزراء و تحسنت ثقافة الحكومة الجغرافية و اكتشفت بقدرة إرهابي ان بن قردان مدينة موجودة في الخريطة , أي نعم و هرع الوزراء وزيرا وزيرا في قوافل من أجل الوقوف على ما تحتاجه البلاد و أزمة البطالة و كأننا مجبولون في سياساتنا التعاطي اللاحق بعد كل مصيبة . هكذا دخل رئيس جمهورية البلاد المدينة فاتحا و استقبله أهلها بالترحيب حتى أنهم أهدوا له ناقة لا نعلم هل هي من باب المجاملة المصبوغة بقليل من التملق ام هي رسالة سخرية من بن قردان المطمورة بسياسات التجاهل منذ عقود كأي مدينة داخلية مفقرة. و لكن على كل حال ما بين الناقة الهدية و ناقة السلطة التي يمتطيها الباجي شبه كبير.
الباجي قايد السبسي التي جاءت به انتخابات 2014 في فورة ما سمي بالتصويت المجدي , عبّر فيها عن كتلة ناخبة عريضة ساخطة عانت من ثلاث سنوات من سياسات حركة النهضة التي راكمت البطالة و الفشل السياسي و التي صبغت البلاد بمناخ استبدادي ذو طابع فاشي. هكذا قاد الباجي ناقته داخل صحراء السياسة التي لم توجد بديلا غيره في مواجهة رعونة الإسلاميين. الباجي قايد السبسي و حزبه الأغلبي وجد نفسه كما هو معلوم في وضع دفعه إلى تحالف الضرورة مع حركة النهضة من أجل القدرة على تكوين الحكومة و بصلاحيات رئيس جمهورية يغلب عليها التشريفي منه التقريري السياسي و بالتالي لم يكن الكسب كما كان متوقعا و ظهر نداء تونس في مظهر الخائن لناخبيه الهلعين من حركة النهضة و القلقين عن "النمط المجتمعي للبلاد" .
الباجي منذ توليه السلطة يقود ناقته وسط أمواج متلاطمة من الفشل في التعاطي مع الملفات الحارقة اجتماعية افتتحها شهر جانفي هادر كعادته باحتجاجات احتاجت كل المدن التونسية تقريبا بينت مدى العجز أمام الأزمة الاجتماعية , و زيف مقولة النمط المجتمعي "الحداثوي" الغير قادر على سد أفواه الفقراء في القصرين و قفصة و توزر و كل المحافظات التونسية. ما زاد عزلة الشيخ الذي عاصر حكومات منذ عهد حكم البايات في تونس حالة الإحتراب الفتنوي داخل حزبه "الأغلبي" بين السبسي "جونيور" الطامح لوراثة ماكينة الحزب و بالتالي امتيازات السلطة و المجموعة "اليسارية" بقيادة محسن مرزوق الذين شعروا بالخيانة من قلة حيلة الباجي و انحيازه لابنه الطامح لوراثة تراث أبيه السياسي. هذا الصراع انتهى بقضم الحزب من محسن مرزوق و خروجه مع الخوارج و تكوين كتلة الحرة و حزبها حزب مشروع تونس الذي تحول من حالة انشقاقية إلى تهديد أنطولوجي لكل نداء تونس و قاعدته الناخبة.
التكتيك الوحيد الذي وجد الباجي نفسه سائرا فيه أمام المعطيات الجديدة هو تعزيز موقعه الضعيف و منح نفسه مزيدا من الصلاحيات الترقيعية التي تحصنه في مواجهة ضعف كتلته البرلمانية و خوفه المشترك مع حليفه حركة النهضة من تكتل برلماني قادم ستكون فيه كتلة افاق و كتلة الحرة المنشقة من نداء تونس و كتلة الوطني الحرب في جبهة موحدة ضده.
بعد لقاء محمد الناصر رئيس البرلمان الذي يدور حديث حول إمكانية عزله مع رئيس الجمهورية و الرسالة التي لم يعلم فحواها إلى البرلمان التونسي و جملة الدعوات التي يتم تداولها يبدو أن مسألة المبادرة التشريعية من أجل توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية أصبحا أمرا محسوما . إذا كان واضحا و مبررا توجه الباجي قايد السبسي حول مسألة توسيع صلاحيته , ما مصلحته حركة النهضة من مسألة توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية الطرف الحاسم في مرور المشروع من عدمه.
القيادي "النهضاوي" استبق أصوات زملائه البرلمانيين حين وصف النظام القائم "بالسبه شبه" و عدم اتزانه بل اعتبر أنه سبب الأزمة السياسية عدم توازن النظام حسب رأيه و بالتالي من الضروري بالنسبة للحركة تحوير صلاحيات رئيس الحكومة. فكما هو معلوم لن تمر هذه المبادرة حسابيا دون تزكية الكتيبة النهضاوية الموجودة في البرلمان التي من دونها لن يرى التمطيط المتوقع النور .
المعطى العام يقول أن نداء تونس كحزب سياسي ليس حليفا حقيقيا و لا يمكن اعتماده كجدار صد في مواجهة خصوم حركة النهضة باعتبار حالة الاحتراب الداخلي الحاصلة فيه و ما أوصلت إليه الحزب بخروج محسن مرزوق بكتلة لا يستهان بقوتها أصبحت مغناطيس جذب لكل النواب المنفرطين من الحزب و كتلته النيابية. ثم أن الاستقطاب الندائي الفائض عن الحزب الان قائم على أساس ولاء/خيانة لشعارات الحداثة و الولاء للنمط المجتمعي التونسي الذي سوقت له حركة نداء تونس بشدة و كسبت أنصارها على قاعدته , بالتالي ما تبقى من تحالف الضرورة مع النهضة لن يكون بالصلابة لإدامة حالة من الاستقرار النيابي و السياسي عموما.
ناقة الباجي قايد السبسي سائبة إذا , هذا هو واقعها و الخيارات ليست كثيرة و بالتالي عقالها المنفرط يجب أن يتحكم فيه و يوجه . حركة النهضة مطالبة بإدامة حالة الإستقرار لعديد اعتبارات داخلية و إقليمية و دولية , و بالتالي فالخيار الأوحد هو أكل البصل بم الباجي قايد السبسي كما يقول المثل التونسي عبر الإبقاء على الحكم قائما من وراء الشيخ الهرم صاحب البيت الخرب و إن بتقويته نسبيا مع إبقاء ورقة قلب الطاولة عليه في أي لحظة واردة. بمعنى منح الباجي الضعيف بيولوجيا و سياسيا طاقة دستورية جديدة تشحن قواه بدل هزال كتلته النيابية و خطر محسن مرزوق الماثل .
في المحصلة الدستور التونسي الذي صنع على المقاس على اعتبار موازين قوى سابقة أصبح كالجلباب الفضفاض يرتديه من يشاء و يرتقه من يشاء حسب المصلحة.بالتالي فإن لابسها الأن الإسلاميون في حاجة إلى تغيرها حتى تتلائم مع ضرورات موازين القوى الحلية . صحيح أن حالة الإنتقالية دستوريا انتهت لصالح الحكم الدائم و لكن الخارطة السياسية مازالت في حالة تشكل و تغير دائم ستخلق على ما يبدو حالة من التنوع يلغي فكرة حزبيين قويين يتحدد الحكم بأحدهما أو كلاهما بقدر ما يكون الحكم نتاج توافق بين أحزاب سياسية متقاربة الوزن كما يبينه الموزاييك الحزبي الذي يتشكل حاليا.فيكون الحكم توافقا ضروريا و تكون السلطة مستنقعا رخوا غير قادر على الإستقرار . بقي أن الثابت الوحيد أن ناقة الحكم و سائقها الهرم الباجي قايد السبسي تتهادى لا على غير هدى و لكنها مشدودة بعقال الإخواني المتعمم بالوعض و الإصلاحية المزعومة راشد الغنوشي و حزبه الأغلبي حركة النهضة. لذا خلّوا سبيل ناقة الباجي قايد السبسي فإنها مأمورة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟