الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في زمن الخريف العربي: الانحراف عن النهج الوطني يتحول إلى أيديولوجيا

عليان عليان

2016 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


في زمن الخريف العربي: الانحراف عن النهج الوطني يتحول إلى أيديولوجيا
بقلم : عليان عليان
في زمن الردة الناجم بشكل رئيسي عن مخرجات الخريف العربي ، والناجم قبل ذلك عن معاهدات الذل مع العدو الصهيوني والتطبيع معه- التي أدخلت معظم أطراف النظام العربي فيما سمي بالعصر الإسرائيلي - تتمادى العديد من أطراف النظام العربي الرسمي، في الكشف عن انحرافها الوطني والقومي والمباهاة بهذا الانحراف، غير آبهة بتطلعات شعوبها وبالثوابت القومية للمشروع النهضوي العربي.
واللافت للنظر أن المرتهنين للإمبريالية الأمريكية، وللكيان الصهيوني أصبحوا أصحاب الصوت العالي، بعد أن كانوا لحقبة طويلة من الزمن في وضع بائس للدفاع عن النفس ، ناهيك أنهم والعديد من المرتدين في النظام العربي الرسمي وفي بعض التيارات، انتقلوا من اعتبار انحرافهم وخيانة البعض منهم، مجرد وجهة نظر إلى أيديولوجيا يفاخرون بها.
ولم تقف الأمور عند هذا الحد ، بل بات أولئك المتربعين في دائرة الانحراف والخيانة الوطنية والقومية، يقلبون المفاهيم ، ويتهمون الوطنيين والقوميين والتقدميين بالانحراف والارتهان للآخر ، أو بالتمترس وراء خطاب خشبي.
واللافت للنظر أيضاً أن هذه الأطراف في الوقت الذي تخضع فيه لمتطلبات المشروع الصهيوأميركي ، تطلع علينا في تصريحاتها ووسائل إعلامها من فضائيات وصحف ومواقع الكترونية ، بأنها تمثل القومية العربية في مواجهة حلف المقاومة الذي تمثله ( سورية وحزب الله والمقاومة الفلسطينية بالتحالف مع إيران ).
ومن الأمثلة الصارخة والمضحكة على ذلك، تتمثل في زعم تيار المستقبل – أداة السعودية في لبنان – بأنه حريص على عروبة لبنان في مواجهة حزب الله المقاوم – الذي ألحق الهزيمة بالعدو الصهيوني - بزعم رخيص أن الحزب المقاوم امتداد طائفي لإيران ، ويتناسى هذاالتيار بأنه عمل ولا يزال يعمل على حرف بوصلة الانتماء المذهبي السني في لبنان – وليس الطائفي- للعروبة الحقة التي مثلها فكر ونهج خالد الذكر جمال عبد الناصر ، باتجاه الولاء والارتهان للرجعية النفطية لآل سعود ، عبر تقديم رشوات لبعض المؤلفة قلوبهم .
ومن عجائب الدنيا السياسية أيضاً ، أن يطلع علينا وزير خارجية آل سعود وغيره من الأسرة الحاكمة في السعودية، بتصريحات مضحكة ترفع راية القومية العربية ضد التمدد الفارسي المزعوم ، في محاولة بائسة لطمس تاريخ هذه الأسرة المشين في العداء للقومية العربية، وللمشروع النهضوي العربي ،ولحركة التحرر العربية وللوحدة العربية.
وفي الذاكرة – التي لا تنمحي وعلى سبيل المثال لا الحصر- تآمر آل سعود على أول تجربة وحدوية ( الوحدة المصرية السورية ) ، والحرب التي شنها النظام السعودي ضد ثورة اليمن بقيادة المشير عبد الله السلال ، والدور التآمري الحالي لحكم آل سعود ضد سوريا العروبة منذ عام 2011 وحتى اللحظة، عبر تبنيه ودعمه لفصائل الارهاب في سورية، على أمل بائس باسقاط النظام العروبي السوري المقاوم وثوابته الوطنية والقومية ، واستبداله بنظام مطبع ومعترف بالكيان الصهيوني ، أو بمجموعة شظايا تحمل أسماء دول طائفية أو إثنيه لا تشكل أي خطر على المشروع الصهيوني في المنطقة.
وفي الوقت الذي يزعم فيه النظام السعودي، بأنه يمثل القومية العربية، نراه يعمق من تحالفه مع الكيان الصهيوني – دون الحاجة لمعاهدات لأن العلاقة السرية قائمة بينه وبين هذا الكيان لم تنقطع في أي يوم من الأيام – في مواجهة إيران للتصدي للقنبلة النووية الإيرانية المزعومة ، وباتت اللقاءات بين أركان النظام السعودي وبين المسؤولين الإسرائيليين تتم في العلن دونما خشية أو خجل.
ولم تقف الأمور عند هذا الحد ، بل قام حكم آل سعود بجر معظم أطراف النظام العربي الرسمي في إطار الجامعة العربية ، عبر عصا التهديد "وجزرة الشراء بالبترو دولار" ، للتوقيع على بيانين إحداهما لوزراء الداخلية العرب، والآخر لوزراء الخارجية يصفان فيه مقاومة حزب الله- التي أذلت الكيان الصهيوني- بالارهاب .
وإذا حركنا مؤشر الأمثلة إلى مصر العروبة – مصر عبد الناصر – نرى بيع أجزاء من الوطن ( جزيرتي تيران وصنافير ) للسعودية – الحليف الإستراتيجي للكيان الصهيوني – بموافقة مسبقة من هذا الكيان - وتحت شعار التحالف مع السعودية والتضامن العربي- يتم في ظل زفة إعلامية وعرس رسمي للصحف الرئيسية في مصر، يبرر ضم الجزيرتين لحكم آل سعود بزعم أن الجزيرتين سعودتين ، وذلك في تجاهل لدماء الشهداء في حرب 1967 أوحرب تشرين عام 1973 للدفاع عن ثرى سيناء المصرية العربية وعن هذه الجزر ، وتجاهل لوثيقة 1906 التي أقرت فيها الدولة العثمانية آنذاك بأن الجزر مصرية ، وتجاهل لما أكده خالد الذكر جمال عبد الناصر حول عروبة هذه الجزر بقوله عشية حرب 1967 "جزيرة تيران مصرية ولن تستطيع قوة مهما بلغ جبروتها أن تمس حقوق السيادة المصرية عليها". .
وفي فلسطين حدث ولا حرج ، فنحن أمام سلطة لم تتخل عن ثوابتها الوطنية والقومية فحسب ، بل باتت تباهي بالتنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني والتآمر على الانتفاضة رغم صدور قرار من المجلس المركزي الفلسطيني بوقف التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني.
وفي هذا السياق نذكر بما يلي :
- إعلان رئيس السلطة الفلسطينية وهو ينظر إلى ساعة يده بأن التنسيق الأمني مع الاحتلال قائم حتى هذه اللحظة.
- إعلان مدير مخابرات السلطة ماجد فرج أن جهازه أحبط 200 عملية فدائية وألقى القبض على 200 مقاوماً منذ تشرين أول 2015 وحتى مطلع 2016.
- إعلان مدير الأمن الوقائي في السلطة الفلسطينية أن جهازه أحبط مؤخراً 58 عملية فدائية ضد الكيان الصهيوني .
-بعث رئيس السلطة الفلسطينية لوفد للتعزية بوفاة مسؤول مدير الإدارة المدنية الإسرائيلي .
- تصريح أبو مازن في لقائه مع تلفزيون العدو الصهيوني ، بأنه أوعز للشرطة الفلسطينية أن تفتش في حقائب الطلبة الفلسطينيين بحثاً عن السكاكين ، وأنها في إحدى المدارس ألقت القبض على 60 سكيناً في الحقائب المدرسية.
- وتفاخر محمود عباس بانه يستمع يوميا للاغاني باللغة العبرية وان مطربه المفضل هو موشيه الياهو.
والمضحك المبكي، أن يتجاهل أحد المتنفذين في السلطة الفلسطينية وحزبها الرئيسي، حقيقة الصراع مع العدو الصهيوني، في أنه صراع وجود وليس صراع حدود، وأن يخرج علينا بتصريح يغطي هذه الانحرافات بالقول : "إن الأساس في علاقتنا مع ( إسرائيل) هو الحوار وليس العنف" ، وأن يتخذ رئيس السلطة الفلسطينية قراراً بوقف مخصصات الجبهتين الشعبية والديمقراطية من الصندوق القومي الفلسطيني، لانتقادهما نهج قيادة السلطة ومسلكيتها .
والقائمة تطول وتطول بالنسبة للعديد من الأنظمة العربية، في مسألة الردة والانحراف والتطبيع مع العدو الصهيوني ، وفي اعتقادي أن المخرج من هذه المرحلة البائسة ، يكمن في انتصار سورية العروبة على المؤامرة الصهيوأميركية الرجعية النفطية الارهابية ، وفي انتصار حلف المقاومة عموماً ، إذ أن انتصار سورية وحلف المقاومة سيعيد رسم خارطة المنطقة من جديد ، بحيث تلعب سورية دور "الاقليم القاعدة" للمقاومة ولحركة التحرر العربية ، ما يمكن حلف المقاومة من حشر المنحرفين والخونة في الزاوية، وإعادتهم إلى جحورهم ومن ثم إعادة الاعتبار للمشروع النهضوي التحرري العربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجر بقيادة أوربان تتسلم الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي..


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية.. التجمع الوطني: الإغواء الأخي




.. انتخابات فرنسا.. ماذا سيحدث إذا لم يحصل أحد على أغلبية مطلقة


.. مستقبل غزة في -جيوب إنسانية- .. ملامح -اليوم التالي- تتكشف




.. إسرائيل تعتزم بدء المرحلة الثالثة من الحرب على غزة خلال أيام