الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اجل انتخابات عراقية حرة و نزيهة

جاسم العايف

2005 / 12 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في خضم تحديات متواصلة وتردي واضح في الحياة اليومية لشعبنا فأن الاستعدادات جارية للانتخابات في الخامس عشر من كانون الأول القادم، ومن المفروض في ضوء التجربة الانتخابية السابقة أن تتجلى في هذه الانتخابات حرية الضمير الانتخابي في ضوء المصالح الاجتماعية بعيداً عن الإكراه الطائفي- القومي وتكريس الالزامات من أي جهة جاءت والابتعاد عن الاستقطابات التي رافقت الانتخابات السابقة, انسجاماً مع السلوك المتحضر الذي يجب أن يترافق والعملية الديمقراطية كقيم عامة- خاصة ويتجلى هذا في الممارسة اليومية لحق الدعاية الانتخابية والمنافسة الشريفة السلمية, وفي حق الوصول للناخبين أينما كانوا من اجل توضيح البرامج والرؤى الانتخابية,متجاوزين في ذلك تراثا حافلا بالمرارة والخذلان والاكراه للانسان العراقي حينما يختلي، وضميره ومصالحه ومستقبل بلده، امام ورقته الانتخابية الخاصة به، وإذا كان الوضع الراهن المرافق لهذه الانتخابات يجري في ظل ظروف معقدة غير طبيعية هي الأخرى، في مقدمتها تركة الاستبداد البعثي- الصدامي وما أفرزته الشمولية خلال ثلاثة عقود من قيم متردية انعكست في تدني الوعي الاجتماعي وانحطاطه حاليا وممارساته المتخلفة التي أفرزها حصار ظالم قاسٍ وعمد الاحتلال ليعمم تلك التركة الثقيلة وتجوهرها في تكريس الطائفية ودفعها بمخطط مدروس لتصبح أفقاً للحياة السياسية –الاجتماعية العراقية وقد انعكس ذلك في الاستقطابات والمحاصصات الطائفية –القومية في الانتخابات السابقة، ومع ازدياد الفساد وشراسة الإرهاب, وردود الأفعال العشوائية لذلك، فأن هذه الانتخابات ستجري في مرحلة حساسة حاسمة و دقيقة في حياة شعبنا ومستقبله لكونها الوسيلة الشرعية الوحيدة لتحديد الكيفية التي ستسير نحوها وجهة تطور البلاد في الحفاظ على الوحدة الوطنية والهوية الديمقراطية العراقية وفي السيادة الكاملة وإنهاء الازمات المرافقة للحياة اليومية العراقية الصعبة والشاقة حقاً، وفي مقدمتها الأمن وذلك من خلال لجم الإرهاب السلفي- التكفيري القادم من الخارج لتصفية حسابات خاصة بين اصدقاء الامس اعداء اليوم بعد ان عمدت الادارة الامريكية لتحويل العراق منطقة جذب للارهاب في العالم و قطعا لا شأن للشعب العراقي بها وهذا الارهاب السلفي وجد في بعض مرتزقة البعث الدموية وبقايا الأجهزة الصدامية الشرسة التي تحلم بإعادة عجلة الزمن للوراء والعودة الى الامتيازات والتسلط والتحكم معينا لوجستيا له وبتسهيل موثق من بعض دول الجوار العراقي والتي يقع في مقدمة اهدافها الانية عدم استقرار التجربة العراقية او في الاقل فان ثمنها سيكون باهضا. أن توفير مستلزمات نجاح هذه الانتخابات يتوقف على الممارسات اليومية للقوى السياسية المشاركة فيها ومدى التزامها بقواعد الشرعية الديمقراطية وشرف المنافسة السلمية واحترام ممارسة الدعاية الانتخابية للاخر و إشكالها وملصقاتها الإعلامية في إطار القوانين المعلنة والتي يجب تطبيقها على الجميع دون استثناء وفي أي مكان من خارطة العراق, وان تقف الأجهزة الحكومية والتنفيذية المتنفذة على الحياد التام باعتبارها مؤسسات وطنية تخص وتخدم جميع العراقيين أولاً ولا تتصرف كأنها (مليشيات) لهذا الطرف أو ذاك خاصة لمن هو في السلطة الان، وتدخلها لصالحه دون غيره، نقول هذا مع معرفتنا بالكيفية التي تأسست بموجبها هذه الأجهزة والشروط التي خضع لها أفرادها وكذلك االوسائل التي تم انخراطهم في صفوفها ،ونأمل كذلك عدم استخدام النفوذ الحكومي_السلطوي للتأثير على قناعات الناخب واحترام قناعاته التي سيصوت بموجبها, ويظل الأمل معقوداً على القوى المتنافسة في هذه الانتخابات في ان تقدم نموذجاً عراقيا راقياً مبنياً على التعامل السليم مع الآخر دون الاعتماد على التفرد والانفراد وضيق الأفق وتهميش وإقصاء الإطراف الوطنية الأخرى او توجيه الطعون والاتهامات لها وتحويل الانتخابات والنتائج التي ستترتب عليها الى (سوق للغنائم) لتقاسم المناصب لأربع سنوات قادمة, ولعل استخدام أخطر الأسلحة يتجلى في الاستغلال السياسي للدين وللرموز الدينية التي يحترمها ويجلها شعبنا كثيراً,واستغلال المؤسسات والمراكز الدينية العامة المنتشرة بكثرة خاصة بعد سقوط النظام البعثي- الصدامي والقيام من خلال هذه الرموز و المؤسسات والمراكز الموقرة بطرح البرامج السياسية- الدنيووية الفئوية الضيقة جدا والدعاية الانتخابية ومداعبة الخيال الشعبي البسيط والساذج في استغلال الحرمانات التاريخية المعروفة وتحويل هذه الاماكن المبجلة في الضمير الوطني العراقي الى (بازارات) للسياسة والاعيبها ومخاتلاتها وتواطئاتها, ولعل احترام القواعد والشروط الديمقراطية المعلنة سيعزز ثقة الناس بالقوى السياسية وعدم الانفراط عنها مع اصابته باليأس حاليا من قدراتها على تلبية طموحاته في الاقل خلال هذه المرحلة استنادا لتجربته المريرة الواقعية اليومية منذ سقوط النظام البعثي-الصدامي ، ولربما سيحس الناخب العراقي بانه قادر على وفق أمكانياته التصويتيه الفردية المساهمة بالعملية السياسية الحالية وصياغة مستقبل البلاد، ويتطلب ذلك من المفوضية العليا للانتخابات أن تمارس دورها بمسؤلية كاملة ومعها مؤسسات الرأي العام المختصة بالمراقبة الحيادية في مراقبة سير العملية الدعائية والاستعدادات الانتخابية بموجب الضوابط المعلنة وفي الحدود المتاحة للشفافية وفي مقدمتها ضمان توفير الفرص المتكافئة بين الإطراف المتنافسة دون تمييز ومحاباة وإعتماد معايير الكفاءة والحيادية في إدارة وظائف العملية الانتخابية والإشراف عليها بوضوح لا لبس فيه وإخضاع المتنافسين لمعايير العدالة دون تمييز، والإعلان عن تلك الخروقات والقوى التي تقوم بها عبر وسائل الأعلام للجمها من اجل عدم حرف العملية الديمقراطية الناشئة في وطننا والتي هي في صميم طموحات وآمال المواطن العراقي, واتخاذ مواقف حازمة في هذا الإطار, ويجب على المفوضية أن تراقب وسائل الأعلام الفضائي الخاص بالذات التي تعمد الى تسويق الطائفية وخطاباتها وبرامجها لتكريس وهم التمثيل الأحادي لطائفة واسعة من أبناء شعبنا معروفة بغناها الثقافي وتعدد مرجعياتها السياسية- الاجتماعية ومحاولة احتكار هويتها الحضارية المعروفة بتدينها الوجداني الفطري غير المسيس. إن اتخاذ كافة التدابير القانونية والإجرائية والفنية والتطبيقية من قبل مفوضية الانتخابات يقتضي الاستفادة من دروس الانتخابات السابقة والعمل على تجاوز كل ما من شأنه ان يلحق بالناخبين من معوقات في ممارسة حقهم في اختيار من يمثلهم ويدافع عن مصالحهم الاجتماعية وهويتهم الوطنية العراقية الديمقراطية القادرة على تجاوز الحالة الاستثنائية بكل ما تنطوي عليه من مصاعب والآم وتضحيات يومية متواصلة, ويظل الأمل يرافقنا في مرحلة قادمة عبر حكومة وطنية تسفر عنها هذه الانتخابات تكون قوية متماسكة تُفعل انهاء هذه المرحلة الانتقالية وتعمل على تأسيس أجهزة تنفيذية قادرة على خدمة المواطن العراقي على وفق مبدأ المواطنة أولاً واكتساح نهج المحصاصات والعزل الطائفي والاستقطاب القومي لإخراج العراق من أزماته الكثيرة عبر دولة المؤسسات القانونية المعنية بالعدالة الاجتماعية واحترام سيادة القوانين وحقوق الإنسان والعمل بجدية وحزم لإنهاء الاحتلال ومخلفاته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات