الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل إلى الرئيس - الرسالة الثالثة الدولة ما بين فلسفة الرؤية وسياسات المهمة

تامر البطراوي

2016 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


رسائل إلى الرئيس
كَتَبت هذه الرسائل بِوجهة نظر لا تدعي الحقيقة وتسعى إليها ، تعرض الرأي لمن يطلبه ولا تفرضه ، تُثمن النقد لا تنتهج النصح ، رسائل موجهة لكل رئيس دولة بكل نطاق زماني أو مكاني ، كائن أو كان أو سيكون ، رسائل مهمتها تثبيت حُكم الرئيس فتثْبُت معه الدولة داعمة المجتمع ، رسائل متعددة لا أحادية الموضوع ، تدعو للفِكر حول السيادة والثقافة والفلسفة والسياسة العامة للدولة.
الرسالة الثالثة الدولة ما بين فلسفة الرؤية وسياسات المهمة
البند الأول: تأصيل نظري
فلسفة الدولة هي المبادئ والقواعد والمسلمات التي تؤمن بها الدولة فتُشكل بُناءً عليها غاية في ذاتها وجهد ترتضي بذله للوصول لتلك الغاية ، أما السياسة العامة للدولة فهي قواعد عامة ومرشدة تضعها الدولة لتذليل نهج المهمة التي ارتضتها وإتمام مسيرتها ، وبناءً عليه ، فليس كل ما تعتنقه الدولة من مبادئ يُصطلح بالسياسة ، فالفلسفة العامة للدولة (فلسفة الرؤية المستهدفة) هي مبادئ وقيم غائية (إستاتيك) ، أما السياسات العامة للدولة (سياسات المهمة أو الرسالة) فهي مبادئ وقيم وصولية (ديناميك) ، الدولة التي تعتنق مبادئ وقيم دينية غايتها ستكون نقطة داخل إطار إقامة الدين ، أما الدولة التي تعتنق مبادئ وقيم مدنية فستكون رؤيتها نقطة داخل إطار المدنية ، الرؤية يجب أن يُكافئها جهد مبذول للوصول لغايتها وهي المهمة أو الرسالة ، والتي تشترك مع الرؤية من حيث القيم التي تدفع للقبول بها ، وتنفرد بالقيم وصولية التي تُمكن من أدائها ، المهمة في سبيل إتمامها يتم ترجمتها إلى أهداف التحرك ، سواء أكانت أهداف مرحلية أو غير مرحلية ، متداخلة أو منفصلة ، أهداف الدولة هي ذلك المسار المرسوم بخريطة زمنية للربط ما بين نقطة الوضع الحالي ونقطة الوضع المستهدف ، سواء أكان مساراً مُستقيماً (أهداف مُباشرة) ، أو مساراً غيرَ مباشرٍ مُلتفاً حول عقبات ومتخطىاً لحواجز وأغوار (أهداف استراتيجية-غير مباشرة) ، خريطة السير (أو التسيّير) إن لم تكن مُنَقَحة المسارات بالقواعد الصحيحة المُرشدة للسير (السياسات) وبشكل واضح ، فإن مهمة الوصول عملياً ستكون من الصعوبة بمكان..!! ، فإن كانت القواعد غائبة أو غير مناسبة أو غير واضحة أو متضاربة أو غير مرنة أو غير مقبولة ، فإن ذلك لا يعني سوى تبديد جزء كبير من جهود الدولة وجعل الوصول أمراً غاية في الصعوبة..
البند الثاني: القيم الغائية (فلسفة الرؤية)
الشخص الذي ليس له غاية (رؤية) إما ساكن أو متحرك ، الساكن فميت ، والمتحرك بغير وجهة (دافع جُهد) مجنون ، الرؤية هي الإجابة على التساؤل؛ ما الذي يجب أن تُصبح عليه الدولة في المستقبل وبصحبتها المجتمع؟ ، أما فلسفة الرؤية فهي الإجابة على التساؤل.. لماذا؟ ، أي ما هي المبادئ والقواعد والمسلمات التي تعتنقها الدولة والتي ستتشكل في ضوئها غايتها (رؤيتها)؟ ، هل ذلك المجموع المعرفي للدولة إمبريالي توسوعي أم تحريري داعم للسلام؟ ، هل هو روحاني عقائدي المصدر أم ميتافيزيقي فلسفي أم مادي تجريبي؟ ، هو هو أصولي أم حداثي المصدر؟ ... إلخ ، أم أنه مزيج من فلسفات متباينة؟ ، الفلسفة العامة للدولة تتشكل من مجموع النظام القانوني للدولة في ضوء ثقافة مُمَثليها.. ، أنت رأس مُمثليها وفاعل أساسي في تشكيلهم ، ولذلك فثقافتك نِصف ثقافة دولة ، وهو ما يفسر سبب اهتمام المجموعات الثقافية بالمجتمع بشكل أكيد بثقافة شخص الرئيس ، تذكر عليك إرضاء الجميع..
البند الثالث: القيم الوصولية (سياسات المهمة)
السياسات كقواعد عامة مُرشدة وصولية (أي تُمكن من الوصول لهدف) ، يتم وضعها بناءً على طبيعة المسار (الأهداف) وطبيعة والمبادئ والقيم الوصولية التي تعتنقها الدولة ، المبادئ مرجعيات فكرية أولية يلتزم بها الشخص بشكل أساسي وتنعكس على سلوكه ، وتقديرياً فهي إما قيم وهي كل ما غلا في النفس ، وإما رذائل وهي كل ما تدنى في النفس ، وبذلك فالمبدأ قد يكون ذا قيمة عالية عند شخص وذا قيمة متدنية عند شخص آخر ، وبغير قيمة عند ثالث ، ووفقاً للمبادئ الوصولية التي يعتنقها الشخص تتشكل سياسته الوصولية ، والتي يُمكن تصنيفها إلى ثلاثة أصناف رئيسية وهي: السياسة العصاميه الخلاقه ، والتواكليه التطفليه ، والعدوانيه المغتصبه ، السياسة الخلاقه تقوم على بذل الذات لجهد مكافئ للمستهدف ، وتتشكل بقيم الصدق والإلتزام والإخلاص والإعتزاز والسلام ، أما السياسة التواكليه التطفليه فتقوم على بذل الغير لجهد مكافئ للمستهدف بدون إجبار له ، وتتشكل بمبادئ (رذائل) الكذب والنفاق والدونية والإحتيال (الفهلوة) والتواكل والكسل ، بينما تقوم السياسة العدوانيه على اغتصاب المستهدف من الغير بالإجبار ، وتقوم على مبادئ (رذائل) الحقد والكره والأنانية وسوء الظن.. ، تُحدِد الدولة سياستها الوصولية بناءً على مجموع القيم الوصولية التي تؤمن بها ، والتي لا تكون عادةً صِنفاً واحداً ، وإنما مزيجاً مشتركاً من أكثر من صِنف ، فكلاً من سياسة التمييع والتعتيم مزيجاً مشتركاً من المبادئ الخلاقة والتطفلية ، أما كلاً من سياسة تبرير الأخطاء وتشويه المخالف والإلهاء مزيجاً مشتركاً من المبادئ التطفلية والعُدوانية ، بينما قد تجتمع المبادئ الخلاقة والتطفلية والعدوانية معاً لتُشكِل سياسة الغاية تبرر الوسيلة... ، والآن عليك أيها الرئيس أن تُشكل المبادئ المناسبة التي ستكون قياماً للسياسات العامة للدولة ، لا تُسلِم للقائم فقد يكون منها غير المناسب ، ويتشكل عنه سياسة لا تدعم المهمة في الحقيقة.. ، الغاية لا تبرر الوسيلة ، فالوسيلة متى تضمنت عُدوان على حق كانت وسيلة فاسدة تضر أكثر مما تنفع ، لا تقتل ولا تعذب ، فكل عُدوان باقٍ أثره في جسد المعتدي أو من ورِثَه.. ، لا تكره النسل ، فإخفاقك في المهمة قد يعود لأسباب تنظيمية لا لأرقام النسل المتسارعة ، إدعم الأبناء دعماً حقيقياً يدعمك الآباء.. ، لا تثق ولا تُشَكِّك ، فالعموميون الموالون يُبدون لك تملقاً وبقدره قد يبطنون خِلافاً ، والمعارضون ليسوا خونة دائماً أعداءً للوطن ، الكل يسعى لوطنٍ يرتضيه وهنا تكمن الإشكالية ، التملُق يُبدد طاقة مؤيديك عبثاً بغير خَلقْ ، كما التصيد يبدد طاقة معارضيك الرقابية الهامة ، كل هدر لطاقة من طاقات الدولة والمجتمع خطوة للوراء..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -مستلقين أمام السيارات-.. ناشطون يغلقون مدخل مصنع -إلبيت- ال


.. لحظات ما قبل الكارثة.. تسجيل يوثق اندلاع النار بمصنع البطاري




.. طفل فلسطيني مصاب يودع والده الذي استشهد في قصف إسرائيلي في غ


.. هجوم للطائرات المسيرة على إيلات جنوب إسرائيل




.. مشاهد تظهر اندلاع حرائق كبيرة في تلال أوروفيل بكاليفورنيا