الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا وجب على المغرب الابتعاد عن الحلف الخليجي؟

فؤاد وجاني

2016 / 4 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


باتت السياسة الخارجية المغربية تفتقر إلى الحنكة والدهاء، فهي تخضع لرجل واحد، ولغضبه وانفعالاته ونزواته وصداقاته وعائداته المادية. تصوروا رجلا واحدا فقط، ويفتقر فوق كل ذلك إلى مستشارين دُهاة، ثاقبي البصيرة، يرون ما لا يراه غيرهم من السواد، قادرين على إسداء النصح وتقديم الاستشارة لمصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار.
بكل صراحة، هذا الرجل هو ملك لا يتقن فن السياسة، وليس أهلا لمجاراة أقرانه المخضرمين فيها، قد ورث الحكم دون أن يرث فطنة أبيه. ففيها يراعي المودة الشخصية عوض مصلحة البلاد والناس، كلما ناداه أصدقاءُ صيد الخنزير البري في البراري المغربية، لبى مهرولا إلى قمم الخليج النداء.
محاطٌ هو بمجموعة همها استثمار العلاقات الخارجية لفوائد فردية وعائلية، وبوزير خارجية متهم بالفساد حين كان يرأس المالية. اختصارا وحتى لا يقع الإطناب وننساق إلى هامش مسار الموضوع، وللتركيز على مصلحة البلاد بدل الأشخاص هناك أمور بديهية يجب أخذها بعين الاعتبار قبل التعامل مع أنظمة دول الخليج الوراثية:
أولا: أنها السبب الرئيس فيما حدث للعراق من تمزق وطائفية. يجب ألا ننسى أنها من سمحت لقوى التحالف بإنشاء قواعد على أراضيها لضرب العراق، وساهمت مباشرة في وضع الحصار عليه خلال الحرب الأولى ضد العراق مما زرع الكراهية في نفوس الشعب ضد قيادته العسكرية المفتقرة للذكاء السياسي في بداية التسعينات، مما أدى إلى تغيير السلم الاجتماعي هناك وتهجير الملايين من الآمنين بفعل الجوع والفقر إلى المخيمات في الصحراء السعودية وخارج العراق.
ثانيا: أنها من خلق التفرقة في العالم الإسلامي عبر حث نظام صدام على محاربة جارته إيران، وهي التي مدته بالمال لتمويل ذلك التطاحن الطائفي الخاسر للطرفين والمضعف لقدراتهما العسكرية والمستنزف لطاقاتهما ولمواردهما البشرية والاقتصادية. كما سعت إلى إذكاء النزعة القومية العربية وتهميش القوميات الأخرى كالأكراد، مما خلق نزاعات وهمية لم يكن لها داع.
ثالثا: أنها من تدمر اليوم قلاع الممانعة، فهي تحارب اليمن حضارة مهد العاربة بذريعة حماية النظام الديموقراطي المنتخب، وضربا لأحد الجماعات في محور الصمود: الحوثيين بدعوى أن إيران من تقف وراءها، وتستعمل في ذلك أسلحتها العسكرية والإعلامية. وهي التي صنفت حزب الله المقاوم للاحتلال بالجماعة الإرهابية.
رابعا: أنها من حول ليبيا إلى واحة لرعاة العنف ومنفذيه بعد التحالف لإسقاط نظام القذافي، مضعفين ليبيا التي كان شعبها من أكثر سكان المعمور أمنا ورفاهية واستقرارا. وأصبحت ليبيا بسببهم دولة مستدينة بعد أن كانت تقرض الدول.
خامسا: أنها من دمرت سوريا، ونفت شعبها إلى باقي العالم عبر تدخلها المنافي لكل المواثيق الدولية في دولة ذات سيادة، ودعمها للنزاع بدل الحل السلمي عبر مدها لما يسمى بالمعارضة بالسلاح.
سادسا: أنها من أفشل المشروع الديموقراطي في مصر عبر دعم الانقلابيين، وهي التي حافظت على النظام العسكري بدل المنتخب لخوفها من تصدير فلسفة صناديق الاقتراع لانتخاب الحكام ، ولكرهها التاريخي الأعمى لجماعة الإخوان في مصر.
سابعا: أنها من تسعى إلى زعزعة الاستقرار في تونس وجعلها عبرة لمصير الثورات الناجحة. ولو أنها لم تفلح لحد الآن في الوصول إلى ذلك المبتغى الدنيء.
ثامنا: لقد أثبت تاريخ العلاقات الخليجية بباقي دول المشرق والمغرب أنه قائم على المصالح المادية والاستبدادية وليس قائما على قومية أو دين أو ماض مشترك أو حدود. فهم مستعدون للتخلي عن أقرب أصدقائهم وحلفائهم سريعا بل ومواجهتهم مباشرة وبالوكالة كأعداء.
على الدولة المخزنية أن تتصالح مع ماضيها وتعتذر عن دورها الباغي والحقير في الحرب الأولى على العراق، وعن قبولها إنشاء مراكز التعذيب طاعة لآل بوش، وعن تدخلها السافر في اليمن ضد أبناء الشعب الواحد خدمة لمصالح طبقة لها حظوة عند ملوك وأمراء السعودية والكويت والإمارات وقطر. عليها أن تعتذر أيضا عن موقفها المتطرف تجاه سوريا الدولة ذات السيادة، وأن تتخلى عن اعترافها بنظام الانقلاب في مصر تبعية لرؤى الخليج.
لقد بات الأفضل للمغرب أن يلعب دور الوسيط في حل النزاعات، أن يبدع الحلول بدل أن يكون جزء في الأزمات، وأن يتحالف مع دول أفريقيا، جنوبِها كموريتانيا ومالي والنيجر والسنغال، وشرقِها كالجزائر وتونس وليبيا، لتشكيل قوة اقتصادية قادرة على توفير الرخاء لشعوب المنطقة، وعسكرية تمكن من حماية الحدود وتوفير الأمن، واستراتيجية لتذويب الصراعات المفتعلة واحتواء الكيانات الوهمية بناء على أساس المصالح المشتركة الكبرى والتاريخ الوحدوي.
عليه قبل كل ذلك أن يحقق العدالة والمساواة والإصلاح في الداخل عبر بناء دولة مؤسسات يحكمها الشعب، فالدولة المستبدة الفاسدة لا يمكنها ممارسة التبشير بالخير للانفصاليين، ولن تقنعهم بالوحدة تحت راية واحدة. وأما العادلة الصالحة فهي مغبط الأفراد والجماعات، يرون فيها الخلاص، ويتمنون العيش في فيئها.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - و الجزائر ؟؟!!
ادريس ازيرار ( 2016 / 4 / 26 - 22:17 )
اريد ان اعلق على قول الكاتب - وأن يتحالف مع دول أفريقيا، جنوبِها كموريتانيا ومالي والنيجر والسنغال، وشرقِها كالجزائر وتونس وليبيا، -
اتساءل : كيف يمكن للمغرب ان يتحالف مع جار عدو لدود لذيه حقد تاريخي على المغرب و يسعى الى تفتيته ؟؟!! و هل هذا ممكن اصلا ؟؟!!

اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو