الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل تجنيب الوطن معوقات البناء الديموقراطي

مصطفى المنوزي

2016 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


بالأمس قيل لنا بأنه تم تحييد القوات المسلحة عن السياسة ، وكاد السياسيون يقتنعون ، وروج للقصة بكون الدولة فتحت لرجالاتها كل امكانيات الإمتاح من وعاء الإقتصاد والمال ، منذ العهد السابق ، لكن بتشخيص ما يجري من وقائع مكثفة في المشهد ، يتضح بجلاء أن حضورها على مستوى الضبط والتوازنات قوي ، وما عدا الإشاعات حول سيطرة الجناح المدني في المربع المعلوم ، فإن الصراعات السياسية الجارية والمعلنة تظل عارية من أي عمق فكري أو اجتماعي ، وبالتالي فإن الزعم بأن هناك تحولات قائمة في البنيات مغرض ومضلل .

ذلك أن مهندسي العقل الأمني قد نجحوا في بلورة ميثاق جديد فيما بين الأجهزة والفاعلين الرئيسيين ، وقد حان الوقت بالنسبة إليهم لتكييف المشهد وفق مقتضيات الأجندة العالمية المؤطرة بتسويات وتوافقات خفية هنا وهناك ، مما يتيح لبعض « المعارضات » الانفرادية لخوض غمار البطولة والمغامرة إلى درجة الأسطرة أحيانا .

فلنذكر بالدور الذي أنيطت به بعض منابر الإعلام من قبل جهات نافذة داخل الدولة ، بغية « تكسير » شوكة الحركة التقدمية الديموقراطية ، وريثة الحركة الوطنية وسليلة المقاومة وجيش التحرير المغربي ، إمعانا في عزل متطلبات « الانتقال الديموقراطي » الجارية باسم التناوب ، عن مقتضيات « الإنصاف والمصالحة » ، والتي تحولت بفعل الواقع إلى تنازع بين الشرعية التاريخية وبين شرعية جديدة تتبلور في صيغة « المفهوم الجديد للسلطة »، لولا الحراك الفبرايري ، الذي رد الاعتبار لمطلب الإصلاح الدستوري والمؤسساتي والتشريعي وطبعا السياسي كتجل ومظهر ، بصدور وثيقة تاسع مارس الإيجابية ، والتي لم يكتب لها التفعيل ديموقراطيا ، في الدستور ولا حتى في الواقع ، بسبب غاية المشرعين الدين الذين خضعوا لقانون موازين القوى ومتطلبات المرحلة وكذا « نصائح » الخارج .
فلماذا ، إذن ، هذا الإصرار وهذه الإرادة « السياسوية » لفسخ التعاقدات المتراكمة ، على علاتها ، ونسخ الالتزامات المتبادلة بين الدولة والمجتمع ، التي بلورتها التسوية المكللة بالتقرير النهائي وتوصيات هيأة الإنصاف والمصالحة ؟
وبعيدا عن تراهات « معارضة الملك و أغلبية الملك » ، لأن المحافظين هنا وهناك لم يتمثلوا بعد جدوى الاحتكام للمعايير الدولية في التشريع والمعاملات سوى في جانبها السلبي الكامن في تحرير السوق والمبادلات وكذا عولمة الثقافة النيوليبرالية ، وانتهاك السيادة الوطنية ماليا واقتصاديا ، ندعو إلى دمقرطة تفعيل مقتضيات الدستور وفقا لمبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا ، بما يعنيه إعمال مبدأ سمو القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني على التشريع الوطني ، فالأمر يتجاوز صلاحيات الحكومة المختلطة وغير المتجانسة ، مادامت العلاقة مع مطلب القطيعة مع الماضي الأسود ومع مطلب التحرر والديمقراطية متوترة ، ومادام السياق الانتخابي الضيق هو « المؤطر » لكل هذا الحماس المتردد لدى صانعي التشريع والقرار الأمني والسياسي .
وما دمنا بصدد فتح صفحة جديدة ، تروم إقناع المواطنين والمواطنات بأن هناك انفراج تقتضيه المرحلة ، فإنه لا يكفي الإعلان عن وفاق وطني ، دون تنفيذ كافة الالتزامات العالقة ، لأن مؤشرات القطع مع الماضي الأسود لا تلوح ، بصفة جدية، في الأفق، ولا يمكن تصور ذلك مادامت استراتيجية الحد من الإفلات من العقاب لم تسن ، ومعه ضمانات عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، بغض النظر عن تماهي المسؤوليات السياسية والأمنية ، فيما بين رأسي السلطة التنفيذية ، الشيء الذي يقتضي الإسراع بهيكلة المجلس الأعلى للأمن واتمام مسلسل إصلاح منظومة العدالة بالإعلان عن المحكمة الدستورية وقرينها مجلس الدولة ، كآليات دستورية تجنب الوطن كل معوقات البناء الديموقراطي .

مصطفى المنوزي
رئيس المركز المغربي للديموقراطية والأمن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من