الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضد عملية القدس بشكل مطلق !

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2016 / 4 / 19
الارهاب, الحرب والسلام


في الوقت الذي تزداد فيه شعبية حركة ال BDS في المدن الأوروبية، وفي الوقت الذي تنضم فيه جامعات واتحادات عمال وبلديات إلى حملة مقاطعة البضائع الإسرائيلية، يقفز في وجوهنا للمرة المليون دعاة العنف والدم لكي يهللوا لعملية تفجير باص مدنيين في القدس. هؤلاء فقدوا شعبيتهم وفقدوا مبررات وجودهم فقرروا أن يحتلوا موقع التواصل لمباركة العملية باعتبارهم الفئة الأكثر ( ثورية ) من غيرهم، وبوصفهم ( الأوصياء ) على القضية الفلسطينية، بينما في الحقيقة، أن أمثال هؤلاء لم يفكروا ولو مرة واحدة في مسيرة النضال والمقاومة ومسلسل الهزائم وتوالي النكبات والانتكاسات. هؤلاء هزمونا في الأردن 1970، وهزمونا في لبنان 1982، وهزمونا في الانتفاضة الأولى 1987 باتفاق أمني وحكم ذاتي مسخ يستنزف طاقات الشعب المادية بصورة مروعة لصالح إسرائيل بدعوى أنهم يطمحون للحصول على دولة مستقلة، هي على الأرجح دولة طاردة للكفاءات والعقول، تماماً مثل 22 دولة عربية من حولنا !!!

هؤلاء أنفسهم قرروا خوض انتفاضة مسلحة عام 2000، فقمنا من خلالها بتفجير عشرات الحافلات في تل أبيب والقدس وحيفا والعفولة وغيرها، لكن ما الذي حدث بالضبط ؟! قامت المؤسسات الصهيونية الإعلامية والبعثات الدبلوماسية في العالم، باستغلال تلك العمليات لتقوم بإعادة منتجة وإخراج الصورة لكي يترسخ في أذهان الغرب أن ما يسمى بالنضال الفلسطيني لا يعدو عن كونه صورة أصلية لعمليات تفجير المدنيين في العراق وسيناء والجزائر وباريس ولندن ونيويورك ومدريد وموسكو. نعم عملية القدس هي عملية إرهابية وفق تعريف الأمم المتحدة للإرهاب الذي ينص على أن الإرهاب هو ( قتل غير المحاربين ) !

بالطبع سيخرج علينا بعض المتنطعين لكي يقولوا أن الصهاينة يقتلون المدنيين أيضاً، ونرد عليهم بنقطتين. الأولى أن الفكر الصهيوني العنصري والإجرامي ليس قدوة لنا لكي نقابله بإجرام عنصري مضاد، بالعكس الهوية العنصرية لإسرائيل هي التي تشجع شعوب العالم على مقاطعتها اقتصادياً وثقافياً وأكاديمياً، وهذا هو سلاحنا الوحيد المتاح. الرأي العام الدولي.
أما النقطة الثانية، فهو ضرورة الانتباه والصحو من السكرة العميقة بامتلاك شيئاً من الإحساس والتعاطف مع شعبنا في غزة والضفة، بفضل تلك العمليات حوصرنا في غزة، وزادت الحواجز وقيود السفر والتنقل في الضفة حتى أصبحت حياة الناس عذاباً ما بعده عذاب، وهذا كله من إنجاز العمليات ضد المدنيين !

طيب بعد هزيمة الأردن ومجازر أيلول 1970 لماذا لم نمتلك رؤية استراتيجية جديدة ؟؟ لماذا انتقلنا إلى لبنان بذات الأخلاق وذات الفساد وذات الغباء لكي تكون النتيجة الطبيعية هي تسليم بيروت 1982 ومذابح صبرا وشاتيلا ؟! أقحمونا في الانتفاضة الأولى التي استمرت بجماجم الأطفال ومنع تجول واضطهاد خمس سنوات لكي يوقعوا اتفاق أوسلو ( الأمني ) واتفاق باريس ( الاقتصادي ) الذي استنزف الناس وأفقدهم القدرة على الصمود، فهاجرت الكفاءات والطاقات الشابة وما زالت تهاجر .. أوسلو أرصدة وحسابات بنكية واستثمارات ملايين من دماء الشعب كلها تدفع لصالح الأمن الإسرائيلي .. يعني بعد مسيرة الأردن ولبنان وصبرا وشاتيلا والانتفاضة الأولى، كانت النتيجة هي اتفاق أوسلو !!

بعد فشل الاتفاق على الأرض وتنكر إسرائيل لكافة المواثيق الدولية، لم يقم الراحل عرفات بحل السلطة وتقديم اعتذار مناسب للشعب الفلسطيني وتحميل دولة الاحتلال مسؤولية إدارة شؤون الناس، بل قام بدعم انتفاضة مسلحة وعمليات ضد المدنيين وكانت النتيجة حصاره في المقاطعة ثم اغتياله، والآن نحن في حصار شديد، وأكثر من 500 حاجز تذيق شعبنا ويلات التنكيل والاستفزاز وتعطيل مصالح العباد.

لم يكتفي دعاة ( العنف الثوري / الجهادي ) بكل ما سبق من هزائم وويلات، فأقحمونا في ثلاث حروب على غزة بررتها دولة الاحتلال بالصواريخ التي كانت تطلق على غلاف غزة، وكيف كان الموقف الدولي ؟؟! بصرف النظر عن تقرير جولدستون وتقارير بعض المنظمات الحقوقية، إلا أن الموقف الأمريكي الأوروبي كان واضحاً وهو ( من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها )، وطالما كانت في موضع الدفاع عن النفس ( بغبائنا وقلة إدراكنا )، فقد مارست القتل بالصواريخ الموجهة الحديثة حيث يكفي صاروخ واحد أو صاروخين لتدمير برج سكني من 14 طابقاً !!!

الشهداء الذين سقطوا في الحروب الثلاث .. أليسوا في حساب ( دعاة العنف ) ؟؟! 100 ألف شقة ومنزل تم تدميرها وما زال معظم أصحابها يعيشون حياة مذلة في الكرافانات .. الفساد الكبير في أموال إعادة الإعمار لا يهم ؟؟! عشرة آلاف معاق بترت أطرافهم في الحروب أليسوا بشراً ؟؟! معدلات البطالة وانتشار الفقر وحياة الذل وتزايد حالات الانتحار ألا يشاهدونها ؟؟! ألا توجد عقول في الشعب الفلسطيني قادرة على التعلم والدراسة واتخاذ العبر ؟؟؟

لن نهزم إسرائيل بالدروشة، بل بالعلم والتربية الخلاقة .. سنحصل على حقوقنا عندما ندخل التحدي الحضاري مع إسرائيل .. أين جامعاتنا ؟! أين جوائز نوبل ؟! أين قضاؤنا المستقل الذي يحاسب الفاسدين واللصوص والناهبين من شركة الكهرباء إلى جوال والاتصالات وتغول البلديات في الجباية بصورة غير قانونية ؟؟! أين الضمان الاجتماعي للعاطلين عن العمل والمرضى والشيوخ ؟؟! ألسنا شعباً دافعاً للضرائب الباهظة ؟؟ أم أن علينا فقط أن ندفع رواتب 400 وزير سابق و 132 نائب تشريعي هم على بند البطالة ؟؟!

لقد سبق وكتبت مقالاً دعوت فيه إلى حل السلطتين تحت الاحتلال بل وحل جميع الفصائل وتحميل دولة الاحتلال مسؤولية احتلالها وفق اتفاقيات جنيف المتعلقة بحقوق المدنيين تحت الاحتلال، وكنت صادقاً فيما أقول ومعبراً عن الأغلبية الصامتة وغير المستفيدة من السلطة وامتيازاتها.

------------------------------------
إسرائيل دولة عنصرية تقوم على فكرة نقاء وتفوق ( الدين اليهودي )، وهي فكرة متخلفة بائدة لن يسمح لها العالم بالاستمرار .. سلاحنا الحقيقي هو الإعلام لعمل أفلام وثائقية تصور معاناة الناس على الحواجز ومعاناة صيادي الأسماك في بحر غزة .. تصوير المناطق المدمرة والكرافانات وحياة الفقر والذل في غزة. أنا مع حركة ال BDS لفرض المقاطعة وسحب استثمارات .. العنصرية سوف تسقط عندما تغلق مصانع إسرائيل ويهتز اقتصادها، تماماً مثلما حدث في جنوب أفريقيا بقيادة مانديلا .. أما العنف، الذي تمتلك إسرائيل وحدها أدواته، فلن يجلب لنا سوى الدمار والخراب والويلات، وعلى من يعارضون هذا المقال أن يقرأوا الواقع الأسود بشيء من العقل وقليل من الضمير !

دمتم بخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحسنت!
مصعب بشير ( 2016 / 4 / 19 - 21:55 )
نعم!


2 - تفكير ثوري منطقي
nasha ( 2016 / 4 / 20 - 02:43 )
اقتباس ( أن الفكر الصهيوني العنصري والإجرامي ليس قدوة لنا لكي نقابله بإجرام عنصري مضاد، بالعكس الهوية العنصرية لإسرائيل هي التي تشجع شعوب العالم على مقاطعتها اقتصادياً وثقافياً وأكاديمياً، وهذا هو سلاحنا الوحيد المتاح. الرأي العام الدولي)
عين العقل استاذ عبدالله الاصولية لا تحارب بالاصولية وانما تحارب بالفكر الحر وبمنطق انساني غير منحاز الى اية افكار فاشية.
تحياتي انت فعلا انسان بالمعنى الحقيقي للانسان.


3 - الأستاذ عبد الله أبو شرخ المحترم
فاتن واصل ( 2016 / 4 / 20 - 09:11 )
أقتبس من مقال حضرتك هذه الجملة ((وكنت صادقاً فيما أقول ومعبراً عن الأغلبية الصامتة وغير المستفيدة من السلطة وامتيازاتها. )).. وغير المستفيدة هنا مربط الفرس، أنا أتابع حضرتك ودائما ما أجدك تدعوا لحق دماء الشعب الفلسطيني المكافح وسكان غزة المحاصرين ، وأود أن أشير هنا أن هناك مستفيدين من هذا المسلسل الدموي ومن استمراه .. بائعي السلاح مثل لا يستهان به.
سيدي الحرب تجارة والموت تجارة والقتل باسم العنصرية .. الدين .. السياسة .. كل هذا تجارة رابحة بشكل خيالي، لذا فإن - المستفيدين - لن يكفوا أبداً ولن يعيدوا حساباتهم، لابد أن يأتي ساسة لا يفكرون سوى في مصلحة الوطن والشعب. لابد أن تتم قراءة مقالك - وهنا أختلف مع حضرتك - ليس (بشيء من العقل وقليل من الضمير )، ولكن بشيء من العقل والمزيد من إعمال الضمير المعطل في أذهان حكامنا الانتهازيين.
تحياتي على منهج كامل أتابعك فيه منذ فترة، وأعلم كم أنت مهموم بقضايا وطنك الغالي وتتمنى أن تحرك الصخرة ولو قليلا. تحياتي واحترامي.


4 - الصديق مصعب بشير
عبدالله أبو شرخ ( 2016 / 4 / 20 - 10:47 )
أنت من جمهور حركة البي دي أس القلائل وكان عليك أن تفند المقال باقتباسات مثمرة لكي تشجع القراء على التفاعل مع المقال .. هذا لا يعني أني أشكر لك الاهتمام وحسن المرور.
تحياتي


5 - السيد ناشا المحترم
عبدالله أبو شرخ ( 2016 / 4 / 20 - 10:54 )
للأسف فإن معظم الكتاب والمثقفون ينافقون الرأي العام المتعطش للانتقام انطلاقاً من عقيدة ( العين بالعين والسن بالسن ) أو أنهم يصمتون خوفاً على شعبيتهم المزيفة من جموع الدهماء .. أخطر ما يواجهنا الآن هو منافقة النخب لقطيع المتخلفين سواء في فلسطين أو في العراق ومصر وسوريا والخليج .. شكرا للمديح والإطراء كما أشكر لك المرور والاهتمام وتقبل مودتي.


6 - الأستاذة المحترمة فاتن واصل
عبدالله أبو شرخ ( 2016 / 4 / 20 - 10:59 )
أوافقك الرأي بأن ثمة تجارة للدماء تحدث في جانب دعاة العنف الذين هزمونا في كل المواقع . أكرر ما قلته للسيد ناشا وهو أن منافقة الرأي العام هي عمل خطير، لأن المجرمين ما كان لهم أن يستمروا في النهب والسلب وتزييف الوعي لولا تآمر النخب وارتهان مصالحهم بالسلطة الحاكمة .. أتفق معك أيضا بأننا نحتاج للكثير من أعمال العقل والكثير الكثير من وخز الضمير وهو ما أحاول الدفع باتجاهه من خلال الحديث عن ألوان العذاب الذي يعيشه الناس .. أشكر لك المتابعة الخلاقة والاهتمام وتقبلي تحياتي


7 - ضد
ناس حدهوم أحمد ( 2016 / 4 / 20 - 22:10 )
تجار الدين مسخوا كل شيء بما في ذلك حياتنا العامة
فهم يستغلون عاطفة الناس الدينية فيقومون بمسح الأدمغة وتخدير الناس وتقديم الوعود الوهمية فيسقط في الشرك أغلبية الناس الأميين وأشباه المتعلمين والمثقفون المنافقون الذين يسيرون مع التيار ولا يفكرون من أجل تغيير العقليات
إضافة إلى أصحاب المواقع الخائفين على فقدان مواقعهم المربحة
إضافة إلى نشر الكراهية وإحداث الشقاق بين أفراد الأمة الواحدة
والمساهمة في الحروب الأهلية التي ماإنفكت أن بدأت

اخر الافلام

.. … • مونت كارلو الدولية / MCD كان 2024- ميغالوبوليس


.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح




.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با


.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على




.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف