الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البعثي الصغير تأسيس ثقافة الوشاية

واصف شنون

2005 / 12 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تَطرق ُالأسماع في الفترة الأخيرة،تسميتان جديدتان لقادة البعث وأنصاره،هما البعثي الصغير..والبعثي الكبير...،ولكوني من صغار العراقيين المسحوقين،كنت وأمثالي في ميادين الرعاية الأمنية المركزة التي يشرف عليها البعثيون الصغار،لذا فان الامر يعد بمثابة خيانة للضمير اذا ما تحدثت عن كبار البعثيين وتركت صراصّرهم الصغار..

كذلك فلا بد من التذكير من (منطلق التأريخ ) إن البعث واحد بجلاوزته الكبار والصغار،وأجدُ من الإسفاف الثقيل تكرار أفعالهم القومية الإشتراكية العروبية...،وسأكتفي بذكر فعلين فقط،هما القضاء على الوطنية العراقية،وتقزيم الدينار العراقي من 350 سنت الى نصف سنت دولار أميركي،وهذان الفعلان لايقدر لأي محقق محترف إثبات اقترافهما من قبل بعثي صغير أو كبير،فلايمكن العثور على قطرات دماء لاصقة بأصابع وأكف البعثيين جرّاء إقترافهما الجريمتين.

الوطنية العراقية نزفت أجيالها،بل الأجيال العراقية نزفت وطنها...ومات المغناطيس بينهما،أما الدينار فقد.. فقدَ قيمته وإحترام من يمثلهم في مطارات وأسواق العالم.

وحين نعود الى التسميتين بعثي صغير واخر كبير نكتشف فعلاً تدميريا ً اخرا ً للبعثيين،لكن هذه المرة سيكون المسؤول الأول عن إقترافه هم البعثيون الصغار...ثقافة الوشاية التي أودتْ بحياة شبان وشابات بعض العائلات والجيران والمناطق في العراق..وبشكل مباشر،فصار عاديا ً أن تقوم معلمات المدارس الإبتدائية بإصطحاب التلاميذ الصغار لحضّور حفلة إعدام شاب رفض الذهاب الى الجيش لأنه يخاف القصّف والقنابل والموت..!!، بينما أسست الوشاية لقيم غير إنسانية لاتعير إهتماما ً للتكافل الإجتماعي الذي تربى عليه غالبية سكان العراق وخاصة الجنوبي منه وذلك على نحو غير مباشر،ثم أنتجت ما نراه لحد الأن من فنون الوشاية.. الديمقراطية.. بالحلاقين والمعلمين وشاربي وصانعي الخمور المنزلية أو بائعات الهوى الغير محترفات وخطف أبناء العراقيين المغتربين الزائرين من أجل الفدية،فبمجرد إرسال رسالة قصيرة بالتلفون النقال لشخص تخبره إن فلان سيكون في البصرة قريبا ً مع عائلته حتى تتم الإستعدادات الوطنية لخطف أعضاء من عائلته...!!!

وخير من أسس لثقافة الوشاية في العراق..،هم فئة عراقية عسكرية نشطت كثيرا ً إبان حروب أمير الزمان التكريتي،وهم كوادر الجيش الوسطية الذي يطلق عليهم تسمية (النواب ضباط )..وهؤلاء كانوا يقومون بدور القنوات بين الجندي العراقي المسحوق المظلوم المغلوب على أمره وأمر عائلته وأهله (غالبا ً مايكون شيعي ).. والضابط المتعجرف الظالم الجائر المرتشي القاتل الفاسد العنيف القبلي (السنيّ بطبيعة الحال )...والمفارقة البشعة إن غالبية نواب الضباط كانوا من الشيعة..بل أحيانا ً من قراهم البعيدة.

قبل نهاية الحرب مع إيران أصبح الكثير من نواب ضباط الجيش الصدامي تقريبا ً جميعهم ضباط و رفاق أي قادة بعثيين في وحداتهم العسكرية التي تحارب فتهجم وتتفكك وتتشكل من جديد،وهم بعيدون عن ساحات الوغى..!!،لكنهم وحدهم وضباطهم من حظي بألقاب نوط الشجاعة وصداقة الرئيس وغدق الأموال وحيازة الأراضي.

كان نواب ضباط جيش صدّام يشعرون بالنقصْ المرضي المزمن أمام الضباط المتخرجين من الكلية العسكرية..،فكان البعث منقذا ً لهم،فما لبثوا حتى ماتوا حبا ً بالحزب وقائد الحزب والجيش والدولة،وقد تقاتلواوتزاحموا على إلحاق الأذى بكل جندي أو ضابط قديم يشكّون بولائه لمؤسسة الحرب الصدّامية،مما حدى بالرئيس إلى ترقيتهم بشكل مضحك،حيث أصدر أمرا ً يتحول فيه نواب الضباط الى ضباط بعد حصولهم على الترقية الحزبية أي عضو (رفيق حزبي )،والرفيق الحزبي سيكون هو المسؤول عن أمن الوحدة العسكرية وأفرادها،ونجد الأن في التشكيلات الحديثة للجيش العراقي الجديد العديد من الضباط الكبيري السن،هم في الحقيقة نواب ضباط تدرجوا بالحزب فحصلوا على نجوم الرئيس غير المهنية.

حسب المصطلحات الجديدة في تصنيف البعث،يمكن زج النواب ضباط أولئك في خانة البعثيين الصغار،لكنكم إسألوا ضحايهم..وسترون كم كانوا كبارا ً ؟

قد يقول قائل إن من شيّم الدولة البوليسية العسكرية القبلية الطائفية تجنيد الفئات التي تراها مناسبة لفرض قوانينها وسياساتها الجائرة...أ تفق مع التبرير..ولكن لاأتفق على إعادة نماذج من تلك الفئة لإستخدامها في تأسيس كيان جديد يختلف تماما ً عن أساسيات الدولة السابقة.

في إنتفاضة ربيع 1991،إقتحم المنتفضون أحد منازل البعثيين الصغار الذين فروّا جميعا،فوجدوا في مطبخ المنزل حوالي ثمانية عشر قنينة غاز (للطبخ ) وأكياس متكدسة من الرز والطحين والسكر...!!!،وكان الناس في ذلك الوقت الحربي يقفون طوابيرا ً طوابير للحصول على قنينية غاز واحدة في بلد النفط والثروات....

طبعا ً كل عراقي لديه بعثي صغير من بعيد أو قريب ولايمكن حرمان عائلات وأطفال من رزق من يعيلهم،والحاسّة الإجتماعية التي يتميز فيها كل فرد وحدها يمكن أن تقود المرء في الحكم على من كان كبيرا ً أو صغيرا ً من مصادري هواء الناس أثناء الحكم البعثي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف