الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زريبة غزة !

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2016 / 4 / 21
القضية الفلسطينية



العنوان الأصلي لهذا المقال هو " إسطبل غزة "، وقد أفصحت عن نيتي كتابة مقال بهذا العنوان على صفحتي بالفيسبوك. لكن صديق عزيز ( هو مهندس متقاعد ) نصحني قائلاً بأن الإسطبل خاص بالخيول حصرياً، بينما المقصود هو " زريبة " حيث تعيش الحمير والأغنام والخراف والدواجن. بصراحة اقتنعت وأصبح العنوان " زريبة " غزة !

قديماً اعتاد الكتاب استخدام مصطلح " سجن غزة "، وهذا غير منصف وغير كاف، فهؤلاء الذين يصفون غزة بالسجن، إنما يقصدون إغلاق معبر رفح ومنع الناس من السفر، أما حقيقة ما يحدث في غزة بشكل شمولي فسوف أتحدث عنه فيما تبقى من سطور ومعذرة للإطالة.

1- عصابات وفلتان بدعوى المقاومة

قبل حوالي أسبوع، خرج الشاب عبد الحميد كحيل من مدينة غزة إلى الحقول الشرقية لكي يجرب بندقية الصيد التي اقتناها بألفي دولار. الشاب ذو التسعة عشر ربيعاً يدرس في السنة الأولى الجامعية وهو من عشاق الصيد. لكن ما إن وصل إلى الحقول الشرقية، وقبل أن يبدأ في البحث عن طيور، حتى تلقى رصاصات في رأسه من قناص حيث توفى على الفور .. عمته على موقع التواصل قالت أن القتلة ينتمون لعصابة اسمها " كتائب المجاهدين " التي تحمل السلاح بدعوى المقاومة، ثم اتضح أن القتلة كان يهدفون إلى سرقة بندقية الصيد الثمينة التي سرقوها فعلاً !!
نتساءل بكل مرارة، أين الأمن والأمان الذي تتغنى به حماس ؟؟! أمس أيضاً كانت ثمة محاولة انتحار جماعية لأربع شبان في منطقة الشيخ رضوان .. هؤلاء الذين فقدوا كل أمل بمستقبل أفضل فقدوا أيضاً رغبتهم في الحياة !
طيب ما فائدة سلاح المقاومة ؟؟! قد يحتج البعض على طريقة " عنز ولو طارت "، وها أنا أكرر السؤال بصوت عال ( ما فائدة ما يسمى بسلاح المقاومة سوى جلب الويلات والدمار والخراب والموت ؟! ) .. أليس من المنطق البحث عن حل سياسي لإنقاذ أهل غزة من الموت واليأس والذل والقهر ؟؟! على حماس أن تفهم وتعي جيداً بأن جميع الناس في غزة يفهمون حقيقة ما آلت إليه الأمور .. سلاح المقاومة الذي اغتال الشاب عبد الحميد كحيل من أجل سرقة بندقية الصيد لن يحرر فلسطين .. لماذا لا تسلم حماس غزة للأمم المتحدة أو أي هيئة دولية أو حتى لإسرائيل، فقيادة حماس ( الزهار أمس ) أصبحت لا تمانع إشراف إسرائيل على ميناء عائم كما تشرف على بقية المعابر ! وجود حماس وسلاح المقاومة لم ولن يغير من واقع احتلال غزة وحصارها .. فلماذا كل هذا التلفيق والتزوير ؟؟! الإدارة المدنية أيام الاحتلال كانت تدير غزة ب 2000 موظف، الآن نحن ندفع رواتب ل 40 ألف موظف من حماس من خلال الضرائب والأتاوات والمخالفات كما ندفع رواتب لأكثر من 160 ألف موظف بسلطة رام الله، وليتها إدارة أو ما يشبه الإدارة .. لقد تحولت غزة إلى ركام آدمي للمسحوقين والفقراء واليتامى والمقهورين بسبب فاشية حماس ووحشية جباياتها من دماء الفقراء !

2- خرافة الأنفاق !

تمتاز حماس بإعلام قوي مدعوم من وسائل إعلام عالمية وعربية كالجزيرة وصحف لندن وتسريبات الصحف الإسرائيلية، عن مدى خطورة الأنفاق على الأمن الإسرائيلي، والسؤال الذي يقفز هو، هل هناك أي جدوى نضالية أو كفاحية للأنفاق توازي ما تهدر من أموال ؟؟! أقصى حلم لحماس هو التسلل لفلسطين المحتلة من أجل خطف جنود لتحرير أسرى .. فهل حقاً أن تحرير الأسرى له أولوية حتى لو أدت تلك الأولوية لموت من هم على قيد الحياة ؟؟! كما شهيد في غزة مات بسبب شاليط ؟؟ وما الذي يمنع إسرائيل من إعادة اعتقالهم أو اغتيالهم ؟؟؟ معظم الأسرى الذين تم تحريرهم بصفقة شاليط تم اعتقالهم أو إبعادهم أو اغتيالهم، فحماس ليست منظمة شرعية معترف بها دولياً لكي يضمن الصليب الأحمر تلك الصفقة. جدوى أخرى مثل التسلل لموقع عسكري وقتل ثلاثة جنود وجرح ثلاثة آخرين واستشهاد كامل المجموعة المتسللة ! إذن لا جدوى حقيقية لا من سلاح المقاومة الذي لم يتمكن من ردع إسرائيل التي قتلت وشوهت عشرات الألوف ودمرت آلاف المنازل وشردت ربع مليون نسمة في الحرب الأخيرة وحدها ! لماذا التباهي بسلاح لا يستطيع ردع دولة الاحتلال ؟؟!

3- إغلاق معبر رفح

تتحمل حماس مسؤولية إغلاق معبر رفح كونها أعلنت ولاءها لتنظيم الإخوان المسلمين، كما أن الحكومة المصرية وجهت اتهامات عديدة لحماس مثل الهجوم على السجون في فوضى ثورة يناير ومثل التخطيط لاغتيال النائب العام وغير ذلك. فهل على أهل غزة أن يدفعوا فاتورة حماقات حركة حماس وإسائتها للعلاقة مع الجارة مصر ؟ لو كانت حماس تتذرع بفوزها في انتخابات عام 2006 فقد انتهت ولايتها القانونية ويجب التوجه لانتخابات جديدة منذ 2010، أي أن حماس تحكم غزة بالبساطير منذ 6 سنوات ! المرضى في غزة يموتون لأن فئة كبيرة منهم كانت تعول على العلاج في مصر .. آلاف الطلاب فقدوا مقاعدهم الدراسية في مصر وجامعات بسبب عدم تمكنهم من السفر .. صغار التجار انضموا إلى جيش البطالة .. مصالح الناس تحطمت وحماس أظن من طين وأذن من عجين ! حماس هي من يعتقل 2 مليون إنسان يعاملون كما تعامل الأغنام بلا أي حقوق !

4- أزمة الكهرباء

منذ 9 سنوات، وتحديداً منذ خطف الجندي شاليط، ضربت محطة الكهرباء ومنعت إسرائيل توريد قطع الغيار اللازمة لإصلاحها. ساعات الوصل المعلنة ثماني ساعات والحقيقية ست ساعات أو أقل .. حماس استولت على الشركة والجباية وشرطة حماس تقوم بقمع أي مسيرة احتجاجية ضد ممارسات الشركة التي تسرق الناس في استهلاك وهمي سببه فرق الجهد المنخفض الذي يؤدي إلى ارتفاع شدة التيار كما كتب مهندس كهرباء خرج عن صمته .. هل توجد فاتورة كهرباء ثمنها 100 دولار مقابل 6 ساعات وصل ؟؟! أين يوجد في الكوكب مثل هذا الأمر الخطير وغير المسبوق ؟؟!

5- أزمة المياه

كانت إدارة الاحتلال عام 1988، أي أثناء الانتفاضة الأولى، قد فرضت مبلغ 30 شيكل ثمن الفاتورة الشهرية للمياه كعقوبة من ضمن العقوبات الاقتصادية ضد الناس بينما لا يتجاوز متوسط استهلاك المنزل 15 شيكل ( ما يعادل 15 كوب )، الآن بلديات حماس تجبي ال 30 شيكل التي فرضها الاحتلال أثناء الانتفاضة دون قراءة العداد من الأصل، لكن انتبهوا أن بلدية حماس تفرض مخالفات كبيرة على المنزل في حال عدم وجود عداد !!! طيب لماذا يفرضون المخالفات على عدم وجود عداد طالما أنهم لا يقرأون العداد ؟؟! ثم لماذا ندفع هذا الثمن الباهظ طالما أن المياه نفسها غير صالحة للشرب أو للطهي ؟؟! هنا يجدر التنويه إلى أن الناس في غزة يشترون مياه الشرب من شركات التحلية التي تعود ملكيتها في الغالب إلى تجار ومستثمرين من حماس نفسها، تماماً مثل مزارع الدجاج والبيض والأبقار !

6- الاحتكارات المتوحشة

تحتكر سلطة رام الله توريد الوقود والغاز إلى غزة فتتقاضى ضرائب كبيرة أقلها ضريبة القيمة المضافة ال 15 % ، ولكن حماس من جهتها تفرض جمارك على كل سلعة تدخل غزة من إسرائيل. هنا يجب التوضيح لأهل غزة أنفسهم أيضاً، أن أي سلعة يشتريها تجار غزة من إسرائيل، تقوم إسرائيل بجباية ضريبة القيمة المضافة ال 15 %، وهي أموال تقدر بمليارات الشواكل حيث تقوم إسرائيل بتحويلها لسلطة رام الله .. لكن السلعة بمجرد دخولها غزة بعد المعابر، تقوم حماس بفرض خاوة تقدر ب 2000 شيكل على كل شاحنة، وبالتالي يرتفع ثمن البضاعة مرة أخرى وهو ما يفسر حالة الغلاء المتوحشة التي زادت من مساحة الفقر لتشمل 90 % من السكان بمن فيهم صغار الموظفين ( من سلطة حماس وسلطة فتح ). لا يوجد في غزة أي مشروع ناجح سواء كان مزارع دواجن أو محطات مياه أو مدخولات الضريبة أو رسوم تراخيص المباني والمحلات والسيارات إلا وكان مصدراً للجباية المتوحشة الظالمة من قبل سلطتي الحكم الذاتي في رام الله وغزة ! أسعار الاتصالات مقارنة بباقي دول العالم هي الأعلى رغم الفقر الشديد في غزة، حيث تمتص شركة الاتصالات فواتير الهاتف الثابت والجوال ورسوم اشتراك الإنترنت بأسعار تقارب 20 % من متوسط الرواتب !! نعم بلا مبالغة، فأي بيت به هاتف و 4 جوالات وخط إنترنت سيدفع 500 شيكل لشركة الاتصالات، علماً بأن متوسط الرواتب لا يزيد عن 1500 شيكل !!! أما احتكار التبغ من السلطتين فهو إجرام حقيقي في حق فئة المدخنين، حيث يبلغ ثمن علبة السجائر من الصناعة ( الوطنية ! ) حوالي 27 شيكل أو ما يعادل 7 دولارات ! بالطبع هذا كله خلاف احتكار شرس وضاري لمواد البناء من أسمنت وحديد وزلط ورمل.

7 – أزمات الفقر والبطالة

منذ تنفيذ خطة شارون للانسحاب أحادي الجانب من غزة ثم استيلاء حماس على مقاليد الحكم، فرضت إسرائيل عقوبات قاسية جدا على غزة، لا سيما وأنهم صوتوا في الانتخابات بأغلبية ساحقة لصالح خيارت العنف الثوري. تم إغلاق دفيئات الورود في بيت حانون والمواصي والتي كانت تصدر الورود إلى أوروبا. تم إغلاق المئات من مصانع الحياكة. تم إغلاق مصانع الموبيليا والأثاث والخيزران. تم إغلاق مصانع ثلاجات العرض التي كانت تستوردها إسرائيل نفسها ! تم حرمان غزة من جميع المواد الأولية التي يشتبه في استخدمها في التصنيع العسكري البدائي مثل الأسمدة الكيماوية. الأخطر من كل هذا أن إسرائيل أغلقت حدودها أمام 120 ألف عامل. البطالة تفاقمت وجاع العمال وأسرهم، بينما قيادات غزة يأكلون سمك الهامور واللوكس والدنيس في الوقت الذي تسجل فيه أعلى معدلات لحالات الانتحار التي يفشل بعضها وينجح بعضها الآخر.


8- السرطان

رغم الارتفاع العالمي لحالات الإصابة بأنواع السرطان المختلفة، إلا أن الزيادة الملحوظة في غزة ها ما يبررها. لا توجد في غزة أي رقابة على الهرمونات المستخدمة لتسمين الدجاج أو المبيدات المستخدمة لتطهير التربة الزراعية في الدفيئات. قبل يومين خرجت امرأة مصابة بالسرطان في المرحلة الرابعة لكي تحصل على الجرعة في مستشفى بنابلس !!! كانت أختها مرافقة معها، ولكن المفاجأة القاسية كانت أن جنود الاحتلال منعوا جميع المرافقين من دخول الخط الأخضر واضطر المرضى للدخول وحدهم دون مرافق يعمل على خدمتهم في ظروفهم المأساوية .. أليس الحصار هو السبب في عدم وجود جرعات العلاج في غزة ؟؟! يعني إهمال سلطة غزة في الرقابة على المنتوجات الزراعية من جهة يزيد من حالات السرطان، ومن جهة ثانية لا تشعر حماس بآلام لآلاف المرضى وعذاباتهم بسبب عدم توفر العلاج في غزة .. فإلى متى تستمر حماس في افتراس غزة ؟؟

الخلاصة

1- غزة يطحنها الفقر ويفترسها الفقر وينهشها الظلم.
2- غزة بلا كهرباء أو مياه صالحة للشرب.
3- لا علاج للسرطان في غزة.
4- رغم أن الناس يدفعون اشتراك التأمين الصحي إلا أنهم وعند توجههم للمشافي الحكومية التي تديرها حماس يضطرون لدفع ثمن الدمغات ورسوم التحاليل وثمن الأدوية، فأين تذهب أموال التأمين إذن ؟؟!
5- سكان غزة ممنوعين من السفر حتى للعلاج أو للدراسة.
6- في غزة توجد هذه الأيام زيادة ملحوظة في حالات الانتحار بسبب عدم توفر دخل أو عمل.
7- حسب دراسة ألمانية نشرت قبل نحو 10 سنوات فإن 75 % من سكان غزة يعانون من اضطرابات نفسية وعصبية.
8- لا يمكن لغزة أو للمقاومة من إحداث أي توازن عسكري مع الاحتلال بوسائل بدائية، وجميع حروبنا ومواجهاتنا الخاسرة مع دولة الاحتلال لم تكن أكثر من مغامرات انتحارية !
9- وطالما أن سلطات الحكم الإداري الذاتي في غزة والضفة تقومان بإعفاء الاحتلال من عبيء إدارة شؤون الكائنات الحية وتوفير مسلتزمات الحياة للناس تحت الاحتلال، فلماذا لا يطالب الناس بحل سلطة أوسلو بفرعيها ( غزة والضفة ) وتحميل إسرائيل مسؤولية حياة الناس مثلما كان الوضع عليه قبل الانتفاضات الخاسرة والحروب المدمرة ؟؟!

ألقاكم على خير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إنه درس إجباري في التخريب
مصعب بشير ( 2016 / 4 / 22 - 00:47 )
للأسف الحال في القاع، وهذا الحال حسب ما تعلمنا من التاريخ غير دائم، هنالك إنفجار قادم وهو غير وشيك بتاتا. التاريخ علمنا أن غياب البديل المنظم سيجعل من أي انفجار مقدمة للمزيد من البعثرة. ما تقوم به يا عزيزي انت والقلقة القليلة الناقدة والكاتبة هو الشمعة التي من شأنها خلق مقدمة فكرية لوعي وتغيير. بعض العطر في داخل الزريبة ليس كافيا وليس مغيرا ولكنه ليس سيئا بتاتا. دمت بود


2 - رد إلى مصعب بشير
عبدالله أبو شرخ ( 2016 / 4 / 22 - 08:13 )
إشارتك للبديل المنظم واعية وذكية جدا .. ما سيحدث في حال استمر غياب البديل المنظم هو حالة جديدة من الفلتان الأمني وحوادث القتل المتفرقة إضافة لزيادة ملحوظة في حوادث الانتحار .. والتفكك المجتمعي .. شكرا لحضورك الطيب زميلي وصديقي مصعب وتقبل تحياتي

اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة