الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العيش تحت سقف الكذب

محمد ابداح

2016 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


العيش تحت سقف الكذب
في الوقت الذي تسابق فيه مؤيدو السياسة السعودية في المنطقة العربية بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز، لحضور قمة المؤتمر الأسلامي اسطنبول 2016 ، ظهر لاعب بقوة في الساحة السياسية: رولكس!، كان من الصعب عدم الانتباه الى ساعات اليد التي صممتها شركات الساعات السويسرية الفاخرة، والتي اختبأت خلف أكمام بدلات أرماني الأيطالية.
رولكس لم تكن حاضرة وحدها، حقائب غوتشي اليدوية للجنس اللطيف من أميرات وسفيرات، النظارات الشمسية برادا وريبان، كل دور الموضة الحصرية لباريس وميلانو حظيت بتمثيل على أرقى المستويات في قمة اسطنبول، ولكن هنا لا يدور الحديث عن اعلان موضة بل فشل سياسي عربي واسلامي فاضح، يكشف هوية الغائبين الحاضرين كمصر وباكستان.
كانت البرجوازية السياسية تقتضي اعلان الدول مشاركتها في مؤامرات أو ما يسمى بمؤتمرات القمم العربية والاسلامية، ولكن الوقائع السياسية العربية اقتضت زيارة ملك السعودية لمصر لتسليمها تذكرة حضور فيلم مؤتمر اسطنبول 2016، وكان الثمن جزيرتين من تراب ارض مصر العربية ، تلك الفئة من زعماء العرب لديها وقاحة كل الوسائل والامكانات لبيع أوطانهم فهم يرأسون شركات وليس دول.
بالعودة للمنتجات الفاخرة يعتبر أفضل وصف للاحياء الراقية البرجوازية في الدول العربية، مشهد النساء يستقبلن صديقاتهن عصرا، ويقضين المساء في الحديث عن المعالجين النفسيين الذين تلقوا تأهيلهم في أوروبا، وكل ذلك في الوقت الذي يقضي فيه اطفالهن المراهقون وقتهم في مطاعم البيتزا ودور العرض، ويهيمون في مغامراتهم العاطفية، وأصبحت عواصم الخليج العربي من العواصم العالمية للوشم على الاجساد وعمليات التجميل للانوف، مع واقع كهذا لا غرو الا يكون هناك حاجة للثورة، وبمعنى أوضح فان تلك الطبقة تفضل التعاون غير المباشر مع الانظمة الحاكمة وعدم الاكتراث بافعالها.
إن ساعة الصفر التي وقعت فيها كل الثورات الشعبية تاريخيا حانت عندما نشأت فجوة غير قابلة للجسر بين ما يريده البرجوازيين وبين ما يمكنهم ان يحصلوا عليه، وخلافا للاعتقاد السائد بأن الثورات تندلع انطلاقا من عامة الشعب، فهي تقع بالذات عندما تكون البرجوازية وليست الطبقات الدنيا هي المتضررة الاساس، ولمن لم ينتبه، فإن سيناريو من هذا النوع هو بالضبط ما حصل في كل من تونس ومصر عام 2011، مع انهيار اسعار النفط ، واشتداد وتيرة الفساد، حيث اختفت المنتجات الفاخرة عن الساحة البرجوازية، ذلك ببساطة لأن البرجوازية في معظم دول العالم تنبعث من رحم القوى السياسية الصرفة عقب أي ثورة شعبية كانت أم عسكرية، وليس في هذا ما يضمن ان تكون الشروط للثورة قد نضجت بعد، وحيثما اختفت المنتجات الفاخرة عن الساحة البرجوازية في اي دولة ، يتم أثارة عامة الشعب للأنتفاض.
ومثلما نكتب بأسى فأن المطلوب قدرة على الاعتراف بمعاناة وحقوق الشعوب العربية الغير برجوازية، قد تبدو هذه مثل الجملة يسارية، ولكن من يقلها هو بالذات الحاكم العربي في خطابه بعد أن يطالب الشعب بالالتفاف حوله، غير ان ما يطلبه ليس بوسعه ان ينفذه بنفسه، فيا أيها الزعماء العرب انتم لستم نجاسة ، لكن ينبغي عدم الاقتراب منكم ومن مؤتمراتكم كي لا يصاب المرء بمرض معد يسمى الكذب، فمن الصعب القول ماهو أكثر اخافة، معتقلاتكم أم العيش تحت سقف أكاذيبكم.
محمد ابداح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: من هي أبرز الأسماء المرشحة لخلافة بارنييه على رأس الح


.. وزير الخارجية السوري يصل بغداد ومقتدى الصدر يدعو لعدم التدخل




.. -هربنا-.. موجة نزوح لأهالي بيت لاهيا بسبب القصف الإسرائيلي


.. شاهد| حريق إثر قصف الاحتلال الإسرائيلي المستشفى الإندونيسي ش




.. قديروف يصل إلى لقاء صحفي على متن مركبة أمريكية من غنائم القت