الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يوميات الصبي الكادح حسوني --- شعر

حسن البياتي

2016 / 4 / 28
الادب والفن


في البدء ِ كان بائعاً

أرغفة َ الخبز على رصيفْ

شويرع ٍ معبد نظيف

في حارة ٍ شرقيَّ بغدادَ اسمها المألوف

في ألسن الناس ( محلة الكرنتينهْ ) ،

بيوتها عامرة بالفقر والإباءِ و الزينهْ ...

أمضى بها كادحنا الانسانْ

حياتــَه حتى حصولهِ على شهادة ( الليسانسْ ) ،

أحبه ، أحبهم فيها جميعُ الناس ،

إلا كلابَ الليل ِ والفئران ...

جارته – بائعة الحناء والبخورْ -

لمــّا يزل يذكرها ، كان اسمها بدور ،

صبية ٌ هادئة لطيفة مقلتها تنبض بالحنانْ

لطالـَما عاكسها الصِبيان

فتنزوي ، باكية حزينهْ

لكنما صبينا ، كادحنا الاصيلْ

كان يغيث دائماً جارتـَه بكفه الأمينه

ذات العصا الغليظة المكينه ،

مكفكفاً ، برقة ، دموعها السخينه ،

فتنثني باسمة ، شاكرة صنيعه الجميل ...

ومر عامان ، مضى بعدهما كادحنا ،

فارسنا النبيل

يخوض ، واثـق الخطى، تجربة كادحة جديدهْ

قد فتحت ادراكه على رؤى

عوالم ٍ واسعة غنية بعيده ...

صار يبيع الماءَ منذ لحظة الاصيل ،

بالقرب من مدخل ملهى اسمه المشهورْ ،

ملهى ليالي الصفا

يختلط الصفاء ، في احضانه ، بالجفا

فيظهر المكشوف والمستور والمحظورْ

وتفعل الكؤوس ما تشاءْ

في ذمم الرجال والنساء ...

تعلم الفتى ،
وقد شبّ عن الطوق ، الكثير الكثيرْ

قبيل أن يحط ّ كعبيه على

أعتابِ مدخل كبير ٍ كبير

لمعمل ِ السكائر الكائن في محلة ( المربـّعه ْ) ...

مـرّ من الشهورْ

ثلاثة أو أربعه

على الفتى ، كعامل ٍ أجير ...

وجاء عام خمسة واربعينْ

فهـزّ إضرابُ جموع الكادحين

في معمل السكائر المشهور ( لوكسْ ) ،

كيانَ مصاصي دماء المعدمين .

ودارت الاحداث والامورْ :

معاركٌ حامية نال بها كادحنا الجسور

ما نال من شتيمة وركلة و ( بوكس ) :

- ماما ، لقد أسهمت في الاضرابْ

فسرحوني خارج الابواب ،

وليدك الصغيرُ ، منذ لحظة الاضراب والمناوشات صارْ

يفهم ، عن وعي ، اموراً جمة كبار

- يا ولدي ، يا كادحي الصغير ،

فلتبتهجْ ، خسرتَ في
معركة الاضرابِ هذي العملا

لكنْ ربحتَ في مسيرة الحياة الأملا ،

فلتبتهج ، يا كادحي الكبير ،

أليومَ قد غدوت ، حقاً ، رجلا ...

واختطفت ، بـُعيد أشهرٍ ، يد المماتْ

والدة الفتى الذي ما زالت الحياة

تمنحه، يمنحها الكثير

ولم يزل، رغم الثمانين التي عانقها ،
يسير ...

لندن - في الاول من ايار 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا


.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب




.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في