الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملامح العامة لاتجاهات الفكر التربوي الإسرائيلي أو انتكاسات أوراش الإصلاح التربوي العربي : القوة والإنكسار / التقدم و الإحتضار / المواجهة / الإستسلام .

عبد الله عموش

2016 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


" لا تلقوا ذررالحكمة أمام الخنازير فتظلموها ( فتظلموا الحكمة ) و لا تحرموها أهلها فتظلموهم " عن نبي الإسلام عليه الصلاة و السلام .

يقدم هذا المقال قراءة تحليلية لمقدمة كتاب "اتجاهات الفكر التربوي في إسرائيل : التحديات و سبل المواجهة " لمؤلفه الدكتور محمد فوزي عبد المقصود .

ما الفكر ؟ هو في صورته العامة تخطيط صوري لكل تجربة بشرية أين وجدت ؛ و هو يعني كل القواعد و الأصول الصورية و المفهومات و المعاني المنتصبة خلفية للمظاهر السلوكية عند الانسان و التي تبلور خطاطات الحركات الإصلاحية و تصوراتها .
إن الفكر ليس نتاج فراغ بل هو تمثيل أعلى لواقع البناء المجتمعي القاعدي ، و هما بناءان على علاقة أشد تعقيدا و التي تحكمها التبادلية أكثر من كونهما يرتبطان بعلاقة من النوع الإنعكاسي البسيط ، و بسبب ذلك يظهر البناء القاعدي كأساس للفوقي على الدوام .
إن الفكر متغير ، بمعنى ا،ه يخضع لمنطق التطور و التجديد بشكل مستمر طالما أن الحياة بدورها تخضع لنفس المنطق ، وهو لا يبقى على صورة ثابتة ؛ و تخضع صوره للتنوع ، بتنوع حقل اشتغاله بما فيها السياسي ، و الفلسفي ، و الإقتصادي ، و التربوي ،...
و أهمية الفكر التربوي تتبلور من خلال كونه المنظومة النظرية التي تحكم و توجه العمل و الممارسة و التطبيق التربوي . وكل عمل تربوي تطبيقي لا يكون دون فكر نظري / منظومة نظرية أو إطار نظري يؤطره ، هكذا و ينظر له . و يمكن بيسر تحديد كل مفارقة بين كل عملية تربوية لا تخضع إلى مرجعية مفهومية نظرية و بين تلك التي تستمد إجراءاتها من فكر نظري معين . و تكون الأولى اعتباطية بل عشوائية و غير ذات غاية و دون منهج و آليات و حوامل أو وسائل مجمع عليها و حولها من أجل تحقيق مرمى أو غاية محددة . فيما تكون الثانية بمنهج له فلسفته المحددة لأجل بلوغ غاية و هدف واضحين .
و لأنه لا بد لكل فكر تربوي من أن يكون متأثرا بإيديولوجية مجتمعية ، لذلك يرى البعض يبعد هذا الفكر عن الموضوعية و ينفيها عنه ، و ينظر إليه ملتبسا غامضا مبهما و منحازا .. ولأجل علمية نظريات التربية يرى تخليصها من التأثر بالتوجهات الإيديولوجية ، لما لهذا المنظور من طابع الرجعية و المحافظة و تكريس الواقع ، و يضع جانبا المشاكل الإجتماعية و التربوية معا و التي عليه القيام بمعالجتها و اتخاذ موقف منها ، إنه منظور يعمل على طمس و محو كل علاقة بين الفكر التربوي (البناء الفوقي ) و بين القاعدة ( البناء المجتمعي المادي ) و يسقط عنهما علاقة التبادلية و كذا الأساس الإجتماعي و الإقتصادي الماديين القائم عليهما .
أما المنظور الإيديولوجي فيضطلع بقيامه بوظيفة مهمة في تسطير وجهة و توجه الفكر التربوي ، متأثرا في ذلك بتوجيه المجتمع الإيديولوجي أكثر من ذلك فهو يؤثر في عملية تطور و تطوير الإيديولوجية نفسها ، و كما هو معلوم فحتى بعض العلوم الحقة أو كلها لا تفلت من الظهور ببعض مناحي الإيديولوجية ، ما يعني أنها بدورها تتأثر بالإرشاد والتوجيه الإيديولوجيين و تترك لها أثرا في تطور الإيديولوجية.
وبمجرد تخطيط الصهاينة لاغتصاب و احتلال فلسطين منذ القرن العشرين ، كان للفكر التربوي مكانه في رزنامة خطة الإحتلال الصهيونية ، و قد أنشأ الفكر و العقل التربوي الصهيوني لجانا و منظمات و هيئات كان لها كهدف نشر مشروع "هرتزل" الدعوي في صفوف اليهود بأوروبا ، و قد اتخذت الدعوة تلك شكل و صور دروس في العبرية و التلمود ملفوفة في الفكر السياسي و الصهيوني ، فبادر المنظرون للعقل التربوي الصهيوني بوضع وصفة الدواء الشافي عاطفيا و نفسيا لنقل اليهود من أرض الشتات و تحويلهم مواطنين بهوية متجانسة .. و ننقل في هذا لصدد هرتزبرج : " يجب أن يعاد تشكيل الشعب اليهودي حتى يتسنى تحريره ." و هذا الهاشتاغ لا ينقل فقط صورة التشتت و التمزق التي كان عليها اليهود ، بل يصادق على اللبنة الأولى المؤسس عليها الفكر التربوي الإسرائيلي و هو جوهر اتجاهات الفكر التربوي الإسرائيلي الذي يرنو وضع تربية خاصة لليهود و تأهيلهم على المدى الطويل لمرحلة "التحرير " و الخلاص من الإضطهاد ـ كما يسمونه وقد يكون إذا ما اعتبرنا هلوكوست محاكم التفتيش و هولوكوست النازية الهتليرية ـ .
و الفكر التربوي و تطبيقاته حظيا بالمقام الأعلى في الشهادة على تفوقهم في صهر و تذويب ترسبات و محو الخلفيات الحضارية المتباينة التي عمرت طويلا ملتصقة في البناء الثقافي ليهود الشتات القادمون من كل بقاع العالم أوروب ، أمريكا ، الشرق الأوسط .. ، بل و أكثر منه ؛ فقد و ظفوا العقل الإبداعي و قاموا بتوظيف و استثمار تلك التباينات الثقافية ـ كما وظفت الكنيسة و مملكتي قشتالة و أركون في شمال إسبانيا خبرات اليهود في الثقافة الإسلامية بالأندلس جنوبا بعد أن طردهم يوسف بن تاشفين من ديار الإسلام كأهل ذمة لا يمكن لهم أن يجاهدوا إلى جانب المسلمين في دار الإسلام إبان محاكم التفتيش ، الشيء الذي سهل طرد المسلمين من الأندلس و تعقبهم حتى احتلال سبتة و مليلية المغربيتين إلى اليوم ـ على كل حال فقد وظف اليهود تلك التباينات الثقافية المنقولة من كل أصقاع العالم ولصالح مصلحتهم في كل الأحوال و حسن خدمة مصلحة كيانهم و أمنهم القومي كما يسمونه .
و الفكر التربوي التطبيقي الإسرائيلي و منذ أزيد من خمسين عاما أعطى قوة وجود كيان سياسي اقتصادي و عسكري و اجتماعي و ثقافي قادر على الصمود أمام أعتى قوى أمم الأرض جميعا ؛ و أمام أمة بإمكانيات بشرية هائلة و بإمكانيات اقتصادية ضخمة ؛ قدرها الإستسلام ؛ و بحث اتجاهات الفكر التربوي بإسرائيل و تطبيقاته ينبغي أن يحفز الباحث العربي و غير العربي و يدفع به و يوجهه نحو استخلاص العبر من هذا السر الثاوي وراءه بناء " أمة " في أقل من نصف قرن لم تكن موجودة البتة ، وبحث سؤال الهزيمة بعيدا عن الأساطير السياسية التي تقيد إبداعنا الفكري و موازاة مع ذلك القيام بالإستحمام في حمامات الفكر لإزالة نجاسة هذه الأساطير السياسية و بحث سبل و استراتيجيا الأقلاع نحو خط المواجهة ، و التخلي عن أعراس الإصلاحات التربوية المغشوشة التي تقدم كقرابين للمحرضين على نكبة 1948 و هزيمة 1967 و هزيمة أكتوبر 1973 و التي تقدم للشعوب العربية كأسبيرين سياسي يسكن الألم و لا يرفع الداء ...
سنلتقي في الجزء الثاني لنقدم قراءة تحليلية تبرز : مشكلة البحث و المنهج و الهدف من الدراسة و أهمية الدراسة . ترقبونا . و شكرا على المساندة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة