الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كمال سبتي... الشاعر وذكرى الرحيل المبكر

داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،

(Dawood Salman Al Shewely)

2016 / 4 / 16
الادب والفن


كمال سبتي... الشاعر وذكرى الرحيل المبكر
داود سلمان الشويلي
(( لو كانَ في البلادِ لي مالٌ
بَكيتُهُ كَصَرّافٍ عجوزْ
لو كانَ في البِلادِ لي بَيْتٌ
بَكَيْتُهُ كَمالِكِ البِيوتْ
لكنَّما أنا فَقيرٌ كُلَّ عُمْري سَيِّدي القاضي،
وإِذْ أَبْكي فَلا أَدري لماذا ؟ )) من قصيدة ( امام القاضي )
و كان حبه للشعر لا يوصف ، احب الشعر كفتاة باذخة الجمال ، وجعل منه معشوقه الجميل ، فهو شاعر ، لم يتحرك قط الا لانه شاعر ، هرب من بلده لانه هكذا هو ، شاعر يعني ذلك انه نبي في وادي عبقر ، او اي واد اخر لا يهيمون به الشعراء ، و لا يتبعهم الغاوون ، يقول :))أنا شاعرٌ، أقول عن نفسي. وهربتُ من البلادِ لأنني شاعر.وأفتخرُ أمامَ نفسي بأنني ما سعيتُ في شيءٍ إلاّ وكانَ من أجلِ الشعر. والشعرُ هنا تربية وعاداتٌ وسلوكٌ وأفكارٌ وقراءاتٌ وتاريخٌ ونظرٌ وكلامٌ)). (آخِرُ المدن المقدسة) .
كان مهموما بالقصيدة ، فهو معها وحيداً تظلله بفيئها الاخضر ، الوارف الجميل .
الشعر ،هو اهتمامه الاول والاخير، فاهتم بعروضه منذ فترة مبكرة من عمره ، واهتم بالمعنى الذي ينضح من شعره ، كما اهتمامه بالعروص التي درسها في دورة عندما كان في الناصرية .
ومن مقال (كلمات في المهب : في الكتابة الجديدة ) نشر عام 2007 في موقع الحوار المتمدن وكتبت بتاريخ 9 / 2 / 1988 ، بعد وفاته ، مقار يقول فيه : (( وهنا حدث الالتباس ،عندما حاول الشاعر الجديد ان يقول : لي معناي ، الذي هو ليس ذلك المعنى الذي تربى عليه القاريء، وهنا ايضا حدثت المفارقة ، عندما قال القاريء ، لا معنى لديك ، وفي حقيقة الامر ، ان الشاعر الجديد ، له معناه المغاير ، معنى هو ليس ( فكرة )، معنى لا يأتي محددا في القصيدة .، اي ان الشاعر الجديد لا ينوي مطلقأ تحقيق ( وحدة الانطباع )، بل انه يحاول - جاهدا - ان يكوّن قاموسه الجديد في الدلالة وفي تقديم تسمية للاشياء ، ما كانت قد اطلقت من قبل ، حتى ليظن القاريء ، ان الشاعر لا يسمى شيئأ هنا على الاطلاق بينما هو قد سمى ، و برع في التسمية .
لقد ارتبط ( المعنى ) بايقاع نفسي وتاريخي في ذهن القاريء ، ومن الصعب على الشاعر ان يلغي هذا الارتباط دفعة واحدة .
فأن يأتي الشاعر ، ليقول ، ) المعنى ( ليس فكرة ، وان التتابع في طرح الوقائع لا يعني الشاعر في شيء ، فهو امر بلا ادنى شك لا يرضي مخيلة القاريء ، المتشبعة بفهم ترسب فيها عبر قرون طويلة ..)).
وكان حبه للسياب حب شاعر لشاعر بمنزلة السياب ، قال في مقال ( السياب ، صِلة قُربى..) نشر على موقع الحوار المتمدن-العدد: 2137 - 22 / 12 / 2007 ، : (( كلما فكرت في الكتابة عن بدر أشعر بالسعادة.
فبيني وبينه ، وهذا ادعاء، صلة قربى.
كان الناس في مدينة الناصرية يسمونني السياب ، عندما كنت شاباً يافعاً.
كنتُ أمتلك مجموعات بدر الشعرية منفردَةً .)).
هذا الشاعر الذي احب السياب وراح يبحث عنه مع صديقه الشاعر خالد المعالي عام 1974 في البصرة عندما سافرا ، وجد شعرا سيابي بإمتياز ، واحب المعنى والوزن في شعره.
الشاعر كمال سبتي ،لا بيت ، ولا مال ، سوى الشعر ومعناه وعروضه، وحبه للسياب .
كنت كثير السفر الى خارج البلد ، وكانت هناك طريفة نتداولها في سفرنا وهي : اذا التقينا بشخص ونسأله هل انت عربي ؟ فاذا اجاب بالايجاب نفرح كثيرا ، ونساله سؤال اخر : من أي قطر انت ؟ واذا اجاب قائلا : من العراقر ، نفرح كثيرا ايضا، ونسأله مرة اخرى: من أي محافظة انت ؟ وعندما يجيب انه من المحافظة التي اسكن فيها افرح كثيرا واسر ، ونسأله مرة اخرى : من أي منطقة انت ؟ فيجيب من مركز المحافظة ، اسر كثيرا وافرح ، واساله : من أي محلة انت ؟ فيقول من المحلة التي اسكن فيها انا ، افرح كثيرا ، واسأله : في أي شارع يقع بيتك ؟ يجيبني : في الشارع الذي يقع بيتي فيه ، اساله اخيرا : أي بيت بيتكم ؟ فيقول : انه بيت ابو فلان ، وهذا البيت هو بيتنا ، وفي الاخير يظهر الشخص اخ لي وانا لا اعرف به .
ذكرت هذه النادرة عندما قدمني احد الاصدقاء للشاعر كمال في جريدة القادسية ، واختصر التعارف ، وقال : انه ابن مدينتك، تعرف احدنا على الاخر ، مع العلم كنت اقرأ له شعرا كثيرا .
لقد قرأت كمال سبتي منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي، من خلال نشر قصائده في مجلة الأقلام كما اتذكر ، وقد تعرفت عليه لاحقاً في بغداد ، وفي جريدة القادسية التقينا ، فقد كان شاعرا سبعينيا مهموما بالشعر ، كان يحمل هم الشعر اكثر من أي هم اخر .
ولد في مدينة الناصرية سنة 1954، درس في معهد الفنون الجميلة قسم السينما ، ثم في أكاديمية الفنون الجميلة ، وقد فُصل منها، وسيق إلى الخدمة العسكرية إلى ان هرب من العراق عام 1989 عندما ذهب مع وفد الاتحاد العام للادباء والكتاب الى ليبيا حين كان عضوا في مجلسه المركزي عام 1989 .
صدرت له المجموعات الشعرية التالية :
وردة البحر - بغداد 1980
ظل شيء ما ـ بغداد 1983
حكيم بلا مدن - بغداد 1986
متحف لبقايا العائلة - بغداد 1989
آخر المدن المقدسة - بيروت 1993
آخرون.. قبل هذا الوقت - دمشق 2002
بريد عاجل للموتى - هولندا 2004
صبرا قالت الطبائع الاربع - دار الجمل ألمانيا 2006.
قال مرة: بأنه خسر الحياة لكنه ربح ميتة الشاعر، وهكذا عاش شاعرا يحب الشعر ، ومات ميتة شاعر ، فقيرا لابيت ولا مال كما قال في قصيدته.
توفي يوم 16 / 4 / 2006 في هولندا













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل