الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين: هل هي مشكلة الخيانة والفساد وتكفير الآخرين... أم ماذا؟

عماد صلاح الدين

2016 / 4 / 24
القضية الفلسطينية


فلسطين: هل هي مشكلة الخيانة والفساد وتكفير الآخرين... أم ماذا؟

عماد صلاح الدين

لا شك أن هناك حالات كثيرة من الخيانة والفساد، وحتى الإلحاد؛ فالأولى والثانية تجب المحاسبة والمساءلة عليها؛ أما الثالثة فلا علاقة لنا بها؛ فهذه مسالة دينية ضميرية بين العبد وربه.

وحتى في حالات الخيانة والفساد، دون سبب أو عذر وجيه لذلك، فالمدنيات الحضارية والقوانين وأنظمة العدل فيها، تبحث عن الحقيقة والإنصاف، وتسعى إلى على كرامة الإنسان، وفي في كل الظروف.

أما في مجتمعنا الفلسطيني، فالفاعل الأبرز في علاقاتنا الاجتماعية والسياسية والحزبية والرسمية، هو عموما الاتهام والاتهام المتبادل؛ بالخيانة، والعمالة، والفساد، و حتى بالكفر والتكفير، وانه هو الآخر الزنديق، حتى وان كان هناك مجاملات قشرية اجتماعية وحزبية، ومن مختلف الطبقات والتوجهات والانتماءات.

وهناك في المقابل، نزعة الإقصاء بل والإبادة من طرف على حساب طرف آخر، في ظل أيديولوجيات مغلقة، أو وطنيات مشوهة؛ تريد اختصام وإزاحة أي مكون روحي أو عقائدي أو حتى تهويمي؛ بحسب طبيعة الإنسان – أساسا- في هذا السياق.

بحسب التصورات الدينية والاجتماعية الإنسانية ليس الإنسان شريرا بطبعه، والغالبية تنحو مناحي خيرية باحثة عن السلام والاطمئنان والاستقرار وعموم المعاش؛ ينطبق هذا على الناس العاديين وعلى نخبهم وقادتهم وطلائعهم، سواء أكان ذلك في مجتمع متقدم أو مجتمع متخلف.

في المجتمع المتقدم لا يكثر الحديث بين أفراده وجماعاته ونخبه عن الخيانة والعمالة والارتهان للأجنبي، وحتى الفساد حين يجري الحديث عنه، يكون بحدود متأنية للتأكد منه، بل يجري دائما نقد السياسات والتوجهات الخاطئة التي أدت إلى نتائج غير سليمة، سواء في الموضوع الوطني السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو غير ذلك، الحديث غالبا يكون عن السياسات والأداء، وليس عن الشخوص والدخول في النوايا والاحتمالات وتجريب حظ الفهم، على خلفية المؤامرات هنا أوهناك.

قد يضيع الإنسان أو الجماعة أو الحزب وربما الدولة، بسبب سياسات غير صحيحة وغير محسوبة أو غير علمية وواقعية، ومع ذلك فلا الإنسان ولا الجماعة ولا الحزب خائنون أو عملاء أو حتى فاسدون؛ وإنما هي السياسة والأداء، وربما في – الأساس- هي الرؤية.

أما في مجتمع التخلف؛ فالمشكلة اعقد فهي تبدأ بالإنسان الذي تنقصه الإعدادية النفسية والإنسانية الصلبة؛ حيث الفقر والجهل والمرض وقلة الوعي، ومن غياب الرؤية الجامعة والمؤسسة الجامعة والهدف الجامع، وبالتالي تعدد الرؤى والمشاريع والأهداف والوسائل و حتى الفوضى، وكل يغني على ليلاه. عند ذلك نعم ستقع الأخطاء والأخطاء الشنيعة، وفي غير مجال سواء على صعيد الأفراد أو جماعاتهم وأحزابهم وحركات مقاوماتهم، وتقود هذا الأخطاء إلى ضياع البلاد والعباد، والى تخريب البنى الأخلاقية والاجتماعية، والى تجزيء الناس في البلد ودب الخلافات والانقسامات بينهم، بل والى الحروب الأهلية والاقتتال الداخلي؛ كما حصل في الضفة الغربية وغزة عام 2007، والذي لا تزال مفاعيله حاضرة حتى اليوم، أو كما جرى ويجري في عدد من البلدان العربية والإسلامية على مستوى المنطقة، خصوصا بعد موجة الحراك العربية، التي بدأت في نهاية 2010، ومطلع عام 2011.

و تبعا لذلك تكون العلاقات الاجتماعية والبينية بين الكل مشوّهة، وقائمة على عدم الثقة والأمان، وتذهب الأمور إلى منحنيات خطيرة جدا، حتى على صعيد العلاقات الأسرية والاجتماعية والعائلية، وعلى صعيد الكل الوطني الاجتماعي.

المفارقة الغريبة بالخصوص أعلاه، وفي معرض الاتهام المتبادل، وعلى مستوى بلدي فلسطين، وبين كل القطاعات والجماعات والأحزاب، بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، أن كثيرا من القيادات وأحزابها، وحتى من النخب المستقلة، وغير المحسوبة على الخصومة التقليدية بعد أوسلو بين فتح وحماس، تتهم قيادات بالخيانة والعمالة وبالشبهة السياسية والأمنية وحتى الأخلاقية في حياتها، وتكتب في ذلك المقالات وتصدر البيانات والمنشورات وحتى التوقيعات، والى درجة تأليف الكتب وتدبيجها، وحين يستهدف احد هؤلاء المتهمين داخليا ووطنيا إما بالحصار أو بالاغتيال أو التسميم، يعلن الجميع بان هذا القائد هو قائدنا وقائد الشعب الفلسطيني، حتى ولو كانوا من فصيل هو تقليديا ولا أقول تاريخيا، بينه وبين فصيل أو القائد نفسه خصومة محتدة إلى درجة كسر العظم كما يقال، ويصبح الكل ينادي بضرورة الرد على إسرائيل على جريمتها النكراء، وانه لا بد من معرفة الحقيقة وراء اغتيال الشهيد الرمز ياسر عرفات والذهاب إلى المحاكم الدولية، وما إلى ذلك، أو لو أن الشهيدين احمد ياسين و الدكتور عبد العزيز الرنتيسي لا زالا على قيد الحياة ما فعلت حماس فعلتها النكراء بالانقلاب على السلطة الشرعية في قطاع غزة. سمعت من احد النخب التي نجري معها لقاءات مع زميل آخر لي، لوضع عمل بحثي بخصوص النخب الفلسطينية تقول: لو كان زوجي الشهيد فلان موجودا لحل كل المشاكل( في إشارة إلى مشكلة الانقسام الفلسطيني).

إن الفلسطيني، بحاجة كفرد ومجتمع، إلى إعادة صياغة وهيكلة، في المستوى الأخلاقي والاجتماعي والثقافي، وعلى صعيد الهوية والوطنية؛ ليتكون من خلال بنى التربية والتعليم والصحة والمؤسسات الاجتماعية والوطنية إنسان الثقافة، القائم على الانتماء للكل الوطني، والمتمتع بقدر معقول من العقلانية والمرونة، في التعامل الداخلي، وفي رؤيته للصراع مع إسرائيل وكيفية إنهائه بطريقة علمية ونضالية وطنية، تأخذ في الاعتبار كل المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية، وتغير الظروف والمراحل، دون تشنج مقيت أو تراخ مترهل معيب، بديلا عن الاستغراق في الاتهامات المتبادلة، والتي قد يكون في جزء منها حقيقة، لكننا نعمل على قراءتها ضمن معطيات التفسير وليس الاعتذارية، في سياق ما نعانيه من انحطاط أخلاقي واجتماعي، وأمراض بنيوية متأصلة منذ عقود طويلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور