الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراجيديا الفدرالية

ناصر اليونس

2016 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


في الحديث عن مسألة الفيدرالية التي اثيرت في الشمال السوري من قبل حزب الاتحاد الديموقراطي , والتي تم استهلاكها بالكثير من الافتراضات والحلول اليوتيبية التي لم ترقى الى الان للمستوى المطلوب الذي يمس عمق القضية أو الحادثة او الحق كما يحب كل طرف أن يسميه .
و بعد إتخامنا بالوجدانيات و الاستعارات النثرية التي جاد الكثير بها من مقالات وابحاث وتهيؤات واتهامات , وجدنا أن ندلوا بدلونا ففي السياق الذي أعرضه لن يكون سيكولوجيا فالمؤكد نحن لسنا امام مرضى لنعالجهم – بالرغم من العلل المتأصلة في الشرق- و لن اتحدث باللسانيات التي كان متعففا ببعضها المرحوم محمد أركون من خلال مداد عمله الطويل على التراث الاسلامي الجامع لشعوب المنطقة جغرافيا إثنيا من الأمازيغ في اقصى الغرب إلى البشتون والصينين في اقصى الشرق وبما في ذلك أصحاب باقي الديانات التي استمرت ولو كانت مثبطة ولم تكن فاعلة كمحور محرك للتاريخ في الشرق كما المسيحين واليهود والزاردشتين الذين هم اصحاب ثقافة اسلامية بالمحصلة.
ولسنا في موضوع جريمة موصفة لتكون مهمتنا بيان موضوع ومكان الجريمة وتحديد الجاني وعقوبته – على الرغم من أن البعض يرى في القضية انسلاخ عن الوطن وسلب ارضه وسيادته ومخالفة لدستوره- , ما غاب عن الواجهة (الانسنة) في التعامل مع الحدث و المراد في الانسنة هنا التقاطع لكل من السيكولوجيا والاثنولوجيا علم الاعراق والدور التاريخي الذي لعبته اللغة في توثيق وتثبيط بنية خطاب ثقافي جمعي لهذه المجموعة البشرية او تلك .
فالمشروع الكردي القومي ككل المشاريع القومية لها بعض الميزات المشتركة ولها بعض الخصوصية في أماكن أخرى , فهي شعارتية صوتية بصيغة خطاب يستلب الميثولوجيا لاستهيام واستحضار زمن قديم يوصف بالاصيل والذي يجب اعادته للحاضر .
فالأسطورة التي تجعل منه –المشروع القومي- الملاذ والأمل لفئات واسعة من المنبوذين والمهمشين والعاطلين عن العمل واليائسين.
ولتحريك مشاعر هؤلاء المضطهدين من قبل الحكومات المستبدة العربية والتركية والفارسية لا بد من ايديولوجيا ماركسية لتعمل على تبطين الوجدان الجمعي –بحسب تعابير عابد الجابري(1)- فالإقطاع الكردي الذي كان مدعوما من الحكومات المركزية التركية العثمانية والذي استمر بذات النسق الديني الابوي الزراعي في كل من العراق وايران وسوريا , وهنا تجد الاشتراكية المناخ والبيئة فهي الخلاص من كل أعباء الاستبداد الطبقي و الديني والعرقي الحاصل والممنهج في كثير من الاحيان .
لكن بدل أن يكون باتجاه الديموقراطية وحقوق المواطنة من عدالة و المساواة , نشاهد في المشروع القومي الكردي عبارة عن استنساخ للمشروع القومي العربي الناصري البائد والماركسية الستالينية , والثالوث جاهز (اوجلاني , برزاني ,طالباني) وهو ما عبر عنه أحد أفراد البشرمكة لاحد النساء الداعشيات , فالكردي كفرد إما ان يقبل بالثالوث المقدس وهو التصرف النمطي الطبيعي فمحاكاة الاغلبية في بيئته اي التقليد حتى لو كان متيقنا من اضرار وسلبيات التصرف والدافع الرئيسي للالتحاق بالبقية هو( خشية الفرد من الشذوذ والاختلاف عن الاغلبية وحاجته للقبول الاجتماعي )2 , ومن يشذ فالتهم جاهزة داعشي او بعثي او اردوغاني في احسن الأحوال .
وعودة لأركون وتعيين (مفهوم الأنسنة بما هي أحد الأسس التي يرتكز عليها الفكر الديموقراطي والممارسة الديموقراطية، وتقوم على الامتناع عن إقصاء أي شيء ينتجه الإنسان أو مما يدفعه إليه قدره، ولكنها تخضع كل ذلك للتمحيص النقدي، بما في ذلك عقائد الإيمان الديني والحقائق المقدسة) (3)
وهذا الكلام يشمل الفدرالية الحل العجائبي السحري لكل المشاكل كما يراد تسويقها من قبل البعض . فبناء اي دولة كانت فدرالية او دولة كردية جديدة يجب أن يبدأ من فهم كيان الدولة وشكلها ومؤسساتها وأنه لا يمكن النقاش الجدي البناء إلا بلغة العقل و إرادة المتحاورين -لا بسلبها ووضعهم تحت الامر الواقع القابل للتغير بحسب المتغيرات السياسية – و بناء على التجربة الانسانية المتراكمة لا بإعادة خطاب ميشيل عفلق بلكنة كوردية والصراخ وسد الأذان , ومن المؤسف أن تشاهد هكذا كلام في صحف ومجلات مشهورة لاحد الكتاب ’’المستقلين’’ الاكراد ( هناك صعود مطرد في الوعي الذاتي للكرد كجماعة متمايزة، لا يمكن مواجهته بدعاوى ساذجة من نوع أن الحل هو في «دولة ديمقراطية قائمة على المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات بصرف النظر عن العرق والدين والجنس) (4)
وهنا على ماذا يجب أن يحاور هذا الوعي الذاتي الجديد , على هرطقات وايديولجيات القرن التاسع عشر أم على رسائل السلام التي خرجت من سجن الامام الثالث في جزيرة إيمرال , الناصة على أن المستقبل هو للمواطنة والمساواة التي يهرب إليها السوريون أفواجا عبر الجزر اليونانية نحو القارة الديموقراطية العابرة للاثنيات.


المراجع :
1- بتصرف عن عابد الجابري الخطاب العربي المعاصر ص 111
2- الشوفينيون: سيكولوجيّة المجتمع الأبوي / جاد جمال قعدان
3- الأنسنة والإسلام، مدخل تاريخي نقدي - محمد أركون مقال لخالد غزال في موقع معابر
4- بكر صدقي - القدس العربي في الفدرالية والجدل الدائر حولها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |