الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يقدر العراقيين اليوم ان يؤسسوا لحكومة تكنوقراط قادرة على حل ازمة الفساد

يعقوب يوسف
كاتب مستقل

(Yaqoob Yuosuf)

2016 / 4 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


هل يقدر العراقيين اليوم ان يؤسسوا لحكومة تكنوقراط قادرة على حل ازمة الفساد
يقول البعض ومنهم من كان او هو فعلا في مركز القرار - من هم التكنوقراط - الا نستطيع ان نقدم نحن تكنوقراط - اليس لدينا حملة شهادات، يقولها بجدية وامام جمهور كبير له وزنه، وكأنه شيء جديد مستحدث، او مجرد حملة شهادات، مع ان من بديهيات العمل الإداري ان الشهادة وحدها ليست أساسا للكفاءة والقيادة الجيدة وانما الفكر الخلاق القادر على الابداع والتغيير نحو الأفضل بحرية مطلقة.
وفي الحقيقة اعتقد ان ما سيحصل هو تجسيد لتلك الأفكار، لأنه ببساطة القائمين على الاصلاح هم من نفس الأصل ولا أستطيع ان أقول أكثر من ذلك.
ما يشهده العراق من فساد منذ الاحتلال الأمريكي سنة 2003 شيء لا يمكن ان يصدقه عاقل الا من يكون شاهدا عليه فقد (بلغ السيل الزبى) ولم يتوقف ولن يتوقف ابدا طالما زمر المحاصصة الاجرامية الحاكمة والمستغلة الطائفية كغطاء للنهب وجمع المكاسب وطالما هناك قوى داخلية وخارجية فاعلة تدعمها وطالما هناك عقول فارغة تنتخبها مدفوعة بالخوف من الاخر او تبادل المصالح.
الفساد في العالم كله بسبب طبيعة المال ومغرياته وما نسمعه الان من فضائح بنما وملحقاتها كجزر العذراء وغيرها، الا شكلا من اشكال الفساد وهي ليست الأولى ولن تكون ألأخيرة (اليس المال أصل كل الشرور) الا انه في العالم النائم، او ما يسمى بلغة الدبلوماسية العالم النامي، لم يكن وليد الساعة فالفساد طبيعة ملازمة للعالم المتخلف والأسباب كثيرة أهمها الجهل والفقر المزدوجين بعدم الثقة من المستقبل المجهول.
وتكمن الخطورة عندما يصل الى مركز السلطة والمسؤولية شخص لا تهمه سمعته اذا انكشف وفضح أمره، بل يعتبره المجتمع نفسه جزءا من (الذكاء) والشطارة وقوة الشخصية وغيرها من المصطلحات.
وبعد احتلالهم للعراق اقر الامريكان مشروع صيانة شاملة للدوائر والمؤسسات الاقتصادية والخدمية
(بعد السماح لتصدير النفط بلا قيود) من واقع سياسي معروف في تشغيل الايدي العاملة العاطلة عن العمل من جهة ومن جهة أخرى كان هذا العمل ضروري لجميع مرافق البنية التحتية في البلاد بعد حصار اقتصادي قاس دام 13 سنة وقبلها حرب طاحنة دامت ثمان سنوات أحرقت الأخضر واليابس.
وكحالة واحدة على سبيل المثال تقرر اعتماد مبلغ 30000 دولار لأعادة تأهيل احدى المدارس، غير أن المبلغ الذي حصل عليه المقاول المنفذ لأعمال الصيانة لايتجاوز2000 دولار وهو بالحقيقة لا يكفي لصبغ المدرسة وسد التشققات بشكل جيد، ومن هنا تستطيع ان تعرف حقيقة ما تم تنفيذه من اعمال الصيانة تلك المدرسة، وعندما تسأل المقاول المنفذ عن كيفية قبوله هكذا مبلغ يكون الرد (الحمد لله) هناك من ينفذها باقل من هذا المبلغ.
ومن خلال هذا المثل يمكنك ان تستنتج أي نوع من الصيانة نفذ في وكافة المرافق الاقتصادية والخدمية في البلاد، وهو واقع حال كافة المشاريع التي يجري تنفيذها.
هؤلاء المقاولين الصغار وشركائهم في الغنيمة أصبحوا جزءا من أحزاب المحاصصة او المافيات التي سيطرت على كل مرافق الاقتصاد بدون استثناء وتمكنت بقوة نفوذها ان تزيح من طريقها كل من يقف في طريقها وخاصة أولئك المقاولين الكبار من ذوي الخبرة العريقة والإمكانات الفنية والرأسمالية وبكل الطرق غير المشروعة كالتهديد والخطف والقتل مستغلين الفوضى والأوضاع المتدهورة آنذاك والتي تسببت كما هو معروف قتل كل بناة البنية التحتية للبلد من أطباء ومهندسين وخبراء واختصاصين وطيارين وأساتذة جامعات بحجج كثيرة يغلب عليها طابع الكذب والتخريب والانتقام.
واحدة من حالات الفساد الموجودة في العراق والتي ساهمت في توسع هذه المقاولات هي طريقة تأسيس الشركات او زيادة رأسمال الشركات، وكطريقة لمحاربة الفساد يتوجب ان يتناسب رأسمال الشركات مع حجم المشاريع المتعاقد عليها فمثلا اذا كانت كلفة مشروع ما ثلاثة مليارات دينار يتوجب ان يكون رأسمال الشركة المنفذة لا يقل عن مليار دينار، باستثناء شركات الدرجة الأولى التي لها الحق في الدخول في مناقصات مفتوحة، ورغم ان هذا الأسلوب لوحده غير دقيق لكنه مع الضوابط المهمة الاخرى يمكن لو طبق بموضوعية ونية صافية ان يساهم في السيطرة على الشركات المقاولة، ومن هذا المنطلق تم اصدار العديد من التشريعات في تحديد رؤوس أموال الشركات.
تم الشروع في البداية باعتبار رأسمال شركات المقاولات العامة على سبيل المثال خمسين مليون دينار بعدها بفترة قصيرة لاحظ المخططون (وزارة التخطيط) انه غير كاف فجعل مائة مليون وبعدها بفترة قصيرة أيضا تقرر ان يكون مائتي مليون، وتقدمت الشركات بزيادة رأسمالها حسب الأصول ولم تكن مشكلة فألاموال متوفرة واستمرت المناورات من المخطط الستراتيجي لوضع حد قدر الإمكان للفاسدين فاستمر الضغط بأسلوب رفع الحد الأدنى لرؤوس الاموال للشركات الجديدة والقديمة وجعلها تتناسب مع ما يتطلبه واقع الحال الى ان وصل الحد الأدنى الى سبعة مليارات دينار وهو مبلغ هائل الى درجة أدت الى انسحاب العديد من الشركات من السوق لعدم القدرة والكفاءة المالية عن طريق البيع او الاندماج مع شركات أخرى اوألتصفية وكان للفاسدين من يرتب الطرق لهم للالتفاف على كل جديد من القوانين والتعليمات وكأنه لعبة جر الحبل.
فمن الشروط الواجبة لزيادة رأسمال الشركة تقديم كتاب من البنك يؤيد فيه قيام الشركة بإيداع مبلغ رأس المال المطلوب، وهنا الكارثة فقد ابتدع أسلوب جديد بالتنسيق مع المصارف بان يعطى كتاب من المصرف بان الشركة اودعت المبلغ المطلوب (وهميا) لحين صدور شهادة التأسيس او تعديل راس المال ثم يتم اصدار كتاب اطلاق الوديعة وينتهي كل شيء، (وهي تمارس من مصرف او اكثر من المصارف المحلية)
من الناحية القانونية الموقف سليم في اللعبة الى نهايتها، فالشركة مسموح لها ان تسحب المبلغ المودع لتباشر نشاطها.
غير ان واقع الحال يكشف لنا حجم الفساد:
1 – لايحق للمصرف ان يقوم بمثل هذا التصرف حتى لو ادعي انه قرض او أي شكل من اشكال خطابات الضمان او الايداع على مسؤولية مدير المصرف، فأن كل الطرق باطلة، وكل ما يبنى على باطل فهو باطل، لان المسألة إيداع فعلي حقيقي، والمضحك ان الدائرة المسؤولة عن تسجيل الشركات ترسل الى طلبا الى المصرف بواسطة معتمد من الدائرة تطلب فيه تأييد صحة صدور كتاب الإيداع ويرد المصرف بالإيجاب (فبعض المصارف هي جزء من المافيات).
2 – ان رأسمال الشركة قانونا مستقل عن مالكيه فالشركة شخصية معنوية مستقلة، وبالتالي لا يجوز سحبه ووضعه في (الصندوق كما يدعى -لأنه لا يمثل الحقيقة - فالصندوق هو أصبح حساب للموازنة) وانما يتوجب وضعه في حساب مصرفي مستقل باسم الشركة ويجري التصرف به حسب النظام الداخلي للشركة ولأغراض ونشاط الشركة حصرا. واي صندوق هذا الذي سيحوي هذه المبالغ وماذا لو سرق ما هو الموقف القانوني للشركة وما هي مسؤولية مالك أو مالكي الشركات، كما تستطيع ان تحكم على حقيقة هذه الشركات أيضا من خلال ما تملكه تلك الشركات من موجودات ثابتة وطبيعة تلك الموجودات ومقارنتها بعقد تأسيس الشركة ورأسمالها.
3 – كذلك الحال بالنسبة لعمليات بيع الشركات فأن إجراءات البيع تركز على الوثائق الرسمية للبائع والمشتري دون اية إجراءات رقابية على التحويلات المالية على وخاصة الشركات ذات رؤوس الأموال الكبيرة.
4 – من خلال هذه اللعبة المبتكرة تمكنت المافيات من تأسيس العديد من الشركات من كل الاختصاصات لتسيطر على كل نواحي الاقتصاد في البلاد، وتظهر هذه اللعبة واضحة عندما تجد ان مثل هذه الشركات العملاقة قانونا مسجلة باسم فرد واحد اواثنين.
هذه مجرد حالة واحدة من حالات الفساد.
وأخيرا اود الإشارة هنا الى ان وزارة التخطيط هي من الوزارات التي يقال انه سيشملها الترشيق الوزاري فهل يمكن ان نعتقد ان ما يجري هو عملية اصلاح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و