الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-مشروع الوثيقة الوطنية- ك-إعلان دمشق- تأسيس ل- مواجهة بين -الشعبية- و-الديمقراطية- الانتخابية

نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)

2005 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


يقول لسان حال الشعار الرئيسي للوثيقة : "الوطن في خطر.. لابد من قيام جبهة شعبية وطنية ديمقراطية للمواجهة " .
لكن ما الفائدة المرجوة من عبارات مرصوفة إلى جانب بعضها البعض من دون جدية في التعاطي معها ومن دون ضبط معناه بما يخص الوطن السوري . وهل يؤشر سقوط كلمة "ديمقراطية " في الصفحة الأخيرة للوثيقة حين تعلن دعوتها إلى "مؤتمر وطني يؤسس لجبهة شعبية- وطنية قادرة على تنظيم قوى المجتمع على الأرض" على سهو أم على خطأ مطبعي أم أن "الديمقراطية" المتواجدة إلى جانب الشعبية لا تعني أكثر من تغطية على اصطفاف لا مصلحة للوطن السوري ، بما فيه النظام القائم فيه .
تبدأ الوثيقة بعبارة استفزازية تقول : "يا من ترون في الاستقلال الوطني ، والسيادة الوطنية والدفاع عن الكرامة الوطنية في وجه الامبريالية الأميركية والصهيونية مبرراً لوجودكم " . هذا الكلام يعني أن فقدان الاستقلال لبلد يعني أنه لا مبرر لوجود قوى سياسية وطنية ، كما أنه لا يأخذ بالاعتبار أن الوطن مفهوم سياسي متعلق بالنظام السياسي السائد وبالتالي الكثير من القوى السياسية ترى مبرر وجودها في معارضتها لهذا النظام ، بالتالي الكلام السابق للوثيقة لا يؤسس لتفاهمات عريضة من أجل مواجهة الخطر الأميركي . كما أنه يؤثر سلباً على بعض المترددين في الانخراط بتحالفات عريضة . إذ قد يكون الاحتلال ذاته مبرر وجود الوطني وقد يكون غير ذلك . إن وجود عبارة بهذا الأسلوب أمر استفزازي وضار بالوثيقة وأهدافها.
في عبارة أخرى تقول : "من الواضح أن قيام جبهة شعبية- وطنية عريضة للمقاومة والمواجهة المرتقبة ، لا بد أن ترتكز على أسس ديمقراطية وطنية ، توفر مستلزمات بناء وتعزيز الوحدة الوطنية الشاملة ، لتأمين أمن الوطن الذي هو فوق كل اعتبار ، وهو أعلى وأقدس من أمن أي نظام أو سلطة " تظهر في هذه العبارة مفارقة والتباس هدفه إظهار مفهوم الوطن وكأنه منفصل عن مفهوم النظام المسيطر . وهذه الحركة المفتعلة هدفها التهرب من إعطاء موقف واضح من النظام قبل المبادرة إلى الدفاع عنه وعن الوطن الذي يهيمن عليه هذا النظام .
إن قيام جبهة شعبية- وطنية ترتكز على أسس ديمقراطية وطنية تعيدنا إلى المواجهة بين "الشعبية" من جهة و"الديمقراطية" من جهة أخرى ، كما أنها تقع في التباس الخلط بين الديمقراطية من جهة وبين الحريات السياسية التي يعتبرها "إعلان دمشق" هي الديمقراطية بعينها ولا غير ذلك . أي أن الوثيقة هنا تقع في مطب فصل الشعبية عن الحريات السياسية مثلما وقع موقعو إعلان دمشق في مطب حصر الديمقراطية بالحريات السياسية دون الإشارة إلى مسألة احتكار الثروة حسب الدكتور التيزيني ودون الإشارة إلى خطر المشروع الأميركي الصهيوني على الديمقراطية وعلى كيان الوطن ذاته.
كل الالتباسات السابقة المشار إليها في مشروع الوثيقة تؤسس لهذه النتيجة الإقصائية لقوى سياسية واسعة من جبهة المواجهة مع المشروع الأميركي الإمبريالي ، تقول العبارة : "إن أي موقف لأية قوى سياسية يخلو من موقف واضح ضد الامبريالية الأميركية والكيان الصهيوني وتحميلها مسؤولية التطورات الخطيرة في المنطقة وحول بلادنا ، هو تحت الحد الأدنى المطلوب لإدراجه ضمن خانة الموقف الوطني . كما أن عدم الاستقواء بالخارج ليست كلمة تقال ، بل ممارسة تأخذ مصداقيتها من السلوك الملموس على الأرض "
إن فقرة كهذه تحتاج إلى صياغة متأنية وحكيمة حتى لا ندخل في ورطة التكفير والتكفير الوطني المضاد وحتى لا نحاسب على النوايا . فطالما المطلوب جبهة شعبية وطنية شاملة لمواجهة العدوان الأميركي يبقى المطلوب عدم تنصيب فريق من الوطنيين نفسه "بابا" الوطن يضع حدود تحتها يفقد المواطن السوري وقواه السياسية وطنيته مما يؤسس لاصطفافات وشروخ داخل الوطن السوري تصب الماء مباشرة في طاحونة المشروع الأميركي الإمبريالي . فالنوايا الطيبة لا تكفي . ومن دون إصلاح هذه الفقرة بشكل جذري لا يغدو للعبارة اللاحقة أي معنى التي مفادها : "تمثل الديمقراطية ضرورة داخلية ملحة لإعادة صياغة وتنظيم شؤون المجتمع على أساس مشاركة كافة الأطراف الوطنية" وهذه الضرورة الجذرية لإصلاح العبارة السالفة الذكر تنطبق على عبارة إعلان دمشق التي تقول : "الإسلام الذي هو دين الأكثرية وعقيدتها بمقاصده السامية وقيمه العليا وشريعته السمحاء يعتبر المكون الثقافي الأبرز في حياة الأمة والشعب . تشكلت حضارتنا العربية في إطار أفكاره وقيمه وأخلاقه ، وبالتفاعل مع الثقافات التاريخية الوطنية الأخرى في مجتمعنا، ومن خلال الاعتدال والتسامح والتفاعل المشترك ، بعيداً عن التعصب والعنف والإقصاء . مع الحرص الشديد على احترام عقائد الآخرين وثقافتهم وخصوصيتهم أياً كانت انتماءاتهم الدينية والمذهبية والفكرية، والانفتاح على الثقافات الجديدة والمعاصرة." هذه العبارة "الفخ" حسب قول لـ غسان مفلح تنسف كل البنية "الحديثة" والديمقراطية للإعلان وتجعل الكلام اللاحق لا معنى له ، كما أنها تؤسس أيضاً لاصطفافات ولمواجهة بين "الشعبية" من جهة وبين "الديمقراطية" من جهة أخرى ،مواجهة لا تخدم سوى المشروع الأميركي للشرق الأوسط والذي يهدف من بين ما يهدف إلى تحويل نظمه السياسية إلى نظم طائفية، تستبدل الحزب السياسي الحديث بالفرقة الدينية ، أي إلى نظم كولونيالية متجددة تخدم مصالحه ومصالح إسرائيل . لكل ذلك يغدو ضروريا إادة فتح نقاش جدي عن مجموعة "إعلان دمشق " بما يخص "العلمانية الديمقراطية " صديقة الدين والتي تؤسس لنظام الطوائف من حيث لا تدري ، وبما يخص "العلماني المعادية للدين" والتي يسميها حازم نهار بالعلمانية الطائفية ، وكأنه يسقط من - الإسقاط النفسي- ما تؤول إليه العلمانية الديمقراطية من نتائج طائفية على مفهوم العلمانية الذي يفصل الدين عن السياسة سواء أكانت دولة أو حزب سياسي طامح للسيطرة على سلطة الدولة البورجوازية الطرفية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص