الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوظيف السياسي للمؤشرات والمقاييس الدولية

محمد خضر خزعلي

2016 / 4 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


تعد المؤشرات الدولية اداة مهمة للباحثين وصناع القرار لمعرفة مسار ظاهرة معينة كميا، وبالتالي تسهيل عملية الحكم عليها، وعلى الرغم من هذه الاهمية العلمية (الباحثين) والعملية(صناع القرار) الا ان تلك المؤشرات وبصرف النظر عن حمولتها القيمية، اصبحت احدى اهم الادوات المتوفرة في النظام العالمي لتحقيق مصالح سياسية.
بحيث يتم استخدام نتائج مؤشر ما من قبل حكومة دولة كبرى ضد بعض الدول لتحقيق اهداف سياسية مختلفة، وهنا سأقوم بطرح مثالين عن مؤشرين مشهورين، الاول مؤشر العبودية العالمي، والثاني مؤشر الديمقراطية، وكيف تم استخدام نتائجهما لتحقيق اهداف سياسية واقتصادية.
1-مؤشر العبودية العالمي:
تزامن اصدار التقرير الثاني لمؤشر العبودية مع الفترة التي كانت تخوض فيها قطر معركة استضافتها لكأس العالم لعام 2022، طمعا في تحقيق ارباح اقتصادية، وترويجها السياسي لنفسها عالميا، وكأداة لدفع عملية السياحة.
لكن ومع صدور المؤشر العالمي للعبودية عام 2014، لجأت منظمات حقوقية تدعمها دول اسيوية كالهند ودول لها مصالح في عدم استضافت قطر لكأس العالم لتستضيفها هي كالولايات المتحدة ، الى تشويه الصورة السياسية لقطر، لا سيما وان قطر في تلك الفترة، كانت تضطلع بأدوار سياسية في الاقليم، مثل ادوارها في الازمة السورية، ومحاولاتها التوفيق بين حماس وفتح.
وعليه لوح الاتحاد الدولي بسحب حق قطر في استضافة كأس العالم مع دعاية كبيرة جدا شوهت صورة قطر السياسية عالميا، مثل قضية رشوتها لمسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم، الى قضية عبودية الوافدين من العمال الهنود والنيباليين، الامر الذي جعل الامير القطري في تلك على حافة تعرضه لمنازعات وملاحقات قضائية على غرار عمر البشير، وهي قضايا كافية لعمليات الابتزاز السياسي فيما لو ارادت الولايات المتحدة ذلك.
2-مؤشر الديمقراطية:
بعد اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 تعهد الولايات المتحدة بتقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية لكل من اسرائيل ومصر، لكن وبعد تراجع معدل مصر في مؤشر الديمقراطية من 4.56 عام 2012 الى معدل 3.64 عام 2013 والى معدل 3.16 عام 2014، دارت نقاشات حادة في الكونجرس عام 2013 ، وكانت جلها تدور حول سؤال محدد وهو : كيف يتم لنا التوفيق منطقيا بين تقديم مساعدات اقتصادية بهدف دفع عملية التحول الديمقراطي في مصر، في حين ان الديمقراطية المصرية تتراجع، وهو ما ظهر من فوز الاخوان المسلمين بالسلطة وبنيتهم ليست ديمقراطية، في حين الوضع مع الانقلاب العسكري اصبح اسوء من سابقه؟ ثم كيف لنا ان نضمن عدم استخدام مصر للمساعدات العسكرية ضد اسرائيل؟
كانت الخلاصة الاولية هي ضرورة قطع المساعدات الاقتصادية لأنها لا تسهم في عملية التحول الديمقراطي حسب رؤية البرنامج الامريكي للمساعدات، وقطع المساعدات العسكرية حتى لا تستخدم ضد اسرائيل الامر الذي يشكل فشلا ذريعا لبرنامج تحقيق الاستقرار، وتهديد الامن البحري في السويس.
كانت المشكلة تنبع من كون قطع المساعدات العسكرية يمثل حركة عنجهية، تنم عن غباء لتوظيف متغيرات القوة تجاه اقليم الشرق الاوسط، وعليه، هرع اللوبي اليهودي وممثلي شركات الاسلحة في الكونجرس باقتراح يضمن عدم اغضاب مصر بقطع المساعدات العسكرية والاقتصادية من ناحية، ويضمن اهداف الولايات المتحدة بمرور اساطيلها من سيناء، فضلا عن استخدام الاجواء المصرية من قبل الطائرات الامريكية، وعدم خسارة الشركات قيمة عقودها المبرمة مع المصرين، حيث كان الحل هو احداث تغير جوهري على طبيعة برنامج المساعدات العسكرية، من تقديم دبابات وطائرات كما ترغب مصر بذلك، لتتحول نحو تقديم مساعدات بنفس القيمية لكن في قطاعات امن سيناء، والامن البحري، ومكافحة الارهاب دون تقديم دبابات وطائرات باستثناء قطع خفيفة في هذا المجال، كالسيارات العسكرية العادية، وطائرات هيلوكوبتر للنقل.
من هنا نرى كيف ان المؤشرات والمقاييس الدولية اداة للتوظيف السياسي، في حين انها وجدت بالاساس لاهداف اكاديمية علمية وتحقيق التقدم على ارض الواقع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي