الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة متأنية لنبرة خطاب الملك القوية في قمة الخليج

خالد الصلعي

2016 / 4 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة متأنية لنبرة خطاب الملك القوية في قمة الخليج
*****************************************
حين يتعلق الأمر بالوطن ككيان ووجود وانتماء ، فان جميع الاعتبارات الأخرى تسقط ، فالوطن أكبر وأعظم ، والأفراد والأنظمة مواسم مهما طال مقامها فهي الى زوال ، سواء أحسنت صنعا ام لم تحسنه . وكلما كان الشخص متعلقا برزنامة تفكير شمولية ، فان التفاصيل ، مهما كانت أهميتها تذوب بين ثنيات الشمولية . يبقى في بداية نهاية هذه المقدمة الفيحاء أن أضع النقط على الحروف . فموضوع هذا المقال سينصب على جرس الانذار الذي دقه الملك محمد السادس في خطاب قمة دول الخليج والمغرب . وهو جرس اذار متأخر ، وان كان لايزال يكتسب امكانية تحيينه ، لأسباب معلومة ، اهمها ان الأخطار الموجهة ضد المغرب لح الساعة هي مجرد مناوشات ، ولم تبلغ مرتبة التهديد . واذا كان قد سبق وكتبت عن جزء من الخطاب ردا على الرؤية السطحية التي تناول بها الملك الربيع العربي ، و لمحت فيه أن الخطاب يعكس خطابا آخر لم يعهده المغاربة في الخطابات الملكية السابقة . لأنه استند الى درسات استخباراتية ، تتكئ على البحوث الجيوسياسة والمخططات الدولية التي تشتغل عليها بلدان الاستكبار . ويبقى المغرب من أفقر الدول في المحيط العربي في مجال الدراسات الاستراتيجية ، ومعاهد التفكير التي تقود اليوم العالم .
ولابد هنا من مقدمة ثانية للموضوع تخص باقتضاب شديد مستوى معاهد التفكير في الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا ، والتي تعتبر الرائد في هذه الدراسات دوليا .
والمهتمون بسياسات الولايات المتحدة الأمريكية يدركون أن هذه السياسات لا تنتج عن أمزجة الحكام ، كما هو الحال عندنا ، بل هي تطبيقات حرفية لدراسات تنجزها معاهد ضخمة للتفكير ، يشتغل فيها متخصصون في مختلف الجوانب الدولية ، منهم من تقلد مناصب سامية في الدولة ، ومنهم من تفرغ الى العملية التنظيرية تفرغا كاملا . و تنقسم معاهد التفكير في الولايات المتحدة الأمركية حسب دراسة فرنسية الى ثلاثة مستويات ، يمينية ويسارية ووسطية ، لكن القطب اليميني الممثل في الحزب الجمهوري يحظى بنصيب وافر من قيمة التأثير على السياسات الخارجية ، لاعتبارات تاريخية وأنثروبولوجية ، يدخل فيها العرق والدين والمال ، بينما تبقى المعاهد المحسوبة على الحزب الديمقراطي تربح نقاطا في هذا الصدد وترتفع اسهمها مع تحولات دولية دقيقة ومتواترة ، قد لا تسعف أهم الباحثين على تتبع منعرجاتها وتحولاتها ، لكنها تبقى في النهاية أقل تكلفة من استراتيجيات الحزب الجمهوري ، وأحرَص على دور الولايات المتحدة الأمريكية في قيادة العالم برؤية علمية وحذرة ، عكس تهور الديمقراطيين . وهذه مهمة أجهزة الاستخيارات السياسية الأمريكية الحاكم الخفي للولايات المتحدة الأمريكية ، حيث تقوم باستشراف نتائج السياسات الأمريكية المستقبلية ، وتقويم الأخطاء التي قد تسقط فيها . كانت هذه الاطالة المقتضبة ضرورية للوقوف بشكل موجز على صناعة السياسة الأمريكية وتوجهاتها وتوجيهاتها .
والآن ماذا يقول خطاب محمد السادس في قمة الخليج الأخيرة مع المغرب ؟ هل جاء بجديد ؟ هل غير من نبرة خطابه ؟ ، أم أن الخطاب داء بناء على قاعدة لكل مقام مقال ، وعلى أس البرهنة على النموذج الذي يمكن للخليج ان يعتمد عليه كشريك استراتيجي ؟ .
فلن نقوم نحن بالتطبيل لمضامين خطاب الملك ، بقدر ما سنعمل على ابراز ايجابياته ، وضرورة التشجيع على مثل هذه القراءات والدراسات ، لأنها أصبحت ضرورة علمية وثقافية وسياسية ، خاصة والعالم العربي يعرف خصاصا كبيرا في هذا المنحى ، اللهم ما يجود به بعض الاخوان من لبنان الذين تفطنوا منذ زمن ليس ببعيد الى اهمية هذه الدراسات . بل ان فرنسا نفسها لاتهتم بهذه الدراسات ، وكنت قرأت احد الكتب الفرنسية تناشد المسؤولين بضرورة الانتباه الى خلق مثل هذه المعاهد التي تتوفر عليها دول مثل المانيا وهولاندا . وربما كان الوقت مناسبا لنا في المغرب لخلق معاهد ومؤسسات تعنى بمثل هذه الدراسات ، عكس ما نسمعه او نقرأه من معاهد تحمل صفة الاستراتيجية ، بينما هي أفقر من أقسام الصفوف الخامسة من الثانوي ..
ما جاء في الخطاب صحيح ودقيق ، بل انه تأخر كثيرا ، لكن واقع المغرب السياسي والاقتصادي والثقافي يعاكس روزنامة الوقاية من السقوط في شر ما يشير اليه الخطاب الملكي من أخطار وتهديدات . فالفراغ السياسي الذي يشهده المغرب عمل سلبي للغاية ، لأن منطقه وأسسه هشة وضعيفة ، فهو منطق ريعي خامل ، لايسعف في توعية سياسية عميقة ، ويعتمد على دور التصفيق والاذعان ، عوض القراءة والاستنتاج . وقس على ذلك الوضع الاقتصادي الذي يعتبر في نظر الاقتصاديين مجرد تجميع ثروة في يد حفنة قليلة ، ولا يمكن عده من نمط الاقتصاد المعاصر الذي ينبني على رؤية مناهج الاقتصاد السياسي ، وهو ما لايخدم البثة عمليات الدورة الاقتصادية وانتقال الاقتصاد بشكل سلس بين مختلف الشركاء الاجتماعيين ومؤسسات الدولة ، حيث يهمين العسكر والاستخبارات على أهم عائدات الاقتصاد المغربي ،دون باقي موظفي الدولة . وهذا يجرنا الى سياسة الدولة في نشر الثقافة ، حيث يلاحظ المتتبع والباحث ان طبيعة الثقافة التي جاء بها نظام محمد السادس والتي يعمل على نشرها ونهجها ورعايتها، هي ثقافة الاسفاف والضعة والضحالة ، الى درجة ان مشاريع المثقفين الكبار أصبحت تحترق في بداية النمو وتختنق كلما حاولت التنفس في أجواء موبوءة ومحتكرة .
من هنا يصبح خطاب محمد السادس في قمة الخليج ، خطابا قويا ، لكنه مختنق ،حسب انعكاسه الوطني ، بين جدران هشة ورخوة وضعيفة ، وهي مفارقة ، لايمكن فهمها الا ضمن الرؤية البارونامية لوضعية السياسي والثقافي والاقتصادي ، الأمر الذي يحيل على الاجتماعي توا . فمثل هذه الخطابات لاتصمد امام رئيس حكومة من طينة عبد الاله بنكيران ، كما أنها لن تجد سندها السياسي في رجل كالياس العماري . اذن من هم المحليون او الوطنيون الذين يمكن ان يرتد صدى هذا الخطاب في محيطهم ؟ . لايوجد في الساحة الثقافية والسياسية المغربية من يستطيع مجاراة مثل هذه الخطابات أو تلقفها بما يوسع من زواياها وأسقفها ، لأسباب سبق الحديث عن بعضها سابقا . بعكس ما قد نجده مثلا في خطابات أوباما ، او بعض خطابات الساسة اللبنانيين ، حيث يواجهك جيش من المحللين والسياسيين الأكفاء . اما هنا فالقراءة التي سنحت لي الظروف لمتابعتها ، كانت متهافتة ، وسطحية ، حيث نسبت تهديدات الملك المبطنة ، الى دولة واحدة ، هي الولايات المتحدة الأمريكية ، بينما العكس صحيح فيما تعلق بقضية الصحراء ، اذ ان البيت الأبيض مع الرئيس اوباما كان السند القوي لمشروع الحكم الذاتي ، الى جانب فرنسا ، رغم علاقات البيت الأبيض بمجلس الأمن وقوة تأثيره عليه .
يبقى ان اشير هنا ، أن المغرب لم يبلغ بعد مرحلة تحدي الولايات المتحدة الأميركية ، او فرنسا ، او أيا من البلدان الكبرى ، لأنه ببساطة تخلف كثيرا عن الأسباب التي تمكنه من تحدي مثل هذه البلدان ، كما هو حال ايران مثلا . ولا يمكن رد النبرة الحادة لخطاب الملك الا لحسن قراءة الخريطة الجسيوتراتيجة الدولية الحساسة في هذا التوقيت بالذات . بل انني ازعم أن المغرب يمكن ان يلعب دورا هاما في العديد من القضايا الدولية ان هو أراد ذلك ، بعيدا عن ربح قضية الصحراء المغربية . لكن شروط ذلك كما يقول الواقع بعيدة جدا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يتجه الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على إسرائيل؟| المسائ


.. الأردن.. مخاوف من امتداد نفوذ إيران للمملكة الهاشمية؟




.. الأمريكية نيكي هايلي تكتب عبارة -أقضوا عليهم- على قذائف إسرا


.. اليمن.. غضب في عدن بسبب ارتفاع أسعار الخبز • فرانس 24 / FRAN




.. بدء فعاليات اليوم الثالث من -منتدى الإعلام العربي- في دبي| #