الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق دولة يقودها اللصوص

صباح ابراهيم

2016 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


يمر العراق اليوم بمخاض عصيب وكأنه فريسة تنهش جسده الذئاب و الضباع و الكلاب .
حيوانات متوحشة جائعة نهمة مشكلة بكتل و احزاب سياسية اسلامية ، لا تعرف الرحمة الا مع اطفالها واتباعها ، تتصارع مع بعضها البعض كل كتلة تحاول ان تنهش بسرعة اكبر لحمة من تلك الفريسة المسكينة التي وقعت بين انيابهم تاركين العظام اليابسة و التي لا يمكن قضمها و بلعها لتقوم البيئة بتفتيتها تدريجيا حتى تحولها الى تراب ، ولا يبقى من الوطن الفريسة الا الذكرى ، وشعبه ينحدر نحو الهاوية والفناء ينهشه التشرد والحروب و التهجير والتفجيرات .
عراق الحضارات التليدة ، وطن سومر و بابل وآشور ، وطن القادة العظام حمورابي وسنحاريب وسمير آميس و أسرحدون ، الذي مازالت شواهدهم شامخة الى اليوم عدا التي دمرها مغول القرن الواحد والعشرين مجرمي داعش و القاعدة .
عراق الفن و الموسيقى والادب والقوانين ، بلد العلوم التي حيرت الدنيا ، علمت العالم اجمع علوم الفلك و الرياضيات والطب و الهندسة ، بلد الرموز الشامخة في بابل و نينوى و اور و عكركوف، ذات التاريخ المشرف الذي تجاوز الستة الاف عام . بلد القيثارة ونصب الثيران المجنحة و شارع الموكب البابلي والزقورات الشامخة نحو السماء .
مثل هذا البلد الذي تُدرّس حضاراته و تاريخه في ارقى جامعات العالم ، حضارات ميتسوبوتيميا او بلاد الرافدين الخالد ، اصبح اليوم جثة فريسة تمزقها انياب اللصوص و محترفي الجريمة وعملاء الاجنبي . انهم مجموعة حثالات يطلقون على انفسهم رجال السياسة وهم لا يفقهوا شيئا من سياسة الاخلاص و الوفاء للشعب والوطن . انهم اشباه الرجال من الذين احترفوا فن العمالة و التجسس والولاء للاجنبي ، واتقنوا السرقات واللصوصية و غسيل الاموال و تحويلها الى بنوك العالم ، اصبحوا سياسيين بالصدفة . يمتازون بالطائفية و الحقد لبعضهم البعض . لا يجمعهم سوى الطائفية والسرقات و العمالة لا يهمهم خدمة الشعب بل الاستيلاء على السلطة والنفوذ و تقاسم المغانم وسرقة اكبر قدر من ثروات البلاد والعباد .
ابتلى العراق وشعبه الطيب بمجموعة من العملاء الاسلاميين الذين باعوا ضمائرهم و شرفهم للاجنبي وتم زرعهم و تربيتهم في مستنقع النتانة والخسة على مر الزمان للاستفادة منهم في يوم ما لسلب ثروات البلاد و اذلال شعبه وكسر شوكته ، و وعدهم بالحصول على حصتهم من الغنائم و المناصب والنفوذ ، مكافاءة لعمالتهم و خيانتهم للوطن و الشعب. اما الاجنبي و الذي بيده عصا القيادة فله حصة الاسد في الغنائم من الثروات ، وللضباع والكلاب الجائعة التي تربت بقرب عرين الوحش ما تبقى من فضلات لحم ملتصق بالعظم وهو وفير . لأن الوحش هو من قام باسقاط الفريسة و خنقها وقتلها بأنيابه و مخالبه الحادة و الضباع اكملت النهش .
تربّت مجموعة الاحزاب الشيعية للدعوة و المجلس الاعلى والفضيلة في احضان اكثر الدول كرها للعراق و حضارته وشعبه ، وعاشوا كعملاء خانعين للفرس في طهران وقم تحت رعاية و تدريب دوائر الاستخبارات الايرانية حيث كانوا يشبعون بطونهم الجائعة من فتات موائده . وعادوا للوطن على ظهر دبابة الامريكان مستغلين الاتفاق الامريكي الايراني على تقاسم النفوذ ومغانم العراق . صعدوا على اكتاف شيعة العراق وهم الغالبية من سكان الوطن الفقراء والبسطاء ، وفازوا بالتزوير وبأصوات الناس السذج وهم كثر ، وبحجة مظلومية الشيعة اعتلوا سدة الحكم و جلسوا على قمة هرم السلطة التنفيذية برعاية بوش و بريمر سيئي السمعة .
اما المجموعة الاخرى من العملاء الذين جاؤا مع جيش الغزاة الى العراق عام 2003 و استغلوا ضروف التغيير ، فقد كان لهم تاريخا مخزيا في العمالة و التجسس لصالح المخابرات المركزية الامريكية و صداقة عميقة مع رامسفيلد وزير دفاع امريكا وعملائه.
فالعميل المخضرم صاحب تاريخ سرقات البنوك، اوصله الامريكان الى العراق على ظهر طائرة هيليكوبتر في الناصرية مع عصابته المدربة تدريبا جيدا ، قام بالاستيلاء على وثائق دوائر المخابرات العراقية والامن العام وباعها بثمن الخيانة ، كما ساهم بسرقة المتحف العراقي للاثار و نقلها الى خرج العراق لبيعها تحت حراسة الدبابات الامريكية ، وقد انكشف مؤخرا سر بيعه لمخطوطة التوراة القديمة التي عثر عليها في سرداب بناية المخابرات العراقية و نقلها مع ابنته الى اسرائيل وقبض الثمن .
اما الطائفة الاخرى من العملاء المحليين ، المعروف عنهم انهم يبيعون الوطن بما فيه لكل من يدفع لهم و يمدهم بالمال و السلاح . ويرقصون على كل الحبال ، فمنذ سنوات بعيدة كانوا يتعاملون مع المخابرات الاسرائيلية ، ثم انتقلوا الى احضان الفرس و الامريكان و اخيرا الاتراك، ليقدموا خدمات العمالة و الخيانة لكل من يوفر لهم الحماية و الرعاية و يمدهم بالمال و السلاح . ولازالوا يقتطعون نسبة كبيرة من ميزانية العراق يسرقون معظمها ، ولا يقدموا للوطن شيئا من وارداتهم التي يستحصلوها من الكمارك و المطارات و بيع النفط ، يأخذون كل شئ و لايعطون اي شئ ، يتحكمون في العراق ابتداء من رئاسة الجمهورية الى مجلس الوزراء و الوزارت و البرلمان ، ويهددون يوميا بلا حياء بالانفصال . يثرون بمليارات الدولارات من ثروة العراق ويتقاسمون السلطة عائليا ، ويتباكون على استقطاع رواتب موظفيهم وهم يبلعون عوائد النفط الذي يصدروه من ارض العراق ويتخمون جيوبهم و يكدسون المليارات في البنوك حتى اصبحوا من اكبر اثرياء العالم . هذه الفئة الباغية و المتسلطة عشائريا على رقاب الشعب يحاربون منافسيهم بلا رحمة ، يستمرون بقضم اراضي العراق شيئا فشيئا لأن اسيادهم يوفرون لهم الحماية والغطاء ، ويساندوهم عسكريا مستغلين ضعف حكومة المركز . اصبحت مدنهم مأوى للمجرمين الفارين من قبضة العدالة ، يوفرون لهم الحماية لهم و لكل متمرد على سلطة المركز ضد الاخوة الاعداء بلا خجل ولا حياء . فنادقهم تعج بثوار الخيانة و اعوان داعش.
يقال ان اللصوص دائما يخططون وهم متفقين قبل السرقة وكانهم عائلة واحدة ، لكن بعد السرقة يختلفون و يختصمون فيما بينهم ويتقاتلون على حصص التوزيع وتقاسم الغنيمة .
شواهد كثيرة في العراق على ذلك الانقسام والاختلاف وآخرها الانقسام في البرلمان العراقي بين الاخوة الاعداء الجالسين تحت قبة واحدة منذ عشر سنوات . كل منهم ينتهز الفرصة للتشهير بكتلة منافسة له . وكل منهم يدعي الوطنية و يتظاهر بمحاربة الفساد والمحاصصة الحزبية و الطائفية ، وهم كلهم شركاء في ذبح الفريسة و نهش لحمها وهي حية وهم يعتلون السلطة بقانون المحاصصحة الامريكي .
كل الكتل السياسية التي تتحكم في العراق تتصارع من اجل اقتسام النفوذ و المغانم سُنة وشيعة وكرد . وكل كتلة تريد اختيار الوزارات التي تدر ارباحا و مليارت الدولارات الى كتلتها و احزابها عبر وزيرها اللص المحترف الذي ترشحه ليتشارك في اقتسام نسبة مئوية من اموال العقود و الاستيرادات ومصاريف الوزارة المختلفة ويقدم جزء منها الى حزبه و كتلته ايفاء بشرط تعيينه، بتوجيهات اللجنة الاقتصادية للحزب والكتلة ، و جزء يدخل في حسابه الخاص في بنوك خارج العراق . وبهذه السرقات الضخمة افلسوا خزينة العراق حتى وصلت الحكومة الى صعوبة تسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين اضافة الى ايقاف تنفيذ الاف المشاريع الصناعية والخدمية لعدم وجود سيولة مالية لتغطيتها بعد انخفاض اسعار النفط الخام العالمية .
بعد انتفاضة الشعب واعتصامه والتخوف من اجتياح المنطقة الخضراء، اضطر رئيس الوزراء حيدر العبادي الى طلب تغيير الكابينة الوزارية الحالية بوزراء تكنوقراط من خارج الكتل الحزبية لأمتصاص نقمة و غضب الشعب وكي تتوقف اعمال سرقات اموال الدولة في الوزارات ، هنا اقتربت النار من مصالح اللصوص المتنفذين في الكتل السياسية واحزاب السلطة ، لأنهم سيفقدون عملائهم ولصوصهم . فاختلفوا في وسيلة الدفاع عن مصالحهم. و انقسم البرلمان تحت ضغوط الكتل كل منهم يريد تحويل المسار لصالحه . ودارت بوصلة التغييرات باتجاهات متنافرة ، وتخبط الاخوة الاعداء فمنهم من يريد ازاحة رئيس البرلمان ومنهم يريد ازاحة الرئاسات الثلاث و منهم يريد الابقاء على قادة اللصوص و المتنفذين من غير تغيير و يهدد بعدم المساس بوزراءه والا ينسحب من العملية اللصوصية . العبادي محتار و متخبط بين ترشيح وزراء مستقلين بقائمته الاولى ، ثم يعود ويرضي الاقوياء بقائمته الثانية بالابقاء على بعض وزرائهم القدماء ، ويوافق على ترشيح وزراء من كتل حزبية وليست مستقلة ، فهو كسفينة فقدت بوصلتها وهي في مهب الريح ، ولا يقوى على التوجيه الصحيح .
ولازالت التناحرات والصراعات مستمرة لحد الان بين الكتل السياسية و البرلمان والشعب. و العبادي تتقاذفه امواج الضغوط الداخلية و الايرانية والامريكية و الشعب ينتظر نهاية المخاض ، فهل سيأتي المولود الجديد مشوها او معافى ؟
لننتظر و نرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما الفرق بين المدينة (يثرب سابقا) وبغداد اليوم
(قلعة كاوورى (كفار القلعة بالتركماني ( 2016 / 4 / 18 - 17:35 )
كلتاهما كانت وحاليا يحكمها عصابات الصعاليك سياستهم في السلب والنهب جائت بنصوص في اللوح المحفوظ , منذ بدأ الخليقة (أو قبلها بقليل) كانت :- الهدم الهدم , الدم الدم ؟؟؟


2 - سرقة المال العام تراث اسلامي
سمير ( 2016 / 4 / 18 - 19:13 )
عزيزي الاستاذ صباح، سرقة المال العام بدأت مع بداية الاسلام، فمحمد نفسه سرق من الصحابة قطعة قطيفة حمراء وبسببها نزلت اية، ال عمران ١-;-٦-;-١-;-، ثم اكتشفت القطيفة يوم موته ودفنت معه، غير مهم , وقبلها لغف الغنائم كلها، قبل ان يجبره بقية اللصوص على الاكتفاء بالخمس.معاوية كان يعرف لو انه أأتمن مسلما على بيت المال فلن يكون افضل من عثمان وابن عباس وأبو هُريرة ولذلك نراه سلم بيت المال للرهبان، وهذا شيء لازال المسلمون يفعلونه، فتجد التاجر المسلم لا ياتمن الا مسيحيا او يهوديا على ماله، تذكر ان ساسون حسقيل اول وزير مالية كان يهوديا. كل من السنة والشيعة لديهم تبريراتهم لسرقة المال العام، الاستنقاذ لدى الشيعة مثلا، اليس الاحسن ان يصيب المسلم شيءا من المال العام قبل ان يسرقه الكفار كله؟ روح وطنية يا اخي . اما هؤلاء اللصوص الذين يسرقون من المركز والإقليم فانهم يحسبون (جماعتهم) الذين يسكنون بغداد مثلا، ويقال ان عددهم مليون شخص، على حصة الإقليم ! احترامي


3 - هذا هو اصل الاجرام
صباح ابراهيم ( 2016 / 4 / 18 - 20:34 )
المعلق رقم :1 شكرا اخي لتعليقك على المقال ، الجماعة يرجعون لتاريخهم و ينفذون ما امر به زعيمهم .

الاخ سمير : شكرا لقرائتك المقال و تعليقك عليه .
وانا اقول اذا كان رب البيت بالدف ناقرا فشيمة اهل البيت كلهم الرقص .
ان كانت الاحزاب الاسلامية السنية و الاخوان المسلمين و اصحاب العمائم الشيعية الموالية لأيران هم من يقودون عصابات السرقة فاقرأ على العراق السلام .
نوري المالكي زعيم حزب الدعوة الاسلامي ، و عمار الحكيم زعيم المجلس الاسلامي الاعلى بالاتفاق مع رئيس مجلس القضاء الاعلى ، وهم من يقودون عصابات الفاسدين في العراق ، وهم ياسلامهم يأخذون العراق الى الهاوية والانهيار .
سابقا كان من يقود البنوك والمصارف العراقية هم الموظفين المسيحيين ، الذين تختارهم الدولة لهذه المناصب لأمانتهم و نزاهتهم و عفة انفسهم .
اليوم من يسرق الدولة العراقية و افلس خزينتها هم الاحزاب الاسلامية التي يقودها الاسلاميون
ومن يقود القتل و السلب و التفجيرات في العراق هي دولة الخلافة الاسلامية .
ومن كان يقود عصابات الصعاليك في الغزو وسلب الغنائم ويستولي على خمسها هو نبي الاسلام نفسه . فلا عتب على الاتباع و الذيول


4 - لا أمل في العراق
nasha ( 2016 / 4 / 19 - 13:38 )
الأستاذ صباح سؤالك عن المولود الجديد في العراق
ثق يا أخي صباح أن الحمل كاذب ولا يوجد ولادة ولا يحزنون .
هل يجنون من الحسك عنبا أو من الشوك تينا؟
يستحيل أن يطلع خير من هالشكول الزفرة هؤلاء جميعا خونة بدون ضمير ولا ذمة.
لن تقوم قائمة للعراق إلا في حالتين فقط: الأولى معجزة ألاهية خارقة تبدل ثقافة العراقيين وتفتح عقولهم وعيونهم. والثانية تدخل خارجي يفرض النظام بالقوة المفرطة.
كلا الاحتمالين صعب جدا وان حدث سيحدث بعد وقت طويل ربما بعد عقود من الزمن.
العراق في حالة غيبوبة وليس في حالة مخاض.
تحياتي


5 - اخي العزيز ناشا ،
صباح ابراهيم ( 2016 / 4 / 20 - 11:38 )
قد ينبت القمح من بين الزوان احيانا ويعيش
شكرا لتعليقك

اخر الافلام

.. كيف؟ ومن سيحكم فرنسا بعد الانتخابات التشريعية؟


.. سـوريـا - تـركـيـا: مـا وراء كـل هـذا الاحـتـقـان؟ • فرانس 2




.. هل تنهي العشائر حكم #حماس في قطاع #غزة؟ #سوشال_سكاي


.. وسائل إعلام فلسطينية: مقتل 33 فلسطيني بقصف إسرائيلي على عدة




.. إسرائيل ستصادق على بناء 5300 وحدة استيطانية في الضفة الغربية