الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتب ... كتب ... ثم الكتب ( ما يشبه المذكرات )

داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،

(Dawood Salman Al Shewely)

2016 / 4 / 21
الادب والفن


كتب ... كتب ... ثم الكتب ( ما يشبه المذكرات )
( بمناسبة يوم الكتاب 23 / 4 )
داود سلمان الشويلي
((الكتب ليس اكوام من الورق الميت انها عقول تعيش على الارفف)) -منقول-
في الصف الرابع الابتدائي، وبعد ان اصبحت مسؤولا عن مكتبة المدرسة الشرقية النموذجية الابتدائية الموجودة في قاعة تقع في الطابق الثاني قرب المصعد (في هذا العام سميت المدرسة نموذجية ودرسنا مبادئ اللغة الانكليزية في الصف الرابع الابتدائي) ، وزعت - على الراغبين من الطلاب مقابل ثمن - ادارة المدرسة مجلة صغيرة مخصصة للاطفال بسعر 50 فلسا ، اما انا فقد اعطاني المدير – وهو ابن عمة والدي الاستاذ المربي الفاضل عبد الوهاب البدري –نسخة منها ، قائلا لي : ان والدك مقاول .
فرحت وسررت كثيرا بها في سري ،لان المدير قد اجبرني !!!على شرائها بحجة ان والدي مقاول ، وهذا عذر ساقدمه امام والدي عندما لو سالني عن سبب شرائها ...عندما عدت الى البيت لم يسألني والدي ذلك ونقدني الثمن .
لم تكن اثاث البيت في ذلك الزمان – النصف الاول من الستينات –لعائلة متوسطة الحال في مدينتا،كثيرا ومتنوعا ،فلا نملك بوفيه ،او مكتبة ،او ما شابه ذلك ، وبعد ان انهيت الدراسة الابتدائية ،صار عندي اكثر من كتاب ، فوجدت ان شباك غرفتنا الوحيدة ( الداخلي ) والمغلق بالطابوق ( مكونا فجوة في الجدار ) ممكن ان يكون بمثابة المكتبة لما جمعته من كتب خلال فترة السنوات الثلاثة ، فوضعت لها رفوفا خشبية ،وامتلات رفوفها الاربعة بالكتب، وكان اول كتاب كبير اقتنيته هو رواية " البؤساء" لفكتور هيغو.
تعددت قراءاتي وتنوعت في كل الفنون والاداب والعلوم الانسانية والتطبيقية ، فكنت اشتري أي كتاب يقع امام ناظري، وفي مكتبتي تجد عشرات الكتب التي لم اقرأها لان موضوعها بعيد عن اهتماماتي ، و لانني كنت متأكدا جدا انه سيأتي يوم واحتاج قراءتها، وهذا ما حدث مع بعض الكتب لانني احتجت الى قرأتها لسبب او لاخر.
اما الكتب التافهة ، فقد كنت اقرأ الكثير منها بسبب العادة ، او بسبب عدم معرفتها انها تتصف بهذه الصفة لسبب ما .
قرأت مرة لاحدهم : ( ليس هناك كتاب اقراه ولا استفيد منه شيئا جديدا ، فحتى الكتاب التافه استفيد من قراءته ، اني تعلمت شيئا جديدا هو : ما هي التفاهة ؟ وهي كيف يكتب الكتاب التافهون ؟ وفيم يفكرون؟ ).
بعد مرور الايام من شغفي بالقراءة ، ومن ثم الكتابة ، استطعت ان اختار ما اقرأه ، وكنت دائما اؤشر على الفقرات المهمة بالنسبة لي ، فتجد الكتاب عندما انهي قراءته قد خط تحت اسفل الكثير من فقراته بقلم الرصاص ، او الجاف ، او الحبر ، وتجد بعض الكتب وقد استخدم اكثر من لون للحبر عندما يعاد قراءة الكتاب مرة اخرى.
وايضا ، فانا اقوم بمناقشة وحوار الكاتب في الكثير من الاحيان وذلك بكتابة نقاشي او محاورتي على جانب الورقة ، وعندما تزداد مناقشتي لفقرة ما ،تمتلئ فراغات الصفحة بالكتابة لتتجاوز الى الصفحة الاخرى.
كانت الكتب في مكتبتي مغلفة ، اما بغلاف من ورق الصحف ،او بغلاف خاص للتغليف ،حيث كنت احافظ عليها ، وكنت املك حقيبة يدوية اضع فيها كتبي التي اقرأها، وكانت ترافقني في الدوام – انتهز فرصة انتهاء عملنا على الطائرات ، حيث كنت ضابط مهندس قوةو جوية - ، او عند الذهاب الى المقهى ، و نادرا ما اذهب اليها .
كنت اقرأ كثيرا ، واكتب كثيرا.
نمت مكتبتي الخاصة ، ونمى معها تفكيري ،وانتقلت – المكتبة - معي الى محافظات عدة ، وفي عام 2005 اضطررت لبيعها ، وذلك لان البيت الذي استأجرته لعائلتي ، كانت جدرانه تعشش فيها حشرة الارضة ، حتى بدأت هذه الارضة تأكل كثيرا من كتبها ، والسبب الاخر هو دخول شبكة الانترنيت وما فيها من كتب، وسهولة الحصول عليها.
اذكر انه عندما كنت طالبا عسكريا ، وبعد عودتي من الاجازة ، وكان معي دينارا واحدا وانا في بغداد وعلي الذهاب الى الحبانية ، مررت كعادتي دائما على المكاتب في الباب الشرقي ، فرأيت كتابا قد صدر مؤخرا للدكتور احسان عباس عن الشاعر بدر شاكر السياب وكان سعره 750 فلسا فاشتريته ، وبقي عندي 250 فلسا ، فمشيت من الباب الشرقي الى علاوي الحلة سيرا على الاقدام، ومن هناك صعدت السيارة الى الحبانية بـ 150 فلسا ، وبقي معي 100 فلسا ، ووصلت الحبانية وركبت التكسي الداخلي بـ50 فلسا ، وبقي 50 فلسا ، دخلت السينما بـ 40 فلسا واشتريت صمونة بدلا من العشاء ، وطار الدينار وهو مصروف جيبي لمدة شهر، لاننا ناكل وننام في المعسكر.
في عام 1998 كنت مجازا ، فنزلت انا وعائلتي من وحدتي التي تقع شمال بغداد ، وفي بغداد مررنا بدار الشؤون الثقافية العامة كعادتي في كل اجازة ، في الدار عرفت ان روايتي ( ابابيل ) ومجموعة قصصي ( طائر العنقاء ) قد نشرتا ، فاستلمت نسخ المؤلف ( 50 نسخة من كل مطبوع) وشيكا بمبلغ 2250 دينار ، واشتريت مجموعة من الكتب ، فساعدني الاخ القاص عباس محسن خاوي بحملها ، وكانت زوجتي واولادي ينتظرونني في السيارة قرب باب دار الشؤون، صعدت السيارة فقالت زوجتي عندما رات عدد الكتب الكبير بتهكم: خلص الراتب ، والاولاد كيف نشتريلهم ملابس؟
قدت السيارة دون ان انبس ببنت شفة ، ومن مصرف الاعظمية صرفت الشيك وعدت الى السيارة ورميت بـ2250 دينار في حضن زوجتي وانا اقول لها :خذيهاواتركيني معي الكتب.
اروي هذه الذكريات لابين مدى حرصي على اقتناء الكتاب ، و البحث عنه، والحصول عليه باي ثمن ،و بتثقيف نفسي ذاتيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل