الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوامش على متن الرسالة المفتوحة لعضوية الحزب الشيوعي السوداني : الخيل تجقلب والشُكُر لى حماد

عادل عبد العاطي

2005 / 12 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أو في ضرورة بناء تيار التجديد في الحزب الشيوعي لمنابره المستقلة

قلنا في الرسالة المفتوحة؛ أننا لا يمكن ولا ينبغي لنا؛ كقوى ديمقراطية سودانية؛ أن نحدد لتيار التجديد في الحزب الشيوعي؛ ما ينبغي أن يقوم به؛ من تكتيكات وسياسات؛ وذلك ثقة فيهم/ن؛ واحتراما لاستقلاليتهم/ن؛ ولأن قضية الإصلاح في أى حزب؛ هي في المقام الأول؛ هي قضية عضوية وكوادر هذا الحزب أساسا؛ ودون مبادرتهم وفعاليتهم؛ فأنها لا يمكن أن تتم.
من الناحية الأخرى؛ أكدنا انه من خلال تجربتنا؛ ورصدنا لتجربة الحزب الشيوعي السوداني؛ وتجارب مختلف الأحزاب السودانية؛ بل والعديد من الحالات المشابهة على مستوى العالم؛ انه دون أن تنشئ تلك القوى الطامحة للإصلاح والتغيير والتجديد؛ داخل الحزب الشيوعي السوداني؛ لمنابرها المستقلة؛ التنظيمية والإعلامية والسياسية؛ فان قضيتها في التجديد؛ محكوم عليها بالموت الزؤام.
اليوم نؤكد قولنا هذا؛ ونقول أن الدافع له هما سببان رئيسيان: الأول يتعلق بتقديم خبرة عامة؛ تتعلق بمهام ووسائل كل تيارات التغيير العاملة في حركتنا السودانية؛ نجد انه من واجبنا طرحها؛ والثاني يتعلق بعلاقة تيار التغيير في الحزب الشيوعي؛ بالراى العام السوداني؛ وبمجموع الحركة الديمقراطية السودانية؛ وواجب وحق هذه الحركة؛ في أن تطلب من هذا التيار الإفصاح عن نفسه وعن طروحانه؛ وعما إذا ما كان يطمح للحوار والتنسيق والعمل المشترك معها.
وتعود لنفصل السبب الأول؛ فنقول أن تيارات الجمود والتسلط في أحزابنا السياسية عامة؛ والحزب الشيوعي السوداني على وجه الخصوص؛ قد سلكت طريق الهيمنة على كامل مفاصل العمل والنشاط الحزبي؛ من تنظيمية وسياسية ودعائية ومالية؛ واحتكرت حقوق تمثيل الحزب المعين؛ ومارست سياسات الإقصاء والتهميش؛ تجاه كل صوت أو تيار مخالف لها في التوجهات والممارسات.
هذه الآلية أثبتت نجاعتها المرة تلو الأخرى؛ تجاه من يريد التغيير؛ ولكنه يسلك الطريق إليه؛ عبر الدروب والشروط الضيقة؛ التي تفرضها عليه القيادات المهيمنة؛ والتي باسم المؤسسية الكاذبة؛ والشرعية المزعومة؛ والوحدة الحزبية المفترى عليها؛ تقتل في المهد؛ اى بذرة للتغيير تقوم في أحزابها.
ان القيادات الدينصورية؛ والتي قتلت المؤسسية عشرات المرات؛ عندما غيبت الديمقراطية الداخلية؛ ولم تقم المؤتمرات العامة؛ وحلت المؤسسات؛ وخرقت اللوائح مئات وآلاف المرات؛ تريد باسم هذه المؤسسية؛ إن تقطع الطريق على كل من يناهضها؛ فهي بهذا تكيل بمكيالين؛ وتحل لنفسها ما تمنع على الغير.
وفي الحزب الشيوعي بالذات؛ وحينما تمرر القيادة اليمينية خطها الانتهازي الذي ليس له شرعية البتة؛ من دستور ولوائح الحزب؛ على كافة الأصعدة السياسية والفكرية والتنظيمية؛ وتعلنه كأنه موقف موحد لكل الشيوعيين؛ فأنها تفرض على صاحب كل رأى مخالف؛ أن ينشره "عبر القنوات"؛ أى عبر قنواتها هي؛ والتي يمكنها أن تتحكم فيها بما تشاء؛ وإلا فانه متكتل وانقسامي وتصفوي وغواصة ومتآمر.
إن هذه القيادة نفسها؛ لا تتورع عن استخدام اطروحات تيارات التغيير؛ وذلك بعد تشويهها وإفراغها من محتواها؛ ونسبتها إليها؛ كما لا تتورع عن استخدام النفوذ الأدبي لبعض دعاة التغيير؛ وتجبيره لصالح مواقفها اليمينية والتسلطية؛ وتستفيد من نشاط ونضال العضوية المكافحة من المطالبين بالتغيير؛ وتصبه في ساقيتها؛ او وتستغل حرص العضوية على وحدة الحزب الشيوعي؛ لتمرير خطها الانتهازي؛ اى تمارس ما يقول عنه المثل السوداني من استخدام طاقات الغير: الخيل تجقلب؛ والشّكّر لى حماد.
وفي ظل علمنا بالحالة التي تسود في داخل الحزب الشيوعي؛ في إدارة الصراع من قبل هذه القيادة اليمينية؛ والتي تحدث عنها الزميل حسن تاج السر؛ عضو سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني منذ عام 1971؛ ووصفها أنها تتميز ب" سيادة أساليب الهيمنة والتشرذم والفتك بالخصوم وتدميرهم عن طريق تشويه السمعة وفبركة التهم .. وتسريب الإختلاقات والأقاويل عن القادة الغير مرغوب فيهم للحط من شأنهم وقتل شخصياتهم... والانتشاء بأخبار السقوط والإرتداد والإبعاد من القيادة.. افتقاد الحق والعدل داخل الحزب.. وأصبحت القيادة نهباَ للكذب والتآمر، وتحول الحزب إلي قطيع مسلوب الإرادة وانطمست معالم الحزب كمؤسسة ديمقراطية" (راجع قضايا سودانية؛ مجلة يصدرها الحزب الشيوعي السوداني؛ العدد الثاني والعشرون، ديسمبر 1999، صفحة 1)؛ فإننا لا يمكن أن نتوقع البتة؛ أن تسمح هذه القيادة اليمينية لتيار التغيير أن يعبر عن نفسه؛ عبر قنواتها التي هذا حالها.
وقد سرد الراحل العظيم الخاتم عدلان؛ في مناسبات مختلفة؛ كيف تمارس المؤامرات في الحزب الشيوعي على أى دعوة للتغيير والتجديد؛ حينما وصف التعامل مع مساهماته للتغيير؛ والتي أطلقها بأول تسعينات القرن الماضي؛ والتي عطلت بجملة واحدة من السكرتير العام؛ بعد خروجه من المعتقل؛ وكيف تآمرت القيادة على عدم نشرها؛ حتى ضغط عليها بنسخ تلك المساهمات بخط اليد؛ وتوزيعها على عدد من الزملاء؛ فكان أن نشرتها مضطرة؛ ولكن دون أن توقف المؤامرات تجاه الرجل؛ حتى استقالته المشهودة(راجع حوارات الخاتم عدلان مع صحيفة الأضواء؛ والصحافة؛ والرأي العام في مطلع عام 2004)
إن هذه الحالة؛ تفرض على كل متبن لدعوات التجديد في داخل الحزب الشيوعي؛ أن يبحث عن الآليات المناسبة لنشرها؛ وإقناع الناس بها؛ دون أن يكون تحت الرحمة التنظيمية والسياسية للقيادة اليمينية الحالية؛ ومنهجها البشع في تصفية الخصوم؛ وهذا هو ما نقصده بالضبط؛ من دعوة إنشاء هذه التيارات لمنابرها المستقلة؛ التنظيمية والسياسية والدعائية؛ في أطار عملها لتجديد كامل الحزب.
إننا بأي حال لا نشجع هذه التيارات على الانقسام عن حزبها؛ كما يشيع بعض الموتورون؛ وإنما نشجعها على إبراز التمايز – الفعلي – بينها وبين تلك القيادة اليمينية؛ وتلك الممارسات الستالينية؛ وتلك السياسات الانتهازية؛ التي تريد هذه القيادة اللاشرعية؛ فرضها على كافة الشيوعيين؛ وتمريرها باسمهم؛ وقمع أى صوت مغاير لها في إطار ذلك الحزب التليد؛ وان تخرج من التململ قول الآراء الفردية في المقالات والونسات؛ إلى التبلور عبر إشهار وتعميم خطها بصورة ممنهجة ومنظمة.
إن تأسيس هذه التيارات لمنابرها؛ ليس فيه خروج على الشرعية الحزبية خصوصا؛ والشرعية الديمقراطية عموما. فمن حق الأعضاء في الحزب الشيوعي حسب لائحته أن يعبروا عن أنفسهم؛ وان يدعوا لأرائهم؛ وان يحاولوا كسب الأغلبية لها؛ وإذا ما قامت قيادة غير شرعية؛ بتعطيل كل ذلك؛ عبر تعطيل المؤتمرات العامة؛ وإجهاض الديمقراطية الداخلية؛ فان أى محاولة للتغيير؛ إنما تكون عملا يصب في إطار استعادة الشرعية نفسها؛ والتي انتهكت طويلا؛ من قبل القيادة الحالية والتي ليس لها أى تفويض؛ وتم اختيار الغالبية الساحقة منها بالتعيين.
إن هذه المنابر الخاصة؛ لتيارات التجديد؛ هي الطريق الأمثل؛ لتكوين رأى عام حزبي مغاير؛ ولكسر حالة الخوف والتهيب؛ والخروج من دوائر الابتزاز للعضوية؛ التي تمارسها القيادة اليمينية؛ بالتلويح بسيوف الاتهامات الجاهزة؛ عن الانقسام والتكتل والتصفية؛ وإعادة لدور الحزب كمؤسسة ديمقراطية؛ وكسر فاعل لمنهج إدارة الحزب؛ والذي يتحول فيه الأعضاء إلي قطيع مسلوب الإرادة؛ أو يوجد به متمردون ليس لهم إمكانية التأثير.
إن القيادة اليمينية ستنعى على كل محاولة كهذه؛ أنها بداية انقسام جديد؛ وتقويض للوحدة المزعومة؛ وفي الحقيقة لا وحدة هناك داخل الحزب الشيوعي؛ بين القيادة اليمينية؛ وكل تيارات الجديد؛ وهذا أمر يعرفه كل متابع؛ وقد أكده الأستاذ محمد حسبو؛ في إطار تعليقه القيّم على رسالتنا المفتوحة؛ حين كتب: " ليست هناك وحدة إرادة داخل الحزب و توفي مبدأ جماعية القيادة. المؤسسات موجودة ولكنها عليلة، لذا ترتهن عملية تجديده إما بجدية القيادة صاحبة المقاليد، أو بأن يسري فكر التجديد في أوصال الحزب ومفاصله من أسفله إلي أعلاه، كما تشرب الأشجار يا عثمان الماء، وهو سبيل ممكن في عالم اليوم، ذو الوسائط المتعددة، مفرط التكنولوجيا التي من هولها تموِّن فضلاتها الاحتباس الحراري فهل تحبسها قيادة حزب صغير؟" (محمد حسبو: رسالة عادل عبد العاطي .. فوضى مُلهِمة ... تجديد الحزب الشيوعي بين الخاص والعام؛ 9/11/2005)
أن جدية القيادة؛ في وجهة نظرنا المتواضعة؛ لا يمكن التعويل عليها بتاتا؛ فمن تربي على الجمود؛ وانخرط في السياسات اليمينية واستبطن الهزيمة؛ لا يمكن أن يأتي منه التجديد ولا التغيير؛ فلكل مرحلة اطروحاتها وقياداتها البديلة؛ ولا يمكن أن يبني الديكتاتوريون الديمقراطية؛ أو يحارب الشمولويون التسلط؛ أو يستشرف الستالينيون التجديد؛ والطبع يغلب التطبع؛ ولذلك لا بد لتيارات التغيير في الحزب الشيوعي؛ إذا ما أرادت لأفكارها الانتشار في كل أوصال الحزب ومفاصله؛ أن تجهر بأطروحاتها؛ في منابرها الخاصة؛ وان تطرح جديدها على مستوي القيادات والأطر والممارسات.
هذا ما يقودنا للسبب الثاني لدعوتنا؛ لتكوين هذه التيارات لمنابرها المستقلة؛ حيث ان هذا الفرز والإفصاح؛ لا يتم فقط لكسب اغلب عضوية ذلك الحزب لاطروحات التغيير فحسب؛ وإنما هو مهم لتوضيح الأمور أمام الرأي العام السوداني؛ فقد عودتنا القيادات السياسية السودانية التقليدية؛ أنها تمارس صراعاتها الصغيرة اللامبدئية من وراء حجاب؛ وأنها تدمن تغييب الشعب وتهميشه؛ ولا تحترم الرأي العام البتة؛ وتود لو حسمت كل أمورها في صالوناتها الضيقة. وهذه طبعا أمور تناقض مبادئ الشفافية والديمقراطية؛ وحقوق المواطنين المخاطبين بالسياسة؛ ولا يمكن لتيارات التجديد والديمقراطية أن تسلك نفس هذا الطريق العقيم؛ ولذلك فان الإفصاح والتمايز وفرز الصفوف؛ مهم هنا أيضا أمام الرأي العام.
كما أن القوى الديمقراطية السودانية؛ وهي تستشرف آفاق التنسيق والعمل المشترك بينها؛ لها حق وواجب أن تعرف ما هي الأطروحات السياسية والفكرية لتيارات التجديد والإصلاح في الحزب الشيوعي؛ ومدى مفارقتها للمنهج الشمولي الكامن في الستالينية؛ وللخط اليميني الانتهازي للقيادة الحالية؛ ومدى رغبتها في التعاون مع هذه القوى؛ من اجل بديل اجتماعي مدني علماني في السودان الديمقراطي الموحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خطوة جديدة نحو إكسير الحياة؟ باحثون صينيون يكشفون عن علاج يط


.. ماذا تعني سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معب




.. حفل ميت غالا 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمراء


.. بعد إعلان حماس.. هل تنجح الضغوط في جعل حكومة نتنياهو توافق ع




.. حزب الله – إسرائيل.. جبهة مشتعلة وتطورات تصعيدية| #الظهيرة