الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لو كنت انتظرت قليلاً يا رعد عبد القادر

هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)

2003 / 1 / 28
الادب والفن


كان بكاء كمال سبتي الجياش عبر الهاتف وهو يتحدث لي عن صديق ورفيق العمر الشاعر المرحوم رعد عبد القادر لا يختلف ألماً وحزناً عن فقدان اخيه الاكبر قبل عام ، وكم انتابنا الاسف في الصيف الماضي عندما كنا قد وصلنا سوية الى العاصمة السورية دمشق ، فقبيل يوم واحد فقط كان رعد عبد القادر قد غادرها الى بغداد بزيارة عاجلة ليتسلم ديوانه الجديد ( صقر فوق رأسه شمس ) . ويترك نسخة منه مطرزة باهداء الى كمال ، في تلك الليلة الدمشقية كان حديثنا كله ينصب  عن  رعد عبد القادر ومجموعته الجديدة . لكننا لم نعرف بان الزمن وعجلته المسرعة ستأخذ منا هذا الصديق الشاعر والذي حقاً أصدم الوسط الثقافي العراقي  برحيله  بداية هذا العام ، وما خفيه  من هذا العام قد يكون اعظم .   فبرحيل هذا الشاعر تكون الساحة الشعرية العراقية قد فقدت ركناً مهماً من اركان جيل السبعينيات ، هذا الجيل المختلف عن كل الاجيال الشعرية العراقية ، ثقافة  وفكراً وتفاعلاً مع الحياة وصراعاتها ، انه الجيل الاكثر اصراراً على البقاء والتحدي ، فقد عانى شعراء تلك الحقبة العناء الكبير في ظل ظروف العراق الاحرج سياسياً ، الا انهم كانوا يسيرون ضد التيار محاولين كل جهدهم تغير مسار القصيدة العربية  والارتقاء الى كتابة نص شعري جديد ومغاير عن النصوص التقليدية ، وكان رعد عبد القادر واحداً من  القمم العالية لجيل السبعينيات العراقي . . .
ولم  يكن رحيل الشاعر العراقي رعد عبد القادر في هذه الايام وفي تلك الظروف الصعبة ، الا صدمة كبيرة تضاف الى الصدمات والكدمات التي نتعرض لها في كل يوم وفي كل ساعة . هذا الشاعر الصافي السريرة المتمسك بسلاحه الاوحد " الشعر " . قد فجعنا برحيله المبكر وهو ابن الخمسين عام ، ان رحيل الشعراء العراقيين بات يشكل علامة واضحة في المأساة التي يتعرض لها شعبنا منذ عقود على يد الطاغية والذي سوف يرحل قريباً شاء من شاء وابى من ابى ، وها هم شعراء العراق الذين هم في الداخل ، ويعيشون تحت وطأة الحصار والجوع والمراقبة الامنية الشديدة ، قسم منهم اجبرته الظروف القاهرة على الكتابة وتمجيد الطاغية وادخل في دوامة التسقيط الثقافية والتي يسعى اليها النظام منذ زمان طويل ، والقسم الاخر هاجر من العراق ليحفظ ماء وجهه ويكتب بحريته المطلقة ، اما القسم الاخير  فألتزم الصمت وبحياء تام ظل ينشر قصائده وهي تحمل في طياتها كل علامات الاحتجاج والتذمر من الوضع المقرف الذي لا يطاق . وقد كان رعد عبد القادر رحمه الله من الذين التزموا الصمت من دون الانخراط مع هواء المؤسسة الثقافية والتي واجبها التطبيل والتزمير لرأس النظام ، لقد كان ينشر قصائده بكل هدوء حاملة في طياتها احتجاجاته والتي كانت تمرر على السلطة من خلال اللغة وتركيباتها المعقدة والتي يتفنن بها الشاعر المرحوم ، لقد عرفت رعد في اواخر عقد السبعينيات عندما كان اخي الاكبر يصطحبني معه الى مقهى البرلمان آنذاك ، حيث كانت مائدة السبعينيين المحاذية لشباك المقهى المطل على شارع الرشيد مكتظه بهم ، يجلسون في كل يوم ،يتحاورون ويتبادلون القصائد كنت اتذكرهم جيداً ، كمال سبتي ، حميد قاسم ،  شاكر لعيبي ، هاشم شفيق ، سلام كاظم، ورعد عبد القادر الشاعر الذي افجعنا برحيله !
 "ليتك انتظرت قليلاً ايها الشاعر ،
ففنار البحر كان ينتظرك ،
   لتشهد على سفنه الغارقة  في الوحل
  كل  فواجع  الدهر
  لتشهد انهيار العراق بدكتاتوره  الابله ؟
 لتشهد على القتلة والمجرمين المحتمين ببلدان اللجوء
 لتشهد على نخل العراق ، كيف انزلوا قاماته ارضاً
 لتشهد على دجلة والفرات كيف جفف ماؤهما
 لتشهد على بغداد ، بان هولاكو  لم يخرج منها
  وان الحروب بارض العراق  ، بغايا الحقد والانتقام
 لتشهد على كل شيء
  . . . . . . . . .
 . . . . . . . . .
لو كنت انتظرت قليلاً يا ابى حيدر ،
 لو كنت انتظرت قليلاً يا رعد عبد القادر ،؟ ؟ ؟ ؟ ؟ "
 
 
 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج


.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث عن أسباب نجاح شخصية دانيال في ل




.. فيلم ولاد رزق 3 بطولة أحمد عز يقفز لـ 193 مليون جنيه منذ طرح